أنقرة ـ العرب اليوم
يزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تركيا اليوم الاثنين للمشاركة في مؤتمر الطاقة العالمي الثالث والعشرين الذي يعقد في إسطنبول التركية.
وتحفل أجندة بوتين في تركيا بالعديد من القضايا وفي مقدمتها الملف السوري، وتطوير العلاقات الثنائية بعد تجاوز التوتر على خلفية إسقاط تركيا قاذفة روسية من طراز سوخوي 24 على حدودها مع سورية في 24 نوفمبر / تشرين الثاني 2015،
و من المنتظر في هذه الزيارة أن تركز المباحثات بين بوتين ونظيره التركي على المجالات الاقتصادية والطاقة بشكل خاص ومن المقرر أن يلتقي بوتين مع عدد من الرؤساء المشاركين في المؤتمر .
وعن اتفاقيات الطاقة المشتركة قالت مصادر تركية " أنه من المنتظر التوقيع على اتفاقيات ثنائية في مجال الطاقة تتعلق بخط الغاز الطبيعي "السيل التركي"، الذي سينقل الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر أراضي تركيا هذا إلى جانب إنشاء محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية في تركيا واتفاقيات اقتصادية وتجارية أخرى ".
وكانت الرئاسة التركية ذكرت في بيان لها حول الزيارة "أنها تعد استمرارا للقاءات بين أردوغان وبوتين بعد لقائهما في مدينة سان بطرسبورغ الروسية في 9 أغسطس /آب الماضي، ثم لقائهما في مدينة هانغتشو الصينية على هامش قمة زعماء مجموعة العشرين في 3 سبتمبر / أيلول الماضي ".
وعن الوضع المتأزم في سورية أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالا هاتفيا مع بوتين يوم الخميس الماضي لبحث الوضع ومحاولة إيجاد سبل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في حلب
وأكدت مصادر " أن أنقرة تريد العمل مع موسكو بشأن إيجاد حل للأزمة السورية، وأنهما سيعملان على تجاوز الخلافات في الرؤى فيما بينهما بشأن هذا الملف والعمل على نقاط الاتفاق " , ولفت البيان إلى أن المباحثات ستركز على تسريع تطوير العلاقات بين البلدين وإعادتها إلى سابق عهدها فيما قالت مصادر دبلوماسية "أن الملف الاقتصادي يتصدر أجندة المباحثات بين الرئيسين خلال هذه القمة ".
واعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو" أن على بلاده أن تعمل مع روسيا وأن يفكران سويا في إيجاد حلول لإنهاء الأزمة السورية ووقف الحرب الدائرة فيها منذ نحو 6 سنوات ".
وقال جاويش أوغلو، الذي تحدث لوكالة "سبوتنيك" الروسية، قبل يوم واحد من زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم، لتركيا للمشاركة في المؤتمر العالمي للطاقة الثالث والعشرين " إنه من الممكن ألا تتفق تركيا وروسيا في جميع المواضيع، إلا إن على الطرفين متابعة الحوار والنقاش من أجل التوصل إلى حلول مشتركة لأزمات المنطقة وبخاصة الأزمة السورية ".
وأوضح جاويش أوغلو " أن الإرادة التي أبداها الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين تصب في هذا الاتجاه وأن كلاهما يبذلان جهودا في هذا الخصوص. "
وقالت مصادر دبلوماسية إلى وسائل الإعلام " أنه لا توجد خلافات بين أنقرة وموسكو بشأن عملية درع الفرات أو رغبة تركيا في إقامة منطقة عازلة في المناطق التي تجري العمليات فيها حاليا والتي تخطط لها تركيا بأن تمتد لمسافة 5 آلاف كيلومتر مربع بعمق 45 كيلومترا في الأراضي السورية وبطول نحو 98 كيلومترا بين جرابلس والراعي ".
وأضافت المصادر " أن الموقف الأميركي من القوات الكردية في شمال سورية وإصراره على مشاركتها في عملية تحرير الرقة أدى إلى خلافات بين أنقرة وواشنطن، فضلا عن موقف واشنطن من الوجود العسكري التركي شمال العراق في معسكر بعشيقة والذي اعتبرته غير قانوني ".
في الوقت نفسه بحث وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو مع نظيره الأميركي جون كيري التطورات في سورية وعمليات القصف المتواصلة على المدن السورية في اتصال هاتفي تلقاه من كيري يوم السبت خلال وجوده في العاصمة التايلاندية بانكوك، للمشاركة في القمة الثانية لحوار التعاون الآسيوي، الذي يتمحور حول إنهاء الصراع في سورية. وقالت مصادر دبلوماسية "إن جاويش أوغلو وكيري بحثا جدول أعمال الاجتماعات المقرر عقدها في الفترة القادمة لبحث تطورات الشأن السوري " , هذا ويرافق بوتين خلال زيارته إلى تركيا وزيرا الطاقة ألكسندر نوفاك و وزير التنمية الاقتصادية أليكسي أوليوكاييف للمشاركة في المباحثات التي من المتوقع أن يتخللها توقيع اتفاقية بين الحكومتين بخصوص مشروع "السيل التركي" لنقل الغاز الذي سيحتل أهمية كبيرة في المباحثات بين الجانبين. وتنظر موسكو باهتمام إلى التعاون مع أنقرة في هذا المشروع في ظل إبداء الغرب مؤشرات على إمكانية توسيع عقوباته ضد روسيا بسبب تباين المواقف بالنسبة للأزمة في سورية
وما زال الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات اقتصادية على موسكو بسبب ضمها لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014، ودورها في الأزمة الأوكرانية، بالإضافة إلى الموقف الروسي المناقض للغرب فيما يخص دعمه العسكري لنظام بشار الأسد في سورية.
وأعلنت روسيا مطلع ديسمبر/ كانون الأول عام 2014 عن إلغاء مشروع خط أنابيب "السيل الجنوبي" الذي كان من المفترض أن يمر من تحت البحر الأسود عبر بلغاريا إلى جمهوريات البلقان والمجر والنمسا وإيطاليا، بسبب موقف الاتحاد الأوروبي الذي يعارض ما يعتبره احتكارا للمشروع من قبل شركة الغاز الروسية "غازبروم". وكبديل لذلك الخط، قررت روسيا مد أنابيب لنقل الغاز عبر تركيا ضمن مشروع "السيل التركي"، ليصل إلى حدود اليونان، وإنشاء مجمع للغاز هناك، لتوريده فيما بعد لمستهلكي جنوب أوروبا، ومن المتوقع أن يبلغ حجم ضخ الغاز الروسي فيه 63 مليار متر مكعب سنويًا، منها 47 مليار متر مكعب ستذهب للسوق الأوروبية، فيما سيخصص 16 مليار متر مكعب للاستهلاك التركي.
ومن المنتظر أن تشهد هذه الزيارة إعلان إلغاء الحكومة الروسية قرار تقييد استيراد المنتجات الزراعية من تركيا وتقييد تشغيل المقاولين ورجال الأعمال الأتراك في أراضيها. وكان حجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا قبل أزمة القاذفة الروسية 35 مليار دولار سنويا، تراجع خلال الأزمة إلى ما بين 27 و28 مليار دولار، بحسب إحصاءات رسمية. وكان أكبر القطاعات تضررا في هذه الأزمة قطاع السياحة في تركيا الذي يعتمد في جانب كبير منه على السياح القادمين من روسيا، التي فرضت حظرا على سفر السياح منها إلى تركيا بعد إسقاط طائرتها العام الماضي، لكنها عادت ورفعت هذا الحظر بعد زيارة أردوغان لروسيا في أغسطس، وعادت رحلات الشارتر، التي تشكل عصب السياحة الروسية إلى تركيا، في مطلع سبتمبر الماضي. وبدأت أولى خطوات تطبيع العلاقات بين أنقرة وموسكو بعد أزمة الطائرة الروسية في يونيو/ حزيران الماضي برسالة بعث بها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى نظيره الروسي أبدى فيها اعتذاره وأسفه الشديد على إسقاط الطائرة ..