حمص – عادل نقشبندي
تعاني قرية "قلعة الحصن" في مدينة حمص من حصار خانق، وسط نقص حاد في مختلف المواد الأساسية، فيما نزح عدد كبير من سكانها مع اشتداد قصف والاشتباكات. ويبلغ عدد سكان قرية قلعة الحصن الواقعة على الطريق الواصل بين طرطوس وحمص حوالي 23 ألف نسمة، لم يبق منهم سوى 3500 نسمة، بعد تعرضها لأعمال القتل والتهجير على يد قوات الحكومة وشبيحته –وفقاً لمصارد المعارضة-، ويحيط بها حوالي 34 قرية موالية للأسد ذات أغلبية مسيحية، تحولت في الفترة الأخيرة إلى مصدّرة للشبيحة، الأمر الذي فرض على قرية الحصن واقعاً مأساوياً لا يوصف من الحصار والتجويع والافتقار إلى أبسط شروط الحياة الإنسانية. ويقول النشاط الميداني محمد الخطيب لـ"العرب اليوم" عن حال القرية: يعاني من بقي في القرية من نقص حاد في المواد الغذائية وخاصة الطحين وحليب الأطفال، فيما تندر المواد الطبية، وسط حالات مرضية كثيرة. يقول "الخطيب" في حديثه مع "العرب اليوم" عن الحال الطبي للقرية، لقد قتل العديد من السوريين في القرية نتيجة نقص بعض المواد الطبية، وعدم توفر بعضها الآخر، في حين يصعب إخراج أي من المرضى إلى خارج القرية بسبب الاشتباكات والقصف المستمر. وحذر "الخطيب" من فتنة طائفية في المنطقة، خاصة مع وجود بعض فرق الشبيحة المسيحية تقاتل إلى جانب قوات الحكومة، وأضاف في حديثه مع "العرب اليوم": علينا الالتفات إلى هذه القضية، فما تقوم به هذه المجموعات ومنها مجموعة "بشر اليازجي" التي أحرقت مؤخراً جامع صلاح الدين الأيوبي في القرية، سيدفع بالمنطقة التي تتألف من مختلف الطوائف والأديان في سورية نحو فتنة طائفية لا يمكن أن يحسب عقباها. وناشد الخطيب العقلاء من أهالي وادي النصارى بالتدخل لإيقاف هذه المجموعات وعلى رأسها مجموعة "اليازجي" التي تأخذ المسحيين في المنطقة كرهينة لأعمالهم الطائفية. أيضاً وحول الوضع الإنساني لقرية الحصن، يقول الناشط الميداني خالد الحصني: الوضع هنا سيء لأبعد الحدود والحواجز المحيطة بالمدينة واللجان الشعبية، أو ما يسمى قوات الدفاع الوطني بوادي النصارى تمثل تهديداً مباشراً لنا، سواء بالاستهداف المباشر أو بقطع الإمدادات الغذائية والإغاثية والطبية، وفي الحصن الآن -كما يقول الحصني- نقص كبير في المواد الغذائية ومن أهمها مادتي الخبز والطحين، فالأهالي لم يروا الخبز منذ أكثر من ثمانية أشهر ويتابع: هناك نقص كبير في مادة حليب الأطفال، مع وجود رضّع كثيرين تحت الحصار، ولذا تلجأ الأمهات إلى "إطعامهم" شراب اليانسون بسبب عدم توفر حليب الأطفال، فضلا عن نقص الأرز والسكر، وقد لحق بهما مؤخرا البرغل والعدس حتى كادا ينفدان بشكل نهائي. ويؤكد الحصني أن أهالي الحصن يأكلون في اليوم وجبة واحدة وبدون خبز، وبعض المناطق يدخل إليها الخبز كل أسبوع مرة أو اثنتين، أما الحصن فمضى عليها ثمانية أشهر لم يعرف أهلها رغيف الخبز. وهناك حالات مرضية أصيب بها البعض من النساء والأطفال وكبار السن، جرّاء قلة الغذاء. علماً أن في مدينة الحصن أكثر من 550 عائلة أي ما يعادل 3500 شخص هم الذين تبقوا من عدد السكان الأصليين، وقد قتل كثيرون منهم ومن بينهم أطفال ونساء وكبار في السن، وتم تهجير الأغلبية. وعن عمليات التهجير التي يتعرض لها أهالي القرية يقول الناشط الحصني في تقرير المعارضة، لقد تم تهجير أكثر من ثلاثة أرباع أهالي الحصن، وخاصة من يقطنون في مدخل البلدة الذين هُجّروا بسبب قرب منازلهم من حواجز النظام واستهدافها يوميا بالمدفعية وبمدافع الشيلكا، حيث استشهد العديد من الأطفال والرجال في هذه المنازل، لذلك اضطروا للفرار إلى مناطق أخرى فمنهم من خرج إلى المناطق القريبة من الحصن مثل قرى " البساس" و"الشميسة"، ومنهم من لجأ إلى محافظة طرطوس التي ذهب إليها أغلب من هُجرّوا، وبعض المهجّرين ذهبوا إلى حمص أو دمشق. وعن استهداف قوات الحكومة وشبيحته من وادي النصارى لقرية الحصن يقول الناشط "الحصني": تتعرض الحصن لقصف يومي وبشكل عشوائي وعنيف بكافة الأسلحة، ومنها من راجمات الصواريخ والمدفعيات الثقيلة ومدافع 57 ومدافع 23 وكل هذه الأسلحة تتمركز إما في القرى المحيطة والموالية للنظام في وادي النصارى، ومن هذه القرى "عناز، الحواش، كفرا، مرمريتا، رأس النبع، المنقولة"، أو من الحواجز المحيطة بالقرية، والتي تمنع دخول أي شيء، وأي شخص يخرج يتم اعتقاله، وكذلك بالنسبة لمن يدخل إلى الحصن. ويؤكد "الحصني" أن هناك بعض الأهالي قاموا بتسليم أنفسهم للنظام، ومنهم شبان بسبب الجوع والقصف. وهناك قرى أخرى في الريف الغربي تتعرض لما تتعرض له الحصن كقرى " الزارة" و"الشواهد" أما باقي القرى والبلدات فهي تحت سيطرة الجيش الحر.