القوات الصومالية

لم تنس ذاكرة المقدشاويين مأساة مطعم ليدو للمأكولات البحرية، التي راح ضحيتها أكثر من عشرين شخصا وإصابات فاق عددها أكثر من ذلك في ليلة الحادي والعشرين من شهر يناير مطلع العام الحالي.

وبما أن العاصمة كانت تشهد تطورا ملحوظا بعد أن دخلت تحت سيطرة الدولة الصومالية بشكل كامل، وإثر تنفيذ المشاريع الإنمائية، وبناء بعض الشوارع الرئيسية داخل العاصمة بتبرعات من الحكومة التركية، حيث انتشرت الفنادق والمطاعم النموذجية بشكل سريع، وبدأ الشعب يتنزه في المطاعم الساحلية والفنادق الفاخرة عوائل وأصدقاء، إلا أن عناصر حركة الشباب كانت تعد هجماتها وتفجيرات المستهدفة في تلك الفنادق والمطاعم، ما أدى إلى أن يصبح المدنيون عرضة لتك الهجمات الدامية التي تشنها حركة الشباب.

ولم تفلح هيئات الحكومة الفيدرالية توقيف هذه الهجمات والتفجيرات وإفشالها وتفكيك الخلايا المختفية التي تدبر وتعرقل أمن العاصمة، وتدير بحرفية تلك التفجيرات الانتحارية.
أنجع ما تقوم به الهيئات الأمنية في العاصمة مقديشو، قطع الطرق القريبة من الفنادق المستهدفة من قبل عناصر حركة الشباب بالمتاريس الحجرية، لمنع السيارات من المرور قرب الفندق، مما يؤثر سلبا على سير الحياة العامة في العاصمة، حيث أصبح من الصعب التجول بشكل سهل داخل العاصمة لأن أغلب الطرق ممنوعة من المرور.
قصف بقذائف الهاون نهارا:

في الخامس والعشرين من هذا الشهر وبالتحديد ظهر يوم الخميس الماضي شهدت العاصمة قصفا بمدافع الهاون نحو القصر الرئاسي والمناطق القريبة منه، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة – أم وطفليها-.

كانت ظاهرة غريبة في هذا الوقت بالتحديد، حيث ينتشر قوات الأمن في كل مديريات المحافظة، وأن أمن العاصمة بيد قوات الحكومة، حيث تقوم مرة تلو أخرى بعلميات أمنية مكثفة داخل أحياء العاصمة، مما يجعل من الصعب أن تقوم جماعة مسلحة بقصف قذائف الهاون في النهار، ثم تنفلت من الاعتقال والمطاردة.
ولكن بعد تنفيذ العملية أعلنت وزارة الأمن على لسان متحدثها بأنهم اعتقلوا عشرين شخصا بعمليات أمنية واسعة النطاق بعد الهجوم المدفعي الذي استهدف الرئاسة في يوم الخميس، كما ألقوا القبض على سيارات وأسلحة استخدمت لهذا الهجوم.

هذه هي أبشع طريقة تستخدمها حركة الشباب، حيث توزع قذائف الهاون على أحياء العاصمة مستهدفة مباني حكومية وقواعد عسكرية إلا أنها غالبا ما تصيب على الأحياء السكينة، وتؤدي إلى نزوح جماعي من المناطق المستهدفة.

الهجوم على فندق إس واي إل (SYL) :
شهدت العاصمة قبل أمس تفجيرات وقعت قرب  فندق SYL   ومطعم  (Muno) القريب من حديقة السلام في مديرية حمروين بالعاصمة مقديشو، وسبب دمارا كبيرا في المباني القريبة من الفندق، وعلى الرغم من شدة وقوة الأدوات المتفجرة إلا أنها أدت إلى مقتل قرابة عشرة أشخاص وإصابة أكثر من ذلك.

كان التفجير أقوى تفجير استخدمته حركة الشباب داخل العاصمة حسب تصريحات وزير الأمن عبد الرزاق عمر ، مشيرا إلى أنهم علموا بعد تحقيقات قاموا بها خبراء المتفجرات بأن وزن الأدوات المتفجرة التي كانت على متن السيارة يقدر بمائتي كيلو غرام، أما وزن الأدوات المتفجرة في هجوم فندق جزيرة كان 150 كيلو غرام.
أعلنت وزارة الأمن للحكومة الفيدرالية بأن قوات هيئة الأمن القومي تصدوا للهجوم ومنعوا من السيارة تجاوز نقطة التفتيش ما أدى إلى تفجير السيارة، كما قتلوا جماعة مسلحة كانت تريد دخول الفندق بعد التفجير، وبهذا أفشلوا خطة الهجوم الارهابي حسب تصريحات الوزارة.

حركة الشباب تهاجم على قاعدة (مصلح) العسكرية:

قامت عناصر من حركة الشباب المرتبطة بتنظم القاعدة الدولي هجوما على قاعدة مصلح العسكرية في ضواحي (سوقَ حولَها Suuqa xoolaha) بمديرية هوريوا، واستمر الهجوم قرابة ساعة استخدم فيها أنواع الأسلحة الرشاشة والقذائف اليدوية، ولم تعرف بعد خسائر الهجوم، ولم تصدر تصريحات من قيادة أميصوم التي يرتكز قواتها داخل هذه القاعدة، ولكن المواقع المؤيدة لحركة الشباب أعلنت أنها هاجمت هذه القاعدة.
يبدو أن حركة الشباب كثفت عملياتها في العاصمة مقديشو حيث قامت خلال أسبوع واحد تنفيذ ثلاث عمليات مختلفة في أحياء العاصمة.

تصريحات مدير هيئة الأمن القومي:
بعد ليلة من التفجيرات عقدت الهيئات الأمنية اجتماعا لمناقشة أمن العاصمة، وحسب تصريحات مدير هئية الأمن القومي عبد الرحمن توريرى فإنهم اتفقوا على أن تسند مسئولية أمن العاصمة على عاتق إدارة محافظة بنادر وهيئاته الأمنية، حيث كانت محافظة بنادر سابقا تقتصر مهمتا بالعلميات الأخرى غير الأمنية التي كانت على عاتق قوات الحكومة الفيدرالية، وهي الصلاحيات التي طلبها العمدة السابقون وتم رفضها من قبل الهيئات الأمنية التابعة للحكومة الفيدرالية.

أفاد توريرى بأن مسئولية أمن العاصة بعد اليوم سيحاسب إدارة المحافظة على أي افلات أمني قد يقع في العاصمة، مشيرا إلى أن في الوقت السابق كانت هناك فجوات بين الهيئات الأمنية والشعب، وإدارة المديرية، أما فيما بعد الآن فقد يعملون معا لضبط الأمن والاستقرار.
وختاما:
هنا يطرح سؤال نفسه، إذا كانت القوات التابعة للهئيات الفيدرالية لم تفلح إيقاف وإفشال الهجمات المدبرة من قبل عناصر من حركة الشباب، فكيف تستطيع قوات تابعة لمحافظة بنادر تحقيقها؟
قضية اسناد مسئولية أمن العاصمة على إدارة المحافظة هي اختصاص طلبها كل من محمد أحمد نور ترسن، حسن محمد حسين مونغاب إلا أن الهئيات الفيدرالية كانت ترد بالرفض، ولكنها أخيرا قبلت أسنادها إلى المحافظ الحالي يوسف حسين جمعالى، ولكل جواد كبوة، فمادامت المسئولية جديدة وليس للمحافظة قوات مدربة لتولي أمن العاصة التي تعد من ضمن أخطر العواصم أمنيا، قد يكون صعبا على الإدارة توليها.

تعلن الهيئات الأمنية للحكومة الفيدرالية غالبا بأنها قامت بإفشال عمليات ارهابية بعد مقتل وإصابة العشرات. وحسب تصريحات وزارة الأمن في الهجوم الأخير فإن القوات التابعة لهيئة الأمن القومي قامت بإفشاله رغم مقتل بضعة أشخاص وإصابة العشرات.

كان من المفترض إفشال الهجمات قبل حدوثها، كتفكيك خلايا خفية تقوم بتدبير الهجمات والعمليات الاغتيالية المدبرة، مادام العناصر موجودة داخل العاصمة أو المناطق التي تسيطرعليها الحكومة، حيث أغلبية عواصم المدن  والطرق ونقاط التفتيش بيد قوات الحكومة الفيدرالية، وأن عناصر حركة الشباب المرتبطية بتنظيم القاعدة الدولي ليس لها وجود عسكري ظاهر في العاصمة مقديشو وفي المدن الرئيسية القريبة من العاصمة ، حيث يختفون في بعض القرى والأرياف في محافظة شبيلى السفلى أو الوسطى، إلا أن عناصرها في العاصمة تبدو نشطة للغاية، حيث تقوم بتنفيذ عمليات اغتيالية تطال موظفين من الدولة، وهجمات تفجيرية تستهدف مقار الدولة والفنادق التي تأؤي مسئوليها.

ورغم أن القوات الأمنية للحكومة الفيدرالية منتشرة في الطرق والشوارع الرئيسية في العاصمة، حيث يقومون بإيقاف السيارات والتأكد من سلامتها عن العمليات الارهابية، وينفذون عمليات ليلية نوعية في بعض الأحياء بسبب حصول معلومات استخباراتية تدل على وجود عمليات تعرقل الأمن العام إلا أن أمامها طريق طويل لتولى مسئولية الأمن بشكل كامل، والتصدي للعمليات التفجيرية قبل حدوثها.

كما أن على سكان العاصمة توخي الحذر عن الهجمات التي تستهدف الفنادق وبعض أماكن التنزه العامة، مادامت مستهدفة من قبل عناصر حركة الشباب.