قوات الاحتلال في الضفة


أصيبت أم محمد سعيد من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة بالصدمة، وهي تستمع لأخبار مداهمة وإغلاق عدد من المؤسسات الخيرية، خلال الحملة العسكرية الأخيرة، والتي طالت أكثر من 40 مؤسسة، تخدم غالبيتها فئات الأرامل والأيتام وتقدم خدمات لعشرات آلاف الأسر شهريا.وتشير سعيد إلى أنها تتلق مخصصات شهرية ومساعدات عينية وكفالات أيتام من عدد من المؤسسات الخيرية عن أولادها الأيتام، تساعدها على تدبر شئون أسرتها؛ متسائلة "ماذا سيكون مصير عائلتها المكونة من سبعة أفراد بعد هذه القرارات؟".وقد فاقم تزامن القرارات الإسرائيلية الأخيرة- والتي أعقبت عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة في الخليل على الرغم من عدم وجود علاقة بين المؤسسات المستهدفة وأية انتماءات سياسية- مع حلول شهر رمضان المبارك، مما أربك خطط المؤسسات وبرامجها للشهر الفضيل، وهو ما يعني إرباكا لدى البعض وحرمانا لدى البعض الآخر في تطبيق برامج رمضانية عملوا عليها لسنة خلت.
الفقراء يسحقون
ويؤكد رئيس الجمعية الإسلامية في الخليل الشيخ حاتم البكري- والتي علقت سلطات الاحتلال على بابها قرار الإغلاق دون أن يتم إبلاغها بذلك من أي جهة بشكل رسمي- أن قرار الإغلاق إن نفذ فعلا فهو يعني كارثة للفقراء.ويشير إلى أن الجمعية تقدم الكفالات ل5000 يتيم، و3000 أسرة فقيرة، ويوجد بها 600 موظف، قسم منهم حالات اجتماعية ومنهم ذوو إعاقة، مما يعني أن المستفيدين المباشرين المنتظمين من الجمعية يزيدون عن 25 ألفا، وهذا رقم كبير.ويقول البكري لـ"صفا": "لدينا مشكلة في مصنع الريان التابعة للجمعية بوجود قرار هدم مسبق له من قبل سلطات الاحتلال لدواع لها علاقة بتنظيم البناء، واليوم أضافوا لها الإغلاق الأمني، مما جعلنا نعمل بأقل من طاقتنا الإنتاجية بكثير، سيما وأننا في العادة نزيد الانتاج خلال رمضان ولا نخفضه".وينوه إلى أن مشكلة المداهمات وقرارات الإغلاق في أن أثرها ينعكس سلبا على الفقراء حتى لو تم إزالة قرار الإغلاق، وذلك لأن المؤسسات سيما في العالم العربي تخاف من التعامل مع المؤسسات التي تتعرض للدهم خشية اتهامها بالإرهاب.ويضيف "نحن ما زلنا نعمل، وبشكل قانوني ومرخص من قبل الوزارات والجهات المختصة، ولكن مثلا في كل عام نوزع 4000 طرد غذائي ولكننا لحد الآن لم نستطع تجنيد سوى ألف بسبب الأحداث، وهذا يعني حرمان الأسر المتعففة من المساعدات ولكننا لن نتوقف فنحن نعمل تحت الشمس".ويبين أن الجمعية تقوم بمتابعات قانونية للإشكالات التي حدثت والتي تندرج في إطار سياسة العقاب الجماعي وليس في إطار خلل في عمل الجمعية.ويستطرد قائلا: "إسرائيل تحاسبنا على اسمنا وليس على فعلنا، فهي استهدفت الجمعية لأن اسمها الجمعية الإسلامية، ولم تحاسبنا على فعلنا الواضح حسب أصول وقواعد الشفافية والرقابة والتي يمكن التأكد منها بسهولة".
مداهمات وليس إغلاق
ويقول المحامي صلاح موسى وهو استشاري قانوني لعدد من المؤسسات الخيرية والدولية العاملة في فلسطين: إن غالبية المؤسسات الخيرية والأهلية التي تعرضت للدهم في الفترة الأخيرة لم تتلق قرار إغلاق من قبل سلطات الاحتلال، وبالتالي فهي من الناحية القانونية تستطيع القيام بمهامها.ويضيف أن "ما جرى لغالبية المؤسسات هو اقتحام مقرات ومصادرة أجهزة حاسوب وأرشيف وملفات مستفيدين، ولم يعلق على أبوابها قرار من الحاكم العسكري بإغلاقها الدائم أو المؤقت".ويردف "نحن من الناحية القانونية لا نرى أن ذلك يعتبر إغلاقا، بل جزءا من عمليات التنغيص التي تتعرض لها المؤسسات في إطار سياسة العقاب الجماعي الذي تتعرض له المؤسسات، فهناك مؤسسات سمعت عن إغلاقها في وسائل الإعلام دون قرار مكتوب وهذا ليس إغلاق ذو صبغة قانونية يبنى عليه".ويشير إلى أن هناك إجراءات قانونية عديدة يمكن العمل عليها من أجل معالجة قرارات إغلاق من وصله قرار إغلاق، فهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض لها المؤسسات الخيرية العاملة في فلسطين من أحداث سبتمبر 2001.وينصح المؤسسات بالتواصل مع محامين من داخل أراضي 48 من أجل أن يقوموا بإيجاد صيغ لوقف المنع وتوضيح طبيعة عمل المؤسسات.ويؤكد أن جميع المؤسسات المداهمة تعمل وفق المعايير الدولية والقوانين الفلسطينية الناظمة لعمل المؤسسات الأهلية المحلية منها والدولية وتخضع للرقابة والمتابعة لأدائها، وهو أداء علني شفاف، وبالتالي لا يمكن أن يكون للتهم التي تطلقها سلطات الاحتلال أي أساس.كما يشير إلى أن عمل المؤسسات يخضع حسب القانون الفلسطيني لقانون الهيئات الأهلية، ولكن المشكلة أن سلطات الاحتلال تعتبر صاحبة السلطة الأقوى من خلال الأوامر العسكرية والتي تمنح القائد العسكري صلاحية إغلاق أي مؤسسة.