دمشق ـ جورج الشامي
وصف شاب سوري مكان اعتقاله في سجن المخابرات الجوية، فرع التحقيق في المزة، قائلاً "تلك الأيام شاهدت كل أنواع وأشكال التعذيب, ومات الكثير ممن كانوا معي في المكان نفسه". وأضاف الشاب السوري "م.ن"، "بقيت في هذا السجن 51 يومًا، تنقلت خلالها بين ثلاث أماكن منفردة وجماعيّة ومزدوجة، المنفردة كنا فيها 26 معتقلاً، وهي بمساحة مترين طول بمتر ونصف عرض، كنا بالملابس الداخلية فقط، نصفنا كان ينام واقفًا والنصف الآخر ينام بوضعية القرفصاء، لأن المكان كان ضيق جدًا، وقد شاهدت أطفالاً في أعمار صغيرة، وكانوا يبكون من شدة التعذيب الذي كان يمارس بحقهم، كما كنت أسمع صوت نساء تعرضن للاغتصاب الجنسي، وفي هذا المعتقل، كان هناك أطفال في سن الـ 12 و13 و 14 عامًا، ودائمًا نفيق على صراخهم الهيستيري ليلاً يصيحون (بدي إمي.. بدنا أهلنا.. بدنا نطلع)، أما النساء فتعرضن لأشد أنواع التعذيب النفسي والاعتداء الجنسي؛ كنا نسمع أصواتهن يترجون المحقق ألا يغتصبهن". وروى المعتقل، قصة أب لثلاثة أبناء كانوا معتقلين في الفرع لمشاركتهم في تنظيم التظاهرات المناهضة لنظام الحكم في سورية, وجهت لهم تهمة تهريب السلاح إلى مقاتلي الجيش الحر في منطقتهم، وقال "كان في السجن أب وابن له معنا في الزنزانة نفسها، وكانت منفردة، وفي الزنزانة المجاورة كان ولده الآخر، وذات صباح فقنا على موت الأب، وبعد ليلتين من القهر الذي عاشه ابنه الذي كان معنا في المكان نفسه، مات هو أيضًا، كانت تقشعر عقولنا عندما كان يُجبر الأخ في هذا المعتقل على ممارسة اللواط مع أخيه, الله أكبر على الظالم". وأضاف الشاب "م.ن" أنه أُصيب بمرض الجرب، وتحول جسمه إلى خريطة لكثرة الجروح والنتوءات التي تعرض لها من التعذيب اليومي داخل المعتقل، متابعًا "في هذا المعتقل لا مكان لأي معاملة حسنة أو إنسانية، أصبحنا مشوّهين، ولكثرة القذارة والوسخ والجرب وانعدام الضوء والماء تلتهب الجروح وتتقيّح بشكل مخيف، لدرجة أن أحد المعتقلين وجد دودة في جسمه، لأن جرحه كان كبيرًا ولم يعالجه أحد، ورفضوا تحويله إلى المستشفى، وفي جسد آخر وجد 130 جرحًا مقيّحًا، رأيناها بأم أعيننا عندما كشف عن جسمه لنا، وهذه الجروح غير عائدة لتعّرضه للضرب، وإنما للقذارة والأوبئة المنتشرة داخل المعتقل، حيث يموت الشخص ألف مرة داخله، وكنا نخشى تحويل أي مريض أن يأخذوه إلى مسشفى الـ (601) في المرة، لأنه تحول إلى مسلخ ومقبرة جحيم بامتياز، واشتهر بطرق أخرى للموت، وكان يسمح لنا بالخروج إلى الحمام مرتين يوميًا، ولمدة ثواني عدة، وإلا غضب الشياطين يحل بنا، بانتهاك خصوصياتنا ودمجنا بمخلفاتنا داخل الحمامات". وأكد المعتقل السوري، أن "عدد المعتقلين في المخابرات الجوية فرع التحقيق في المزة، كان حوالي 40 ألف شخص, وهذا العدد عرفته من خلال تنقلي لأكثر من زنزانة والتقاطعات التي كان ينقلها لي رفاقنا المعتقلين في الزنازين الثانية، إضافة إلى عملية إحصاء لعدد المنفردات داخل هذا السجن والجماعيات والمزدوجات مضروبة بعدد المعتقلين بشكل تقديري، ويكون رقم المعتقلين في هذا الجحيم هو حوالي 40000 معتقل، ومثلهم تقريبًا ينقلون إلى سجن الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد بعد انتهاء التحقيق معهم".