غزة - العرب اليوم
يتصدر ملف اللاجئين الفلسطينيين الفارين من القتال في سورية واجهة الأحداث السياسية الفلسطينية في هذه الأيام، بعد تكرار حوادث غرق مهاجرين في البحر خلال هروبهم لبلدان أوروبية، آخرها المركب الذي غرق أول أمس خلال إبحاره بلاجئين فلسطينيين وآخرين سوريين من أحد موانئ ليبيا، وأدى إلى غرق عشرات الفارين. توارد الأخبار الشحيحة عن عملية الغرق أدخلت الفلسطينيين في حالة حزن شديدة، على الضحايا من اللاجئين الذين فروا من الموت بنيران المتناحرين في سورية، إلى الموت غرقا في مياه البحر المتوسط، بعد أن تقطعت بهم السبل جراء غرق المركب بفعل النيران الليبية، وتأخر وصول الإغاثة الأوروبية. فقد أعلن ليل الأحد عن غرق سفينة تقل مئات اللاجئين الفارين من القتال في سورية إلى أوروبا، في عرض البحر الأبيض المتوسط قبيل وصولها إلى السواحل الأوروبية بعد أن أبحرت من منطقة زوارا على الساحل الليبي. الأنباء أشارت إلى أن قارباً يقل مسلحين ليبيين اعترض السفينة، وادعى أنه من خفر السواحل الليبي، وأن القبطان رفض الانصياع لأوامر قارب المسلحين كونهم لا يرتدون الزي الرسمي، فأطلق المسلحون النار تجاه السفينة فأصابوا عددا من ركابها، وأحدثوا فيها خللا كبيرا، أدى فيما بعد إلى تلف مولداتها، ما أجبرها على التوقف فجر الأحد وطلب قبطانها النجدة من دول قريبة. قصة اللاجئين الفارين الذين كابدوا العناء حتى وصلوا من سورية إلى ليبيا لم تنته إلى هذا الحد في البحر، فقبطان السفينة وجه نداء استغاثة إلى السلطات الإيطالية لمساعدته في نجدة الركاب خلال غرق السفينة، فتلقى إجابة رفض على أنه في المياه المالطية، التي اعتذرت هي الأخرى عن المساعدة لعدم توفر الإمكانات لديها، ما أدى إلى غرق السفينة بعد الانتظار الطويل إلى الغرق بشكل كامل، قبل أن تصلها قوارب إنقاذ إيطالية ومالطية وتونسية، لتبحث عن ناجين، وتنتشل جثث الغارقين. ولم يعرف بعد عدد الضحايا، لكن هناك تقديرات تقول أن نصف ركاب السفينة وعددهم 400 شخص، ربما يكونون قد فارقوا الحياة، وبينهم أطفال كثر. ومع توارد الأخبار بشأن غرق السفينة دفعت أزمة اللاجئين الفارين من سورية لطرح تساؤلات فلسطينية عدة ومن كافة المستويات وأهمها الشعبية، عن كيفية مساعدتهم، وأخرى تشير لوجود تقصير رسمي في عدم توفير الحد الأدنى لهم من سبل الحياة في الدول التي فروا إليها بعد الهروب من قتال سورية. فمجمل الأوضاع المأساوية في البلدان العربية التي كانت ملاذ الهاربين من سورية من الفلسطينيين، بما فيها مصر التي وصلها عدد قليل من الفارين، دفعت أعداد كبيرة منهم لحلم العيش في بلدان أوروبية يحصلون فيها على شيئ من متطلبات الحياة الكريمة، فكان ركوب البحر في قوارب هجرة غير شرعية هي وجهة هؤلاء، وكان نصيبهم كالعادة الغرق والموت بعيدا عن هواء الوطن وقرب الأهل. ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في سورية بنحو نصف مليون شخص، وذكرت الأمم المتحدة أن أكثر من نصف هذا العدد تشرد في بلدان عدة جراء الحرب، التي قتل فيها آلاف اللاجئين في هجمات عدة طالت بيوتهم داخل المخيمات، وأهمها مخيم اليرموك. ودفعت الأحداث الدامية وأصوات الرصاص والقنابل والصواريخ التي انهالت أكثر من مرة على بيوت وأسواق اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك بسكانه إلى النزوح إلى دول المحيط في لبنان وتركيا والأردن، والتي فرضت إجراءات مشددة على هؤلاء اللاجئين بخلاف الفارين السوريين، متذرعة بأنها لا تريد إضافة أعداد جديدة للاجئين لديها من الفلسطينيين. وكان اللاجئون الذين فروا على أكثر من مركب غرق اثنان منها خلال أسبوع يسعون للنزوح من نار سورية المتأججة، لكنهم لم يجدوا في طريقهم إلا برودة في الموقف الأوروبي في التعامل معهم لحظة الغرق، تعكس على ما يبدو ليس فقط أجواء تلك البلدان المقبلة على شتاء قارس، وإنما في المواقف السياسية والإغاثية حيالهم. هذا وقال رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمد الله أن حكومته تتابع تداعيات كارثة غرق سفينة اللاجئين الفلسطينيين المأساوي، وأعلنت وزارة الخارجية ‘متابعتها الحثيثة’ للحادث، وقالت أنه وبتوجيهات من الرئيس تم تشكيل خلية عمل لمتابعة الموضوع من سفارات دولة فلسطين في مالطا ليبيا إيطاليا مصر، للعمل على مدار الساعة للتأكد من المعلومات عن أعداد المفقودين، وتقديم كافة التسهيلات والمساعدة للناجين، والتواصل مع الجهات المعنية الرسمية في كل من مالطا وإيطاليا وليبيا. وذكرت الخارجية الفلسطينية أنه بحسب سفارة فلسطين في مالطا فانه تم إنقاذ 147 شخصاً، من بينهم ما يقارب 40 فلسطينياً من اللاجئين الفلسطينيين الهاربين من سورية، إضافة إلى 57 مهاجراً تم إنقاذهم من قبل السلطات البحرية الإيطالية.