عدن ـ عبدالغني يحيى
أجمع المسؤولون والعامة على أن الدمار الذي خلفته الميليشيات الحوثية في كل موقع يتواجدون فيه يمكن تخطيه ومعالجته، لكن يبقى الأطفال وقتل أحلامهم بالتحول من الفقر للغنى، من أصعب ما تواجهه الحكومة الشرعية مدعومة من "مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية" في إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمشاركين في الحرب، إذ لا يقف هذا عند حجم المبالغ التي تزيد على 200 ألف دولار لتأهيل 80 طفلاً في شهر واحد؛ بل يتخطى ذلك إلى كيفية إخراج الطفل من هذه الذكريات ومسح كل الصور المؤلمة التي رصدها إبان وجوده على الجبهات.
وأشار العقيد الركن تركي المالكي، المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف "تحالف دعم الشرعية في اليمن" إلى أن هناك خللا في اختيار الموظفين الذين يعملون في المنظمات الأممية وغير الحكومية في الداخل اليمني، حيث إن بعض الموظفين الذين يعملون لدى المنظمات لديهم انتماءات قد تكون عقائدية أو سياسية، مضيفا أن حسن اختيار العاملين في هذه المنظمات شيء أساسي، فلا بد أن تحسن المنظمات اختيار موظفيها؛ للبعد عن أي جانب يربطها بالأطراف المشتركة في العمليات.
والتقت "الشرق الأوسط" عددا من الأطفال المجندين الذين أجمعوا على أن الفقر وما كان يطرح عليهم في الحلقات الثقافية التي تعقد داخل معسكرات خاصة وتتمحور حول محاربة الأشرار والفوز بالجنة، هما السببان الرئيسيان لالتحاقهم بالميليشيات التي كانت تدفع قرابة 25 ألف ريال يمني في أول شهرين، ثم تقطع هذه الأجور بعد الزج بهم مباشرة إلى الجبهات.
ويقول نواف أبو سعيد (14 عاما)، إن حب المغامرة وتجربة ما هو جديد كان البداية في انخراطي مع الميليشيات الحوثية، خاصة أنهم كانوا يعرضون أسلحة حديثة من رشاشات وخلافه، وفي مجتمعنا حمل السلاح يعد من الرجولة، إضافة إلى صرف مرتب شهري. وقبل الانخراط -كما يقول نواف- كانت كل أحلامي تتمحور في أن أعمل في وظيفة تدر مالاً أعيل به عائلتي التي تبلغ 7 أفراد، فجاءت هذه الفرصة بحمل سلاح ومال، فلم أتردد، وقبلت على الفور، وبعد الالتحاق بأحد المعسكرات قام "أبو سهيل الخولاني" المشرف على تدريب زراعة الألغام، بتدريبي لفترة لم تتجاوز شهرين منذ لحظة التحاقي.
محمد المعوضي (15 عاما) يقول إنه منذ اللحظات الأولى لقبولك العرض، يقومون بتكثيف جلسات دينية وخطابية تركز على تغيير معتقدات عقائدية وثقافية، وعندما يتبين لهم أنك أصبحت تنفذ دون مناقشة وتندفع لإرضائهم، تبدأ مرحلة تدريب الأطفال، وقد انخرطت في تدريب على عمليات التفتيش والحماية، مدة لم تتجاوز 6 أشهر.
وهنا يقول عبد الرحمن القباطي، مدير مشروع تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب، إن عدد الأطفال الذين جرى تأهيلهم حتى الآن 215 طفلا، منهم 50 طفلا متأثرا بالحرب، و165 جندتهم الميليشيات الانقلابية وعملوا في مواقع مختلفة، منهم من شارك في الجبهات، والإمداد، والنقاط الأمنية، وآخرون عملوا على حراسة عدد من شخصيات الميليشيا.
وأضاف القباطي، أن وحدة الرصد التابعة للمركز، رصدت قرابة 4500 حالة موثقة لتجنيد الأطفال من قبل الميليشيات في عموم اليمن، وهذا عدد كبير للأطفال، خاصة أن التقارير تشير إلى أن 40 في المائة من مقاتلي الميليشيات الانقلابية هم ممن دون 15 عاما.
وأشار إلى أن المركز يعمل بجميع الوسائل على استقطابهم وإحضارهم إليه وإجراء مقابلة معهم، وفق معايير القبول، التي تنص على عدة نقاط؛ أولاها أن يكون الطفل مجندا أو متأثرا بالحرب، والنقطة الثانية أن يكون أقل من 15 عاما، والنقطة الثالثة أن تكون لديه رغبة في الانسحاب والانضمام إلى مركز إعادة التأهيل، على أن يجري ذلك كله بموفقة ولي الأمر.
وتعتمد عملية التأهيل على فريق من الاختصاصين الذين اختيروا وفق أعلى المعاير وفي التخصصات كافة، ويقومون بدور مهم منذ لحظة وصول الطفل إلى المركز في محافظة "مأرب" وتأهيله على مدار شهر كامل، موضحا أن ذلك يشمل العلاج، والأنشطة، والملابس، وصرف 200 دولار لمساعدته، وحقائب مدرسية، بتمويل كامل من "مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية"، إذ تصل تكلفة تأهيل نحو 80 طفلا على مدار شهر كامل إلى قرابة 200 ألف دولار.