صنعاء ـ العرب اليوم
تستمر لليوم الرابع الأزمة الدستورية والسياسية فى اليمن التى فرضتها استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادى واستقالة الحكومة مما أدى إلى فراغ فى السلطة التنفيذية التى تسير البلاد وفى ظل تحكم جماعة أنصار الله الحوثيين على السلطة الفعلية بعد استيلائهم على دار الرئاسة وحصار منزل الرئيس عبد ربه منصور هادى وعدد من الوزراء الجنوبيين والمحسوبين على حزب الإصلاح خوفا من هروبهم إلى عدن مما قد يزيد الأمور تصعيدا .
وحسنا فعل مجلس النواب بعدم عقد جلسته المقررة أمس للبت فى استقالة الرئيس ليعطى مهلة جديدة للقوى السياسية للتوصل إلى حل دستورى يقوده المجلس التشريعى بموافقة القوى السياسية لإعطائه قبولا شعبيا ولكن الأحداث على الأرض أفشلت الاجتماعات التى يقودها جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن إثر انسحاب 4 أحزاب من تكتل اللقاء المشترك من اجتماع الأمس برعاية ابن عمر بسبب قيام اللجان الشعبية التابعة للحوثيين بضرب المتظاهرين السلميين الذين خرجوا فى مظاهرة أمام جامعة صنعاء للتعبير عن رفضهم تواجد الميليشيات الحوثية فى صنعاء والمحافظات اليمنية ولما كانت هذه القوى هى التى تنظم المظاهرات فإنها لم تجد أمامها سوى الانسحاب من الاجتماع وألقت بالمسئولية على الحوثيين وقالوا إنهم رفضوا كل المقترحات لحل الأزمة من خلال إقناع الرئيس بالعدول عن استقالته وأن يرفضها البرلمان .
والواضح أن المفاوضات تسير فى اتجاهين الأول بين أنصار الله وحليفه حزب المؤتمر الشعبى العام برئاسة على عبد الله صالح الرئيس السابق والذى يبدو أن الحل الذى يقترحه المؤتمر بقبول استقالة الرئيس وتشكيل مجلس رئاسى برئاسة يحيى الراعى رئيس مجلس النواب أو أية شخصية يتفقا عليها يرفضه أنصار الله الذين يريدون المشاركة فى الحكم ولكن الغضب الشعبى العارم ضدهم بعد الأحداث الأخيرة يجعل من تواجدهم فى أى شكل للحكم صعبا خاصة إذا تصدروا المشهد .. ولذلك يحاول أنصار الله التواصل مع الأحزاب الأخرى خاصة حزب التجمع اليمنى للاصلاح /الإخوان المسلمين/ الذى يقود "تكتل اللقاء المشترك" المكون من 7 أحزاب فى محاولة للتوصل إلى صيغة تؤدى إلى الحل ولكن التكتل يدرك تماما مدى المأزق الذى وقع فيه أنصار الله ويحاول الوصول إلى صيغة تبقى الرئيس وتزيل الضغوط التى يمارسها أنصار الله عليه .
وانتظارا للحل الذى يأتى من الداخل يبدو أن الفرقاء فى اليمن لن يستطيعوا التوصل إلى صيغة ترضى جميع الأطراف ولذلك فإن الأمل فى تدخل إقليمى ودولى إلى جانب جهود مبعوث الأمم المتحدة التى لا يرضى عنها الكثير من القوى السياسية وهذا ما أكده الرئيس الأمريكى باراك اوباما، فى تصريح له، أن الولايات المتحدة تعمل مع دول الخليج لحل الأزمة فى اليمن ..
وأن صحت الأنباء التى تحدثت عن اتفاق القوى السياسية على عقد اجتماع اليوم برعاية جمال بن عمر فإنها لن تفضى إلى أية نتائج على الأرجح انتظارا لتطورات إيجابية سواء داخلية أو خارجية .
وعلى الرغم من قرار مجلس النواب بتأجيل البت فى استقالة الرئيس إلا أنه قرر عقد اجتماع لهيئة رئاسة المجلس ورؤساء الكتل البرلمانية واللجان النوعية فيه اليوم لبحث دور المجلس وما يجب عليه القيام به باعتباره الجهة الدستورية الوحيدة فى البلد .
واهتمت الصحف اليمنية المستقلة بتطورات الأوضاع السياسية فى اليمن وسط غياب تام للصحف الرسمية التى أصبحت تحت وصاية الحوثيين وكذلك وكالة الأنباء الرسمية ..فتقول صحيفة "اليمن" اليوم التابعة لحزب المؤتمر أن المشاورات التى يرعاها جمال بن عمر مع مختلف القوى السياسية بشأن تحديد ملامح المرحلة المقبلة وكيفية الخروج من الأزمة قد باءت بالفشل ولا تنبىء بقرب الانفراج .. ونقلت عن مصدر سياسى أن المشاورات ما زالت فى مرحلة فرض الإرادات .
وأكد المصدر أن مشاورات ابن عمر تواجه صعوبات كبيرة وقد لا تكلل بالنجاح مما يستدعى سرعة تحديد جلسة للبرلمان للبت فى الاستقالة ..وردا على ما يتردد بخصوص تراجع هادى عن الاستقالة أكد المصدر أن الأمر قد خرج من يد الرئيس والإرادة الآن بيد البرلمان لأنه من توجه له الرئيس بالاستقالة .
وقالت الصحيفة، فى افتتاحيتها، أن البرلمان والدستور هما المرجعية الوحيدة القادرة على حفظ كرامة كل طرف وهما المخرج الوحيد والمتاح للحالة السياسية المحتقنة فى ظل مناقشات لم تؤد إلا للمزيد من التقريب بين النار والبارود .
وأوضحت صحيفة "الاولى" أن "اللقاء المشترك" انسحب من الاجتماع مع الحوثيين برعاية جمال بن عمر وعلق المفاوضات معهم بسبب خيارات جديدة وضعتها جماعة الحوثيين، كما أنهم تراجعوا عن اتفاق لإقناع الرئيس بالعدول عن الاستقالة واقترحوا تشكيل مجلس رئاسى ..فيما أكدت مصادر تكتل المشترك أن خيار البرلمان بالنسبة لهم خيار مستبعد لسيطرة المؤتمر عليه .
أما صحيفة "الشارع" فقد أكدت أن المفاوضات بين القوى السياسية والحوثيين لحل الأزمة لم تبارح مكانها ولا يعرف بعد الإجراءات التى ستتخذها الجماعة فى ظل انتظار جميع القوى السياسية لقرار عبد الملك الحوثى لإنهاء هذه الأزمة ..
وأوضحت الصحيفة أن الرئيس السابق صالح يبذل جهودا كبيرة للوصول إلى اتفاق مع الحوثيين لحل الأزمة عبر قبول البرلمان الاستقالة والذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، فيما ترى الجماعة تشكيل مجلس رئاسى تحدد هى أطرافه .
ولفتت الصحيفة نقلا عن مصدر سياسى إلى أن هناك مقترحين رئيسيين لحل الأزمة ، الأول رفض الاستقالة والتمديد للرئيس لثلاثة أشهر يتم خلالها الاتفاق على استكمال الدستور وتعديله والاستفتاء عليه بالتزامن مع انتخابات رئاسية وبرلمانية وتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد التمديد للرئيس، والثانى أن تتفق جميع الأطراف على شخصية جنوبية لمنصب الرئيس بدلا من هادى يعمل على استكمال المرحلة الانتقالية ولكن لم يتم حتى الآن التوصل إلى اتفاق بين الحوثى وصالح فى الوقت الذى يجرى فيه حزب المؤتمر مفاوضات مع سفراء الدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة على نقل السلطة بعد ما أجمعوا على أن هادى فشل فى مهامه .
أ.ش.أ