غزة ـ محمد حبيب
يترقب سكان قطاع غزة ما سيحدث في مصر نهاية الشهر الجاري، من تظاهرات كبيرة تنادي بسقوط الرئيس المصري محمد مرسي، لا سيما في ظل ارتباط القطاع الوثيق بمصر، منفذه الوحيد للسفر إلى الخارج. وتتوالى الأزمات التي تمس حياة المواطنين الغزيين اليومية، ويبدوا أن الأحداث التي تشهدها الساحة المصرية كان لها وقعها على حياة الغزيين، فمنذ ما يقارب أسبوع اختفت العديد من السلع المدخلة من مصر إلى القطاع من السوق الغزي، الذي يعتمد بشكل كبير على مصر في الحصول على العديد من السلع المهمة التي تمنع دخولها إسرائيل بموجب الحصار، كالوقود، ومواد البناء والمواد الخام، ويخشى سكانه من فقدان هذه السلع من الأسواق، في ظل تشديد الحملات الأمنية المصرية على منطقة الحدود التي تهرب منها هذه البضائع عبر الأنفاق، حيث ظهرت في القطاع مشكلة نقص ‘البنزين قبل أيام، وتلاه أيضًا شح كبير في الأسمنت ومواد البناء التي يتم تهريبها هي الأخرى، وهو ما من شأنه أن يؤثر على حركة البناء والمواصلات، ومن أبرز السلع التي ارتفعت أسعارها مواد البناء والوقود والسجائر وسلع أخرى، وقد شهدت مداخل محطات الوقود في غزة منذ بداية الأزمة، اصطفاف المواطنين والمركبات بكل أنواعها، مما أدى إلى استهلاك مخزون الوقود الموجود، في مقابل حديث عن توقف دخوله من مصر بشكل كامل. ويؤكد الناطق باسم "جمعية شركات البترول" في غزة محمد العبادلة، أن العديد من محطات تعبئة الوقود خلت تمامًا خلال اليومين الأخيرين من المخزون المتوافر لديها، مما اضطرها إلى الإغلاق والتوقف كليًا عن العمل. وأرجع العبادلة، في تصريح صحافي، أسباب تفاقم أزمة الوقود وحالة النقص الحاد على وجه الخصوص في كمية البنزين، إلى حملة الطوارئ التي أطلقتها القوات المصرية في محافظة شمال سيناء، وعمدت منذ الأسبوع الماضي إلى تشديدها، تحسبًا للأحداث المتوقعة في الثلاثين من الشهر الجاري، من تظاهرات احتجاجية مناهضة للرئيس مرسي. ويقول أبو علاء الكردي، أحد العاملين في محطة البربري للوقود في غزة، "إن هناك جانبًا يتحكم في أحوال هذا القطاع المسكين، لا يوجد بنزين"، ويشير بيده إلى المركبات التي تصطف داخل المحطة، قائلاً "هذه السيارات تعمل جميعها على السولار أما البنزين فقد نفذ، والمعوقات جاءت من الجانب المصري، فقد كنا نعانى من الجانب الإسرائيلي في السابق والآن انتقلت معاناتنا مع الجانب المصري، الأوضاع الأمنية في مصر هي السبب، ونحن نعاني منها، منذ فترة ترتفع حدتها في أوقات وتقلّ في أوقات أخرى". ويعد الوقود المدخل إلى القطاع عبر الأنفاق المنتشرة على طول الحدود المصرية الفلسطينية، جزءًا من حصة المحافظات الشمالية المصرية، حيث يلجأ التجار المصريون إلى بيعه في السوق السوداء إلى تجار غزة، فيما تشهد مختلف أنحاء مصر أزمة وقود متفاقمة منذ أشهر عدة، ويباع لتر البنزين المصري بنحو 4 شيكل (ما يعادل دولار أميركي واحد) فيما يباع البنزين الإسرائيلي بما يقارب 7 شيكل، مما يجعل الغزيون يتجهون إلى الوقود المصري، ويحتاج القطاع إلى 400 ألف لتر من الوقود يوميًا، ويعتمد بالدرجة الأولى على المحروقات الواردة من الجانب المصري. كما أدت الأحداث التي تشهدها مصر إلى توقف دخول مواد البناء وارتفاع أسعارها بشكل كبير جدًا، الأمر الذي يهدد بتوقف قطاع الإنشاء، حيث يوضح مصباح كشكو صاحب مصنع "بطون" في غزة، أنه منذ الأربعاء الماضي لم يصلهم أي مواد بناء مدخلة من الجانب المصري، مما دفع كثير من تجار غزة إلى رفع أسعار مواد البناء واحتكارها، وتوقفت العديد من المصانع عن العمل، وتوقفت الكثير من المشاريع قيد الإنشاء. وتقوم السلطات المصرية بإجراءات أمنية استثنائية على الحدود مع قطاع غزة وفي محافظة شماء سيناء، رافقها إغلاق العديد من الأنفاق، مما قيد حركة التجار ومهربي البضائع المصريين، وذلك في إطار الاستعدادات التي يقوم بها الأمن المصري لسبب التظاهرات التي دعت لها قوى المعارضة المصرية في 30 حزيران/يونيو الجاري . وقالت مصادر مطلعة، إن الحملة الأمنية المصرية التي اشتدت منذ أسبوع، تحول الآن من دون وصول أي من السلع التي تهرب إلى غزة عبر الأنفاق، فانتشرت أخيرًا فرق إضافية من الجيش المصري، وفرق من سلاح الهندسة على طول الشريط الحدودي، حيث تقام الأنفاق هناك، وشرعت بأعمال ردم لها، كما تحول من دون وصول عربات وشاحنات تقل البضائع إلى تلك المنطقة لإنزالها وتهريبها للقطاع، فيما أفاد ملاك أنفاق وعاملون فيها، أن الأنفاق منذ ذلك التاريخ، شبه مغلقة بالكامل، لا يمر منها أي بضائع إلى سكان القطاع، وسيشدد الحصار بشكل أكبر لو أغلق معبر رفح البري. ويخشى سكان غزة أن تلجأ السلطات الأمنية المصرية إلى إغلاق معبر رفح البري، المنفذ الوحيد لسكان القطاع على العالم، حال اندلعت التظاهرات المصرية المنادية بسقوط الرئيس مرسي، على غرار ما قامت به السلطات المصرية عند اندلاع ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011، التي أسقطت نظام الرئيس حسني مبارك، وسيكون لهذا القرار لو اتخذ تأثير كبير على حياة السكان الغزيين، لا سيما أن المعبر يقصده الطلبة والعاملون في الخارج والمرضى من سكان القطاع، الذين يخرجون إلى العلاج في مستشفيات مصرية، لعدم توافر العلاج اللازم لهم في غزة. ويقول الناطق باسم وزارة الداخلية في الحكومة المقالة في غزة إسلام شهوان، إنهم لم يبلغوا بنية مصر إغلاق المعبر، لكنه أكد أنه لو تم سيكون له آثار عكسية كبيرة على السكان. يُشار إلى أن إسرائيل تضيق كثيرًا على سكان غزة، بموجب حصارها المفروض منذ ست سنوات، حيث تحول من دون وصول العديد من السلع، مما جعل السكان يلجأون إلى تشييد العديد من أنفاق التهريب أسفل الحدود مع مصر، لاستخدامها في جلب السلع والمواد التموينية التي لا يسمح بدخولها من المعبر التجاري الذي تسيطر عليها إسرائيل.