برلين - العرب اليوم
أسّست دولة الإمارات منذ 42 عاما ولازالت البنية التحتيّة لدبي قيد الإنشاء، ولهذا ترسل الإمارات مواطنيها المرضى للعلاج في الخارج. كما يعالج عرب من دول أخرى لدى أطباء في ألمانيا، لكن
المسألة بها بعض المصاعب.
هيئة الصحة في دبي هي في العادة الجهة التي تقرر في مسألة إيفاد المرضى للعلاج في مستشفيات ومراكز طبية خارج الإمارات. ومعظم الحالات التي ترسل للعلاج في ألمانيا تكون لمرضى بهم إصابات خطيرة بعد تعرّضهم لحوادث سير، وكذلك لأطفال لديهم تشوهات أو إعاقة جسدية، أو لمرضى السرطان والعظام. بينما يقوم مدير مكتب هيئة دبي الطبية في السفارة الإماراتية في بون الدكتور خالد القيواني بفحص التكاليف المحتملة لعلاج المرضى. والقيواني هو في الأصل أخصائي مسالك بولية ويتلقى التقارير الطبية من دبي ثم يقوم بعدها بالبحث عن المستشفى المناسب لكل حالة، سواء في ألمانيا أو النمسا أو سويسرا، ويشرف أيضا على ترتيب إجراءات السفر والإقامة كلها.
وبجانب مسؤوليته عن حل المشاكل الكبيرة يتدخل القيواني، الذي درس الطب في ألمانيا، في حل المشكلات الصغيرة أيضا، وكثيرا منها يتسم بالطرافة وله علاقة باختلاف الظروف والناحية الثقافية والاجتماعية بين الإمارات وألمانيا. ففي مرة من المرات اتصل به شخص قادم من دبي وقال له "لقد نزلت للتو من الطائرة ويقف أمامي شخص يرتدي زيا رسميا، فما الذي ينبغي أن أفعله إذا ما وضع في وجهي عراقيل؟". فرد عليه القيواني قائلا "هذا الشخص هو رجل شرطة وما عليك إلا أن تقدم له جواز سفرك".
ويقول الدكتور خالد القيواني "هؤلاء المرضى عليهم ضغوط نفسية ويوجدون للمرة الأولى في بلد أجنبي لا يعرفون لغته، وهم لا يتصرفون هنا كما يتصرفون في وطنهم عادة، وينقصهم غالبا الصبر".
ويقول القيواني وهو يبتسم "عملي مرهق جدا". فالرجل يشرف على علاج الآلاف المرضى سنويا، يأتي مع كل واحد منهم في المتوسط اثنان من المرافقين. ويوضح القيواني للمرضى كيفية التصرف السليم حتى لا يقعوا في أخطاء. ويرتب لهم المترجمين وخدمات النقل ويوفر لمرافقيهم السكن، كما يقوم بالتفاوض مع المستشفيات بشأن الإجراءات اللازمة وتكاليف العلاج، ويؤشر على منح المواطنين الإماراتيين من الأموال التي توفرها لهم الدولة للعلاج. وإضافة إلى ذلك يبحث مع المستشفيات مسائل مثل ممارسة المرضى لشعائرهم الدينية، ومنع تقديم أطعمة لهم تحتوي على لحم الخنزير أوالكحول.
ولأن خالد القيواني لا يمكنه أن يرافق شخصيا كل من يأتي للعلاج في ألمانيا يلجأ إلى الاستعانة بشركات تقدم خدمات طبية. لكنه ليس راضيا دائما عن أداء تلك الشركات ويقول "كثيرا ما يفتقد عملهم إلى المهنية ويحصدون عمولات هائلة من الأطباء والمرضى وهذا يؤثر على العلاج نفسه".
هناك عرب آخرون أيضا يبحثون عن العلاج في ألمانيا ويذهب بعضهم تاركا خلفه فواتير وحسابات لم تدفع. وتشتكي إدارات مستشفيات ألمانية من أنه في الماضي كان هناك مرضى يختفون بدون أثر دون أن يسددوا ما عليهم. ونتيجة لذلك قررت مستشفى إعادة التأهيل العصبي "غودس هوهى" في الحي الدبلوماسي السابق "بون-بادغودسبرغ" ألا تستقبل مرضى السكتة الدماغية أو المرضى المصابين بصدمات الدماغ من المملكة العربية السعودية والكويت إلا بعد تسديد مبلغ مالي مسبق. وكذلك هناك نزاع بشأن من يتحمل تكاليف علاج مصابي الحرب الأهلية الليبية 2011 وتصل المبالغ المستحقة الدفع للمستشفى إلى مئات الآلاف من اليوروهات، بينما يقف في برلين غير مبالين حسب ما ذكر المدير التنفيذي لمستشفى إعادة التأهيل العصبي رولف رادتسوفايت، وأضاف رادتسوفايت أن التعاون مع سفاراتي دولة الإمارات وقطر يجري بشكل مثالي منذ ثلاثة عقود، والفواتير تدفع على الفور".
ورغم أن قطر و دبي تعدان بالمفهوم الغربي جنتان للتسوق وقضاء الإجازة في منطقة الخليج، لكن النظام الصحي الحكومي فيهما يعاني من نقائص ولا سيما في الرعاية الجماعية. وعن سبب السياحة العلاجية يقول خالد القيواني "لدينا مستشفيات حديثة، لكن عدد الأطباء قليل جدا. والمرضى الذين يعانون من أمراض معقدة يرسلون للعلاج في الخارج، لأن العلاج الطبي حق أساسي يكفله دستورنا".
القدوم للعلاج في ألمانيا لا يقتصر على الأثرياء العرب، وإنما أناس فقراء بمنحة من الحكومة وكذلك عسكريون وعائلاتهم. وتمثل إعادة التأهيل أو ضبط أطراف صناعية بعد عمليات جراحية للعظام السبب الأكبر للحضور إلى ألمانيا.
ويشكو القيواني من قيام مستشفيات في ألمانيا بتحصيل 20 في المائة تكلفة إضافية على كل فاتورة ومن أن ذلك "أصبح موضة فعلا." ويبرر رولف رادتسوفايت التكاليف الإضافية للمرضى الأجانب بأمور عدة منها الخدمات المختبرية، وخدمات الترجمة والنقل خارج المستشفى والرعاية الخاصة ونفقات إضافية للعلاج على أساس جنس المريض. ويقول رادتسوفايت "نحن نحسب ذلك إجمالا من أجل الوضوح وهذا يحمي السفارات من المفاجآت غير السارة".
يذكر أن المرضى الذين يأتون من الخارج يدفعون تكاليف العلاج فقط، أما "المرضى الألمان فيزيدون عليهم ضرائب بناء المستشفيات و التكنولوجيا الطبية".