الدكتور مجدي بدران

كشف عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، واستشاري الأطفال وزميل كلية الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، الدكتور مجدي بدران، أن تدخين السيدة الحامل وراء تعثر ابنها في القراءة، وتدخين الأب عندما كان مراهقا وراء إصابة أطفاله بالربو.

وقال لـ"العرب اليوم" إن "التعرّض النشط أو السلبي للتبغ كان وما يزال السبب الرئيسي للتمرض والوفيات التي يمكن الوقاية منها في العالم خلال القرن العشرين، ومع استمرار غياب ثقافة الوقاية من توابع تدخين التبغ يبدو أنه سيظل كذلك في القرن الحادي والعشرين أيضا، فالتدخين الإيجابي والسلبي له تأثيرات هامة على صحة الطفل، ويبدأ التعرض بدءا من المشيمة إلى الجنين ومراحل الطفولة من خلال التعرض السلبي للتدخين التجريبي والايجابي".

وأضاف "من عواقب التدخين مع الحمل أن الأدلة العلمية تؤيد وجود علاقة سببية بين تدخين التبغ وعرقلة النمو داخل الرحم ومتلازمة موت الرضيع المفاجئ، وزيادة معدلات وفيات المواليد 150% ولادة طفل ميت، وانخفاض وظائف الرئة في المواليد والرضع، وزيادة معدلات عدوى الجهاز التنفسي، والتهاب الأذن الوسطى، وأزيز الصدر الناتج عن ضيق الشعب الهوائية، والربو الشعبي، والاضطرابات العصبية السلوكية، وبداية باقة من أمراض العصر المزمنة تبدأ مع الجنين مارة بالطفولة حتى البلوغ وبعده وخاصة الأمراض الرئوية وأمراض القلب والأوعية الدموية، كما أن التعرض للتبغ أثناء الحمل قد يؤدي إلى اضطرابات في نمو الجنين, ويمكن أن يؤثر سلبًا على الحمل والحالة الصحية للوليد، والإجهاض، والحمل خارج الرحم، بزيادة بنسبة 250%، والولادة المبكرة، والتدخين يسبب 15% من الولادة المبكرة حتى في غياب التدخين فوجود أدخنة التبغ في الهواء يسبب صعوبات في الحمل".

وتابع "التدخين يسبب مشاكل بالمشيمة، وقلة تدفق الدم في المشيمة والحبل الصري، وزيادة تكلس المشيمة، وقلة قدرة المشيمة على تجديد الخلايا، والانتحار المبرمج لخلايا المشيمة، والشيخوخة وانقطاع المشيمة، وقلة وزن وصغر المشيمة، وربما يمنع التدخين الحمل لإقلاله الخصوبة لدى الزوج والزوجة خاصة مع التدخين الشره، فالتدخين يشل الأهداب التي تبطن قناة فالوب التي تنقل البويضات من المبيض للرحم والقناة التي تنقل للحيوانات المنوية من الخصية للقضيب، كما التدخين يزيد من نقص كفاءة قنوات فالوب، ويزيد من الحمل خارج الرحم، خاصة في قناة فالوب".

وواصل بدران "النساء المدخنات لعشرين سيجارة يوميا لديهن فرص الحمل خارج الرحم أربعة أضعاف النساء الغير مدخنات، وفرص حدوث الحمل خارج الرحم في قناة فالوب ذاتها 98%، والأخطر أن التدخين خلال الحمل يؤثر أيضا على نمو وتطور وكفاءة قناة فالوب في الجنين الأنثى، أي أن تدخين الجنين يهدد بتحويلها لأنثى عقيمة بعد عشرات السنين، ومن حيوانات التجارب، تعلمنا أن النيكوتين يقلل من تدفق الدم في قناة فالوب، والتدخين يقلل قدرة قناة فالوب على التقاط البويضة من المبيض، وهذا يفسر ارتفاع معدلات عدم الإنجاب في زوجات المدخنين".

ولفت إلى أن "التدخين يقلل من كفاءة قناة فالوب وحيويتها وحركتها، والتدخين يقلل من كفاءة عملية نقل البويضة خلال قناة فالوب، كما يشل العضلات الملساء الموجودة في جدران قنوات فالوب، وهذا يفسر ارتفاع معدلات الحمل خارج الرحم، والتدخين السلبي له نفس التأثير على قناة فالوب له نفس الأثر السيئ.

والكوتينين من مشتقات نيكوتين التبغ، ويسبب مشاكل في نموالأطفال ربما تكون خافية ولكن تظل أنها مستمرة، وبعض الآثار القلبية الوعائية الضارة للنيكوتين يمكن أن تنشأ عن طريق التحويل إلى كوتينين. ويجب نشر حقيقة أن التعرض منخفض المستوى له يسبب مخاطر عديدة ربما لا يمكن حصرها في الفترة المحيطة بالولادة، والأفضل على البالغين تجنب تعرض الأجنة أوالرضيع إلى الكوتينين والنيكوتين، وقياس الكوتينين في دم الإنسان هو الطريقة الأكثر ثقة لتحديد التعرض لأدخنة التبغ لكل من المدخنين وغير المدخنين الذين يتعرضون لهواء ملوث بالنيكوتين في البيئة، ويفضل قياس الكوتينين على قياس النيكوتين لأن الكوتينين يبقى في الجسم لفترة أطول.

والجديد هو امكانية دخول النيكوتين عن طريق الجلد، ويبدو ذلك واضحا في العاملين في زراعة وحصاد والتبغ ومصانع السجائر، حيث يستخدم الكوتينين كمؤشر حيوي للتعرض لدخان التبغ، ووجوده يعني أن هناك تعرض وأن هناك تواجد لتأثيرات النيكوتين الضارة، وخلال السنوات الـ 15 الماضية، انخفضت مستويات الكوتينين في الدم لغير المدخنين في الولايات المتحدة بنسبة 70٪ تقريبًا، مما يشير إلى أن نجاح التدخلات الصحية العامة لتقليل التعرض لمخاطر التبغ هناك والتدخين خلال الحمل يقلل وزن الجنين وتعرض الأمهات الحوامل لأدخنة التبغ يؤخر نموالجنين، تؤكد الأبحاث كل يوم هذه الحقيقة.

ويوضح بدران أن الخطر يزداد بزيادة عدد مرات التدخين، والأمهات اللاتي تدخن من سيجارة إلى عشرة سجائر يوميا، ينخفض وزن المولود 86 غراما، والأمهات اللاتي تدخن من 11 إلى عشرين سيجارة يوميا، ينخفض وزن المولود 190 غراما، والأمهات اللاتي تدخن أكثر من 20 سيجارة، ينخفض وزن المولود 227 غراما، والخطر يزداد أيضا بتقدم عمر الأم، فأجنة الأمهات المدخنات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 40 إلى 44 عاما تزداد احتمالات تقييد نموهم 3,4 مرة مقارنة ب 1,9 مرة لأجنة الأمهات المدخنات المراهقات، ويزداد الخطر في الثلاثة شهور الأخيرة في الحمل، وينخفض وزن المولود 27 غراما مقابل كل سيجارة تدخنها الأم يوميا في هذه الفترة ( حسب معدل عدد السجائر المستهلكة كل يوم).

والخطر يظل قائما بتدخين الأم السلبي أيضا، والخطر يمتد ليتعدى حدود الوزن، فيظهر جليا في تأخر النمو في ستة مقاييس طول الفخذ، طول الطرف، الطول الكلي، محيط الرأس، محيط الصدر ومحيط البطن، والتدخين يلوث الهواء في المنازل، ودخان السجائر هو المصدر الرئيسي لتلوث الهواء الداخلي في المنازل بالعناصر الكيميائية والمواد السامة في الأماكن المغلقة، كما التدخين السلبي الطويل الأجل يزيد من مستوى التعرض للمعادن السامة بما في ذلك الرصاص والفضة والزئبق، مما يزيد من فرص الإجهاض أو التأخر العقلي أو التشوهات، والرصاص والكادميوم يسببا الإجهاض، وغالبا ما يكون سبب حالات الإجهاض غير محدد، وهناك حاجة لتحديد الدور المحتمل لعوامل البيئة ونمط الحياة في خطر فقدان الحمل.

تدخين السجائر يقلل فيتامين سي

وفيتامين سي من المواد المضادة للأكسدة والتي تزيد كفائه الجهاز المناعي، وتنخفض وظائف الرئة في الرضع الذين كانت أمهاتهم تدخن أثناء الحمل وتظل يلاحقهم الانخفاض مدى الحياة، والإنسان لا يستطيع أن يكّون فيتامين سي وبالتالي يحتاج فيتامين سي يوميا وعده مرات، يحتاج البالغ يوميا إلي تناول 60‏ ملليغراما من الفيتامين الذي يمنع التأثيرات الضارة للنيكوتين على المواليد.

ويوصي بدران بتناول فيتامين سي خلال الحمل لمنع التأثيرات السلبية للتدخين على وظائف الرئة خاصة الجوافة والكيوي والبروكلي والفلفل الأخضر والأحمر والأصفر البرتقال واليوسفي.

كما أشار إلى أن تعرّض الأجنة للتبغ خلال الحمل يزيد من احتمالات إقبالهم على التدخين في الكبر، والتحصيل الدراسي يتأثر بتدخين الجنين، وتدخين الأم الحامل خاصة أول ثلاثة شهور يتبعه التأخر في تحصيل الأطفال الدراسي فيما بعد، كما أن التدخين السلبي خلال الحمل يزيد من فرص الولادة المبكرة، وتزداد احتمالات ولادة طفل بالشفة الأرنبية مع تدخين الأم خلال الحمل، والعواقب الاقتصادية لتدخين الحوامل، والعواقب الاقتصادية طويلة المدى للتدخين أثناء الحمل تشمل زيادة تكاليف تقديم الرعاية الصحية للرضع والأطفال.

ويضيق النيكوتين الأوعية الدموية في الأم والحبل الصري والرحم والمشيمة والجنين، وأول أكسيد الكربون يقلل الأوكسيجين المتاح للأنسجة في الأم الحامل وجنينها أيضًا،لذا فالدم المتدفق يقل والأوكسجين المتاح يقل أيضًا مع دخان كل سيجارة يقل التدفق الدموي في المشيمة لمدة‏15‏ دقيقة مما يتسبب في زيادة معدل ضربات قلب الجنين، ويقل وصول الأكسجين له بنسبة‏40 %‏ مما يؤثر علي نموه فيصبح وزنه أقل‏، فيقل وزن المولود بمعدل 20 جرام لكل سيجارة تدخنها الأم في اليوم الذين يولدون لأمهات تدخن خلال الحمل تزداد لديهم احتمالات ضيق شريان الأورطي ( أكبر شريان في الجسم ) عند البلوغ.

والمدخنون لديهم نسب مرتفع من الأكريل أميد وهو مادة سامة للجهاز العصبي والجهاز المناعي، تضر القلب والأوعية الدموية، وتؤخر نمو الجنين، ومن المعروف أن تدخين الوالدين خلال الحمل يقلل من وزن المواليد، وتأكد ذلك بدراسات عديدة على مدار ثلاثة عقود، ولكن الجديد أن ذلك يصيب الأولاد الذكور بشكل أكثر، خاصة مع تقدم عمر الأم .

وواصل أن تدخين الأم الحامل الشيشة (الأرجيلة) يقلل من وزن الوليد أيضا، ومن فرص الرضاعة الطبيعية، وتدخين الجنين يغير من جينات رئة الجنين، مما يؤثر سلبا على وظائفها وتطورها فيما بعد، كما أن تدخين الأم خلال الحمل ربما يكون سبب تعثر ابنها في القراءة، والديسلكسيا هي صعوبة القراءة، وهي نوع من صعوبات التعلم يسبب صعوبة القراءة بالرغم من أن ذكاء الطفل طبيعي، يصحبه صعوبة في التهجئة والمعالجة الصوتية ( التلاعب بالأصوات) والاستجابة البصرية السريعة والقراءة الشفهية والقراءة بطلاقة وقلة وزن المواليد قد يرتبط بصعوبة القراءة فيما بعد، وتدخين الأب ربما يغير من جينات الجنين، وهذا يهدد وصول جينات معيبة للجنين نتيجة تدخين الأب قبل تكوينه بدون أن يدخن الأب أمام الجنين القابع في بطن أمه، وزيادة فرص إصابته بأمراض مزمنة في المستقبل.

وهناك معلومة خطيرة ستقلل من تدخين المراهقين والشباب وربو الأطفال ربما يكون بسبب تدخين التبغ خلال الحمل وقبله، ويزيد تدخين الأمهات أثناء الحمل من خطر الربوفي أطفالهن، وهناك أدلة على أن تدخين الجدات أيضا قد يكون له نفس التأثير على الأحفاد الذين ربما لا يعيشون معهم أولم يلتقوا بهن من قبل، وأبناء الأحفاد أيضا بسبب تعديل الشفرات الوراثية .
 
والجديد أن تدخين الأب خلال المراهقة قد يؤثر على أطفاله في المستقبل من خلال التغيرات الوراثية المتوارثة في خلايا الحيوانات المنوية، ويدخلهم في دوامة الربو الشعبي.

وينصح بدران بالتثقيف الصحي للأمهات لتحفيزهن على استنشاق هواء خال من التبغ خاصة خلال الحمل، ويجب حماية الأجنة من تدخين التبغ، وتناول الحوامل المدخنات فيتامين سي يقلل من ربو الأطفال، وتدخل آمن وغير مكلف، ويقلل من العبء الاقتصادي لمشكلة ربو الأطفال، مع العلم أن فيتامين سي للحوامل المدخنات يقلل من آثار التدخين على المواليد، ويقلل من الإجهاد التأكسدي فيحسن وظائف الرئة، ويقلل من ضيق الشعب الهوائية في السنة الأولى من العمر، ويقلل من أمراض الجهاز التنفسي في الأطفال حديثي الولادة.