لندن ـ سليم كرم
كشفت صحيفة بريطانية في مقال مطول عن الحرب الانجليزية في مدينة بنغازي الليبية، حيث تتداخل العديد من القوات هناك من بينهم القوات البريطانية والايطالية، بالاضافة الى القوات الالمانية في محاولة للسيطرة على ميناء المدينة منذ العام 1942. وجاء في التقرير الذي نشرته صحيفة "ديلي ميل" أن الامر المثير للدهشة في هذه الحرب هو وجود النقيب راندولف تشرشل، ابن رئيس وزراء بريطانيا في زمن الحرب. كان راندولف شخصية صعبة، وهو ابن محبط قضى معظم حياته في محاولات فاشلة الي حد كبير، لإقناع والده بان يحتفي به، الا ان والده لم يعره اي اهتمام بسبب سكره الشديد، لكنه كان شجاعا أيضا. وقد ظهرت شجاعته وراء خطوط العدو، على الرغم من ان راندولف بالكاد تدرب من اجل الحرب الصحراوية. ولكنه كان سعيدا وكتب إلى والده حول الوحدة وقائدها، واصفا إياه بأنه "الجندي الأكثر أصالة وجرأة، وهو واحد من عدد قليل من الناس الذين يفكرون في الحرب.
وعلى الرغم من بعض النجاحات، كان يعرف أن سجل فريقه غير مكتمل، وأنه لا يزال هناك الكثير من كبار الشخصيات العسكرية الذين يحبون أن تكون مجموعته من غير النظاميين ليحلوا مكانه، كانت بنغازي الميناء الذي يوصل من خلاله جميع الإمدادات الألمانية إلى شمال أفريقيا، وكانت الخطة هي اغراق سفينتين بالألغام عبر مدخل الميناء لوقفها. لكنهم لم يحققوا شيئا على الإطلاق. ولم تغرق أي سفن. وبقي ميناء بنغازي يعمل. كانت مهمة فاشلة والأمور على وشك أن تزداد سوءا.
وأصيب راندولف تشرشل، مرة أخرى، وكتب لوالده من سريره حيث كان يقضي فترة نقاهة، عشر صفحات عما حدث في بنغازي. وشدد على القيمة الجريئة والاستراتيجية لفرقة الطيران الخاصة، الثناء على ستيرلنغ، وأعرب عن ثقته بالعمليات المستقبلية. في حفل العشاء خاص في السفارة البريطانية في القاهرة التي من المقرر أن يحضرها ونستون تشرشل. وخلال العشاء، كان تشرشل مسرورًا، وقد اشار زعيم القوات المسلحة السودانية بانه سينضم للتحالف. لكنه شدد على العودة إلى الصحراء، وفي يناير 1943 في طريقه إلى هناك. سقطت قافلة له ليلاً في واد و استيقظت لتجد الألمان يقفون أمامهم بمدافع رشاشة. وتم القبض عليهم دون قتال.
بعد ذلك، احتلت ألمانيا عدة موانئ نروجية وكل الدنمارك في إبريل 1940 . وفي العاشر من مايو/أيار بدأ الهجوم الألماني الكبير باكتساح سريع لهولندا وبلجيكا وصولا إلى فرنسا، وبحلول يونيو/حزيران كانت ثلاثة أخماس فرنسا، من ضمنها باريس، قد احتلت وتحول الباقي إلى دولة محايدة مقر حكومتها مدينة (فيتشي). حاول البريطانيون دعم فرنسا وبلجيكا لكن الهجوم الألماني كان كاسحا فأمرت قيادة بريطانيا بالإنسحاب الفوري لأكثر من 320 الف مقاتل ثلثاهم بريطاني والثلث فرنسي ، هربوا جميعا من فرنسا دون أسلحتهم على متن أسطول ضخم من السفن العسكرية والمدنية . وهذا ما يعرف باسم "إنسحاب دنكرك" نسبة إلى مدينة "دنكرك" البلجيكية التي شهدت أكبر حركة نزوح لهذه القوات.
وخلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 1940 قامت القوات الجوية الألمانية (لوفتواف) بشن هجوم كبير بالقنابل على بريطانيا في محاولة لتمهيد الأجواء لغزو عابر للقناة. ومع ذلك فقد ربحت القوات الملكية معركة بريطانيا وأجل هتلر غزوه إلى أجل غير مسمى. وبعد فشل الغزو الإيطالي لليونان في نوفمبر 1940، استدرج هتلر كلا من المجر ورومانيا للمحور ثم انضمت بلغاريا في مارس 1941. وهاجمت ألمانيا يوغوسلافيا واليونان في شهر إبريل/نيسان، وبحلول نهاية الشهر كانتا قد تم اجتياحهما. وفي يونيو إنتهك هتلر اتفاقية عدم الاعتداء مع الإتحاد السوفيتي التي وقعت عام 1939 وشن هجوما ضخما مفاجئا على الاتحاد السوفييتي. توغلت الوحدات المدرعة الألمانية عميقا إلى داخل الأراضي السوفييتية حتى وصلت إلى ضواحي موسكو قبل أن يقوم السوفييت بهجمات مضادة ويوقف حلول شتاء روسيا وسيبريا القارس الهجمات الألمانية.
أما اليابان، العضو الآخر من أعضاء دول المحور فقد ملت من حربها الطويلة غير المثمرة في الصين، وقررت أن تستغل الموقف في أوروبا وتستولي على الممتلكات الاستعمارية لها في الشرق الأقصى. ولتعيق ما تنبأت بأنه سيكون معارضها الأكبر في الحرب التوسعية الباسيفيكية، فوقعت في أكبر خطأ إستراتيجي حربي لها، فقد هاجمت اليابان منشآت الولايات المتحدة في ميناء "بيرل هاربر" في جزر هاواي والفلبين في السابع والثامن من ديسمبر/كانون الأول عام 1941. وفي خلال أيام أعلنت الولايات المتحدة الحرب ضد كل دول المحور. قامت اليابان بسرعة باجتياح واحتلال الفلبين، ومعظم جنوب شرق آسيا و وبورما (ميانمار) جزر الإنديز الشرقية الهولندية (إندونيسيا حاليا) والعديد من جزر المحيط الهادي. وعلى الرغم من التفوق المبدئي الناتج عن الهجوم المفاجئ، خسرت اليابان العديد من المعارك البحرية الأساسية في "ميدواي" في يونيو/حزيران عام 1942. كانت الاستراتيجية الأميركية في المحيط الهادئ أن تستخدم قواتها البحرية والبرمائية للتقدم في سلسلة الجزر ناحية اليابان بينما تتعاون قوات برية أصغر مع المحاولات الصينية والبريطانية في الأراضي الآسيوية.
أما في شمال أفريقيا فقد وجد البريطانيون – الذين هزموا قوات إيطاليا تفوقهم عددا في 1940-41 – أنفسهم محصورين في أكتوبر 1942 أكتوفي معركة متأرجحة ضد القوات الألمانية الأفريقية في منطقة العلمين في مصر وطبرق في ليبيا . في نوفمبر 1942 بدأ الهجوم الأول للحلفاء بهبوط قوات الولايات المتحدة وبريطانيا في شمال أفريقيا. وبالتدريج تم دفع القوات الألمانية إلى تونس قبل أن يقضى عليهم نهائيا في مايو 1943.
في يوليو/تموز حلت قوات الحلفاء القادمة من شمال أفريقيا في صقلية ومن هناك اجتاحوا إيطاليا في سبتمبر. أطيح بحكومة الفاشيين وانضمت إيطاليا إلى الحلفاء في شهر أكتوبر واستمر القتال ضد القوات الألمانية في إيطاليا حتى نهاية الحرب. وفقدت القوات الألمانية الزخم بعد معارضة مريرة وهجوم غير ناجح على ستالينغراد (من أغسطس 1942- فبراير/شباط 1943)، وفي حين استمر الجيش الأحمر السوفيتي استدعاء احتياطاته البرية الضخمة بدأ من العام 1943 بدفع الألمان للتراجع من الأجزاء الغربية من الاتحاد السوفييتي.
وفي تلك الأثناء كانت ألمانيا تجهز نفسها لهجوم متوقع من الحلفاء من غرب أوروبا. وجاء الهجوم في السادس من يونيو/حزيران 1944 – "يوم النصر"- على شواطيء النورماندي في شمال فرنسا حيث هبط 156 ألف جندي بريطاني وكندي وقوات الولايات المتحدة تحت قيادة الجنرال الأميركي دوايت آيزنهاور.وبمساعدة القوات الجوية ثبت الحلفاء مواضعهم سريعا وبدأوا تقدمهم شرقا والذي انتهى بهم باحتلال الأراضي الألمانية في مارس/آذار وإبريل/نيسان 1945. وفي ذات الوقت كانت القوات السوفييتية في عام 1944 قد دفعت الألمان بالكامل خارج الاتحاد السوفييتي وتقدمت نحو بولندا وتشيكوسلوفاكيا والمجر ورومانيا. وفي أوائل 1945 احتلوا الثلث الشرقي لألمانيا. وفي ذروة الانهيار الألماني بينما كانت العاصمة الألمانية برلين محاطة بقوات سوفييتية انتحر الزعيم النازي أودلف هتلر في الثلاثين من أبريل/نيسان وفي الثامن من مايو/أيار تم توقيع صك استسلام كل القوات الألمانية.
أما في المحيط الهادي فقد قادت استراتيجية (القفز بين الجزر) للجنرال الأميركي دوغلاس ماك آرثر قوات الحلفاء إلى اجتياح الفلبين . وقضت المعركة البحرية في عمليات على البحرية اليابانية. أدى الاستيلاء على جزيرتي آيو جيما وأوكيناوا إلى فتح الطريق للقصف الاستراتيجي الثقيل لليابان نفسها وإلى اجتياح محتمل. وانتهت الحرب في المحيط الهادي نهاية مفاجئة ودراماتيكية بعد ضرب هيروشيما ونكازاكي بالقنابل النووية في السادس والتاسع من أغسطس/آب 1945 فتم توقيع استسلام اليابان رسميا في الثاني من سبتمبر/أيلول. وأعلن رسميا إنتهاء حالة الحرب.