الخرطوم ـ عبد القيوم عاشميق
أنهى مساعد الرئيس السوداني د. نافع علي نافع، السبت، زيارة إلى روسيا، رافقه خلالها وزير الاستثمار مصطفى عثمان إسماعيل، ووزير المعادن كمال عبد اللطيف، والتقى خلالها وزير خارجية روسيا، واستعرض معه العلاقات الروسية السودانية، كما قدم المسؤول السوداني شرحًا للجانب الروسي عن تطورات الأوضاع في بلاده. وتزامنت زيارة د نافع مع زيارة قام بها إلى هناك كبير مفاوضي دولة جنوب السودان باقان أموم، وتم لقاء ثلاثي ضم المبعوث الروسي الخاص للسودان ميخائيل مارغيلوف ود. نافع وباقان أموم، ودعا المسؤول الروسي الخرطوم وجوبا إلى تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بينهما في إثيوبيا قبل حلول فصل الخريف. وقال مارغيلوف: "على الرغم من إعلان استقلال جمهورية جنوب السودان واعتراف السودان باستقلالها، إلا أن العلاقات بين البلدين لا تزال مشوبة بالتوتر، بل تكاد تصل إلى مرحلة المواجهة العسكرية المباشرة، والسبب الرئيسي في ذلك هو عدم دقة الحدود للمناطق الغنية بالنفط في الدولة التي كانت موحدة في السابق". وتتحدث تقارير وتسريبات عن تأييد روسيا لفكرة تقسيم منطقة أبيي المتنازع على تبعيتها بين السودان وجنوب السودان. ويقول المفكر والباحث السياسي السوداني سليمان صديق عن مواقف روسيا من تطورات الوضع في السودان: إن روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي أصبحت تقايض في مواقفها، مشيرًا إلى أنها تخلت عن العراق أقرب حليف لها في منطقة الشرق الأوسط. وأضاف أن لروسيا مصالح مع إيران، لكن يظل موقفها من البرنامج النووي الإيراني غير قوي، وتكاد تفقد غالب مواقعها السياسية في العالم. وألمح صديق إلى أنها ربما تتفق مع الولايات المتحدة أو تنسق بعض مواقفها مع الغرب تجاه بعض القضايا، والسبب في ذلك أنها ليست في وضع عسكري واقتصادي كما كانت سابقًا، كما أنها ليست كما كانت تصورها الشيوعية في السابق. وبالنسبة إلى السودان يقول سليمان صديق: لا توجد مصالح سودانية سوفيتية متشابكة مثل المصالح مع الصين، في مجال البترول ومجالات أخرى. وأضاف صديق لـ "العرب اليوم": لقد تراجع في السنوات الأخيرة الارتباط مع روسيا، لكنه عاد وأشار إلى أن روسيا والصين وفنزويلا من حلفاء السودان في مجلس الأمن، وألمح إلى أن روسيا تشعر بأنها محاطة بقوى إسلامية في جنوبها، لذا ربما سعت إلى توظيف العلاقات مع السودان لمخاطبة التيارات الإسلامية في الجمهوريات الإسلامية، لانها شاهدت علاقة الإسلاميين السودانيين مع المجاهدين الأفغان خلال حربها في أفغانستان. وعما إذا كانت الزيارة ترتبط بملف أبيي المنتظر أن يتم تصعيده في مجلس الأمن الدولي، منتنصف الأسبوع الجاري، قال صديق: أعتقد لو كان الأمر كذلك لكان يجب أن يضم الوفد وزير الخارجية السودانية علي كرتي. وأضاف أن الحكومة السودانية تبحث عن تنشيط علاقاتها الدبلوماسية مع الآخرين دونما شك، ومن المؤكد أيضًا أنها ترغب في تشجيع الروس على الاستثمار في السودان، خاصة في مجال التعدين. من ناحية أخرى، يقول الخبير العسكري السوداني اللواء طيار عبد الله صافي النور إن علاقات بلاده مع روسيا ظلت جيدة، ولم تشهد توترًا إلا في حقبة السبعينات، لسبب انقلاب قامت به مجموعة الرائد هاشم العطا ضد نظام الرئيس الأسبق جعفر النميري. وأشار في تصريحات إلى "العرب اليوم" أن الاتحاد السوفيتي وخلال فترة السبعينات قام ببناء مصانع في عدد من ولايات السودان، خصصت لإنتاج الألبان والفواكه والتعليب. وألمح إلى أن الحكومات في السودان نالت نصيبها من التأييد والمساندة الروسية، بما في ذلك فترة حكم الصادق المهدي (الثمانينات). واختتم اللواء صافي النور حديثه بالإشارة إلى أن روسيا من الدول التي يتعاون معها السودان في المجال العسكري، بحصوله منها على حاجاته من الدفاعات الجوية والطيران، وأنها ظلت بعيدة عن التدخل في الشأن الداخلي للسودان.