غزة ـ وفا
لم يلبس الطفل 'يوسف' اليوم الاثنين ملابس العيد الجديدة كباقي السنوات السابقة، حزنا على أرواح شهداء العدوان الاسرائيلي وغاليتهم من الأطفال والنساء. لبس 'يوسف' ابن الثمانية أعوام ملابس قديمة، بينما كان يلهو مع أبناء عمه على أرجوحة حديدية نصبت على مفترق أحد الشوارع في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة. وببراءة الأطفال قال يوسف صاحب البشرة البيضاء:'لم اشتر ملابس للعيد لأنه في حرب وشهداء.' وتقدر مصادر طبية عدد الشهداء من الأطفال بأكثر من مائتين، بينما بلغ عدد الجرحى حوالي 1600 طفل. مدينة غزة بدت اليوم مختلفة عن الأعوام السابقة فشوارعها كانت شبه خالية من المارة والمركبات، والتزم غالبية المواطنين منازلهم ولم يصلوا أرحامهم. غابت الفرحة عن وجوه الغزيين هذا العيد... وحلت عبارة 'الحمد لله على السلامة' بدلا من 'كل عام وأنتم بخير'. عائلات غزية قضت أول أيام العيد في 'مدارس الإيواء' التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'الأنروا'، أو في ساحات المستشفيات والحدائق العامة. ودمرت قوات الاحتلال خلال عدوانها المستمر منذ 22 يوما أحياء بكاملها على رؤوس ساكنيها كحي الشجاعية شرق مدينة غزة وبلدة خزاعة شرق خانيونس جنوبا، ما أدى الى استشهاد المئات من المدنين وتشريد الآلاف. لم يذهب أطفال غزة هذا العيد الى المنتزهات والحدائق العامة والمطاعم لقضاء أجمل الأوقات، خوفا من أن تطالهم قذائف وصواريخ الاحتلال لتلحقهم بمن سبقوهم من قرنائهم الشهداء. واقتصرت تهاني العيد بين المواطنين وأقربائهم قطاع غزة، عبر الهاتف أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي على 'الانترنت'. فهذا العيد لم يصل فايز شحادة أرحامه بسبب العدوان الإسرائيلي، لافتا إلى أنه يخجل أن يخرج من بيته ودماء الشهداء لم تجف بعد. وتساءل شحادة (55 عاماً)، كيف نحتفل بالعيد ورائحة الدم والبارود تملئان أجواء غزة، مشيرا إلى أنه لم يشتر كسوة العيد لأولاده احتراما لدماء الشهداء وعذابات الجرحى والمشردين. وتابع: 'قمت فقط بالاطمئنان على بناتي المتزوجات وأخواتي وهنأتهم بالعيد عبر الهاتف'، منوها إلى أنه يقيم في بيته بعض النازحين من حي الشجاعية.' وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أسر بكاملها شطبت من 'السجل المدني' مثل أسرة الكيلاني التي استشهد جميع أفرادها السبعة منهم خمسة أطفال رحلوا قبل العيد. ومازال مئات الأطفال يتلقون العلاج في مختلف مستشفيات وعيادات قطاع غزة، فيما آخرون تنتابهم كوابيس ليلية. وتحولت حديقة الجندي المجهول في حي الرمال بمدينة غزة الى مأوى لمئات المواطنين، بعد أن كانت في الأعياد السابقة تزدحم بآلاف المواطنين. ويقول الطفل وسام حسن (11 عاما):' لم أذهب هذا العيد الى الجندي المجهول لتناول الشاورما؛ لأني حزين على الشهداء'، 'وكل الأطفال بيفرحوا وبيلعبوا بالعيد إلا أطفال غزة بموتوا كل يوم.'