أحيا الفلسطينييون في الضفة الغربية المحتلة أيام عيد الفطر السعيد، وسط تباين في طبيعة القضايا والموضوعات التي تصدرت أحاديث مجالسهم الجانبية ودواوينهم العائلية. وفيما تصدر الوضع الاقتصادي وغلاء أسعار السلع الأساسية والمحروقات في ظل القرار الحكومي قرار رفع قيمة الضريبة المضافة، وسط مخاوف من مواصلة الارتفاع المرتقب عقب العيد، بحيث تواصلت الدعوات إلى الحكومة الفلسطينية بالبحث عن سياسات اقتصادية بديلة تخفف عن كاهل المواطنين. ويقول المواطن أحمد عنبتاوي: إن تزامن عيد الفطر مع عودة المدارس والجامعات، أدى إلى زيادة المشكلات والنفقات، فيما يصيب ذلك غالبية الشارع الفلسطيني. وذلك في ظل تدني معدل الدخل الشهري للمواطن. وبينما لم تخل أحاديث مجالس العيد عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي واعتداءات المستوطنين، يظل الحديث عن الانقسام الفلسطيني سيد الموقف، فيما لا يتوقع المتحدثون تحقق مصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس"، وذلك لغياب إرادة وطنية سياسية بين الطرفين. لكن الأمل يبقى حاضرًا في هذا السياق. وفي هذا الصدد، يرى أمير الطويل، الذي كان يزور شقيقته أنه لا مصالحة إلا بإنجاز عدد من الملفات، مثل إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، إلى جانب الاتفاق على برنامج وطني موحد. ويقول آخر: لا مصالحة في ظل غياب إرادة وطنية وضعف الضغط الشعبي على القيادات في غزة والضفة الغربية. وأخذ الحديث عن قرار القيادة الفلسطينية استئناف المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي جانبًا مهمًا وحيويًا وسط استمرار الجدل في جدوى تلك المفاوضات من جهة وغياب جدية الاحتلال ونزاهة الإدارة الأميركية الراعية لهذه المفاوضات. وهنا رصد مراسل "العرب اليوم" في الضفة الغربية المحتلة عينة من تلك الأراء، بحيث يعتبر حمدان سمير (35عامًا): إن المفاوضات دائمًا ما تكون لصالح الطرف الأقوى. وعلى مدى أعوام طويلة لم تستطع القيادة الفلسطينية تغيير سير الأحداث لصالحها، رغم حقوقنا الفلسطينية المشروعة. ويذهب مواطن آخر في مداخلته للقول بأن "المتوقع أن يكون هناك فرصة كبيرة للوصول إلى تسوية سياسية ولو متوسطة المدى، تشهد تحسين الوضع الاقتصادي المتردي في البلد". وترى مجد عصيدة أن "الفلسطينيين لن يجنوا من المفاوضات شيئًا، ولن تعود بالمنفعة على الشعب، وفي كل مرة كانت إسرائيل تهتم بمصالحها ضاربة بعرض الحائط المطالب الفلسطينية". وتعتبر المفاوضات الأخيرة مضيعة للوقت، في ظل رفض الاحتلال لتقديم أية تنازلات تصب في مصلحة الفلسطينيين، والطرف الأضعف هو من سيقدم تنازلات أكثر. ويرى الصحافي علاء الطويل أن "العودة إلى المفاوضات دون شروط وضمانات، ودون غطاء شعبي حقيقي، مكتوب لها الفشل، خصوصًا بعدم وجود سقف سياسي واضح لتحقيق المطالب الفلسطينية المشروعة". وعلى الصعيد المقابل، أخذت النسوة يتحدثن عن "كعك" العيد، المعروف فلسطينيا بـ "المعمول"، بحيث يعد أحد أبرز الطقوس الاجتماعية خلال الأيام ويمنحها نكهة خاصة. وتناولت المتحدثات في هذا الجانب مفهوم "ثقافة المشاركة" والتعاون بين ربات البيوت، حيث تتطلب صناعة المعمول، قبل البدء بها جولة في السوق لشراء السميد والنكهات الخاصة، التي تميزه عن أنواع أخرى من الكعك، ثم في وقت لاحق، تجهيز عجينة المكونات، بحيث تكون متماسكة وسهلة التشكيل، في ظل ارتفاع أسعار مكوناته مقارنة بالعام الماضي. ولم تكن الانشغالات والهموم المحلية فقط الحاضرالوحيد في نقاشات المتزاورين في العيد، بحيث الوضع المصري، والحرب في سورية، كلها ملفات طغت على النقاشات. فما بين مؤيد لطرف ومعارض لآخر تواصل الحديث وتباينت الأراء. ويبقى لسان حال الفلسطيني في العيد، الذي تفوح منه رائحة القهوة العربية، ونكهة الكعك "الله يصلح الحال". وهي دعوة لعلها تصيب الفلسطينيين أنفسهم وأشقائهم العرب، خصوصًا في سورية ومصر وتونس.