غزة ـ محمد حبيب
كشف المدير العام للمديرية العامة لدمغ ومراقبة المعادن الثمينة، في وزارة الاقتصاد الوطني في غزة، جمال مطر، عن وصول الذهب إلى غزة عن طريق التهريب، باعتبار القطاع منطقة محاصرة ولا يتم إدخال الذهب إليه بشكل رسمي.
وأوضح مطر، خلال مقابلة خاصة مع "العرب اليوم"، أن الذهب يتم تهريبه من خلال طريقين؛ بعض الأنفاق الباقية بين مصر وقطاع غزة أو عن طريق معبر بيت حانون، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه يتم التنبيه على التجار بأنَّ تكون هذه الكميات مدموغة من قِبل الإدارة في الضفة الغربية، وإن كانت غير ذلك يتم مصادرتها لفحصها ودمغها.
وأشار مطر إلى أن إدارته تنجز عملًا مضنيًّا في هذا المجال بالرغم من الحصار والصعاب في غزة، إذ تتسلم الذهب من التجار ومن ثم تحويله إلى أقسام العمل الفني، وتحديد عياره السليم بعد فحصه، ثم تسليمه إلى العرض في الأسواق، موضحًا أنَّ إدارته تعاني من نقص الموازنة التشغيلية وصعوبة الحصول على معدات حديثة للعمل وعدم انتظام الرواتب للعاملين في الإدارة.
وأكد مطر أن الإدارة العامة لدمغ ومراقبة المعادن الثمينة مسؤولة عن فحص ودمغ المعادن الثمينة في الأراضي الفلسطينية، وقد تأسست العام 1996 ومهامها تكمن في أمرين؛ الأمر الأول خدماتي يتمثل بفحص المعادن الثمينة وهي الذهب والفضة والبلاتين والعمل على دمغها بالعيار السليم، والأمر الثاني الرقابة على أماكن التصنيع والإتجار في هذه المعادن.
وأوضح مطر أن الإدارة أنشأت طبقًا لقانون 5 لسنة 1998 بعد أنَّ تم وضع دراسات في هذا الشأن، كما تم إرسال فرق إلى جمهورية مصر العربية العام 1997 للتدرب على فحص ودمغ المعادن ثم أرسل فريق آخر العام 1998 وعاد الفريقان ومارسا مهامهما بشكل رسمي العام 1999.
وبيّن مطر أن إدراته عملت منذ تأسيسها على حماية مدخرات المواطن كادخار استراتيجي في ظل تذبب أسعار العملات، مشيرًا إلى المديرية فحصت كل قطعة ذهب في قطاع غزة والضفة الغربية.
وأشار مطر إلى أنه في العام 1999 تم اكتشاف حالات غش في المعادن الثمينة في غزة، جراء عدم الرقابة على تصنيع وتجارة هذه المعادن، مما أحدث حالة كبيرة من الغش والخداع والتدليس.
وأوضح مطر أن المديرية العامة لدمغ ومراقبة المعادن الثمينة لها 4 فروع في الأراضي الفلسطينية، في غزة ورام الله ونابلس والخليل، كما يوجد مختبران في جنين وخانيونس، ولكن تم إغلاق الأخير العام 2005.
وبشأن أهمية الذهب من بين المعادن الثمينة، أشار مطر إلى أن معدن البلاتين لا يلقى إقبالًا ويصعب التعامل معه، كما أن سعر الفضة لا يقارن بسعر الذهب وبالتالي فإن المواطنين يقبلون على شراء وتخزين الذهب الذي يحتفظ ببريقه على مدار السنين وهو أصل المعادن الثمنية.
وأوضح مطر أن وزارة الاقتصاد قسّمت الذهب المتداول إلى عيارات عدّة، عيار 24 وعيار 22 وعيار 18 و14 وعيار 12 و عيار 9، وهو ما يمثله كمية الذهب بالنسبة إلى المعادن غير الثمينة المخلوطة معه.
ودعا مطر المواطن إلى أن يسأل التاجر عن الدمغة التي تحدد العيار، والتي تحمل شكل قبة الصخرة، وتم تصنيعها في بريطانيا حتى لا يتم تزييفها، كما دعا إلى التأكد منها حتى لا يواجهون حالات الغش.
وأشار إلى أنه في بعض فترات الرخاء التي مرت على القطاع، كان سعر الذهب أقل سعرًا من السعر العالمي، ولكن الحصار أدى إلى ارتفاع سعر الذهب بنحو دولار لكل غرام أعلى من السعر العالمي.
ونوه مطر إلى أن من يشتري الذهب من غزة ويروجه ويبيعه في مكان آخر يخسر فيه، أما من يحضره من دول ثانية ويبيعه في غزة يربح، لاختلاف الأسعار بين القطاع وغيره من دول العالم.
وذكر مطر: "كل أنواع الذهب تعتمد على سعر البورصة ويضاف إليه دولار لكل غرام، ومن ثم تُحسب المصنعية ودمغة المديرية وربح التاجر وإكسسوارات المحل، ما يزيد سعر الذهب عن السعر العالمي بدينار ونصف على الأقل".
وتابع: "أما الذهب اللازورد أو البحريني أو السنغافوري أو الهندي فيمكن أن يباع بـ7 دنانير أعلى من سعره الأساسي بسبب رسوم إحضاره إلى القطاع"، مشددًا على أنه لو كان الوضع آمنًا في القطاع والذهب يدخل بشكل رسمي فبكل تأكيد سيكون أرخص ثمنًا.
وأردف: "ذهب الضفة أيضًا سعره أعلى من الذهب المصنع محليًا؛ لأن جودته أعلى ولأن تكاليف إحضاره من الضفة تكلف التاجر ألف دولارٍ لكل كيلو غرامًا، ما يعني دولارًا لكل غرامٍ عن المحلي".
ونصح مطر من يريد شراء الذهب بشراء المُصنَّع محليًا لأنه يحافظ على سعره وأن الخسارة فيه تكون بنسبة بسيطة على عكس الذهب اللازورد وغيره من المستورد.
وأشار مطر إلى أن عدم وجود بنك مركزي يزود التجار بالسبائك الذهبية يجعل التجار يلجأون إلى تهريب السبائك الذهبية، موضحًا أن القانون الفلسطيني ينص على إنشاء بنك مركزي ولكن ذلك لم يحدث حتى الآن.
وأوضح مطر أن هناك الكثير من مصانع وورش تصنيع الذهب المنتشرة في قطاع غزة، وأي مصنع أو ورشة يجب أن تحصل على ترخيص من المديرية، للخضوع لبعض الشروط، وتجرى مقابلة مع صاحب الورشة أو المصنع لمعرفة إلمامه بالذهب، ويتم زيارة المصنع والتأكد من السلامة المهنية وحماية البيئة؛ إذ يتم استخدام مواد سامة في التصنيع، ومن الضروري التأكد من كيفية التخلص منها.
وأوضح مطر أن مصادر المصوغات الذهبية في قطاع غزة ثلاثة؛ وهي الضفة الغربية وأماكن مستوردة من دول مجاورة والتصنيع المحلي في غزة، وأن هناك نقلة نوعية بين الذهب المصنَّع في الضفة والمصنع في القطاع، لأن الأخير أقل جودة بسبب قِدم الماكينات والأجهزة المستخدمة بسبب الحصار الإسرائيلي.
ونوه إلى ما يضاف إلى المصوغات الذهبية، التي تضاف إليها الأحجار الكريمة، ولكن بسبب أسعارها الباهظة يستخدم الصانعون مادة "الزوكونيا"، وهي زجاجيات تكسبها جمالًا وبريقًا ولكن ليس لها قيمة.
وفي هذا الشأن، أوضح مطر أن وزير الاقتصاد السابق أصدر قرارًا بألا تزيد الزجاجيات في المصوغ الذهبي عن 5%، مشيرًا إلى أن ذلك عُرف متداول في أغلب الدول والتاجر لا يستطيع تجاوز هذه النسبة عند التصنيع.
وأشار مطر إلى أن الرقابة منقوصة في هذا الشأن بسبب المصوغات الواردة من الضفة الغربية والتي تستخدم زجاجيات نسبتها أعلى من النسبة المطلوبة، بسبب تصنيعها قبل إصدار هذا القرار، مستدركًا أن هذه الكمية لا تبقى في الأسواق فترة طويلة.
وأوضح مطر أن الوزارة لديها فِرق رقابة وتفتيش متميزة تنظم جولات دورية على المصانع والمتاجر والمحال ويحق لها تفتيش كل شيء في المحل؛ إذ تمتلك صفة الضبطية القضائية.
وبشأن الذهب الصيني والروسي والألماني، بيّن مطر أن هذه عبارة عن معادن غير ثمينة مكونة من معادن بيضاء يتم خلطها معًا ثم تطلى باللون الأصفر، وتم منع التجار من إطلاق اسم الذهب أو المصوغات أو المجوهرات عليها حتى لا تدخل تحت صفة "الغش التجاري".
ولفت إلى أن المديرية لا تستطيع منع التجار من بيعها، ولكن تمنعهم من إطلاق اسم الذهب عليها حتى لا يتم خداع الناس.