لندن ـ عمان اليوم
هناك بعض الفنانين الذين لا يمل منهم الجمهور مهما انتشرت أعمالهم عبر الصور الفوتوغرافية والعروض والاستغلال التجاري، من هؤلاء العبقري التعس فنسنت فان غوخ. ولمحبي الفنان الهولندي الأسطوري يمثل خبر ظهور لوحة له للمرة الأولى منذ 100 عام، هدية ثمينة. اللوحة أماطت عنها الستار دار «سوذبيز» بالأمس بإعلانها أنها ستعرضها للجمهور في باريس قبل عرضها للبيع في المزاد العلني الشهر المقبل. الخبر يضخ شحنة من النشاط والحيوية في جو فني يحاول جاهداً مقاومة سلبية أجواء «كورونا» التي أثرت على مناحي الحياة كلها، وبالتأكيد على الحركة الفنية المتمثلة في المعارض والمزادات، وغيرها.
لنعد الآن لعبقري الألوان وضربات الفرشاة «فنسنت»، كما كان يوقّع خطاباته، وللوحته التي ستعرض لأول مرة منذ أن رسمها فان غوخ في ربيع عام 1887 أثناء إقامته في باريس وبعد أن اقتنتها عائلة فرنسية حافظت عليها لقرن كامل. اللوحة تحمل اسم «مشهد من شارع في حي مونمارتر»، وتعد من الأعمال المهمة للفنان، وهي من سلسلة أعمال نفذها فان غوخ عن هذا الجزء من مدينة باريس.
ماذا نعرف عن اللوحة وتاريخها؟ بقيت كنزاً أثيراً في مقتنيات العائلة نفسها لـ100 عام، فمن ذا يمكنه التفريط في لوحة لفان غوخ بعد الحصول عليها؟ لم تعرض للجمهور منذ ذلك الوقت رغم أن صورتها ظهرت في عدد من الكتب الفنية.الشهر المقبل سيتمكن عدد من المحظوظين من رؤيتها في الطبيعة، عبر معارض في أمستردام وهونغ كونغ وباريس، قبل أن تتوارى عن الأعين مرة أخرى في إحدى المجموعات الفنية الخاصة أو إذا كان الجمهور محظوظاً فقد يستقر بها المقام في أحد المتاحف العالمية.
عن تأثير رؤية اللوحة للمرة الأولى، قال كلود ميرسييه وفابيان ميرابو من دار «ميرابو ميرسييه» المشاركة مع «سوذبيز» في بيع اللوحة «في اللحظة التي وقعت أعيننا على هذه اللوحة للمرة الأولى أصبحنا أسرى لها، وبالكثير من السعادة نعرضها الآن للعالم بعد أن كانت تحتل مكانة خاصة لدى العائلة الفرنسية نفسها على مدى قرن من الزمان». وحسب ما ذكر مسؤولو قسم الفن التأثيري والحديث بدار «سوذبيز» في باريس، فاللوحة تحمل أهمية خاصة. فإلى جانب أنها تحمل اسم فان غوخ، فهي الوحيدة الباقية في مجموعة خاصة من السلسلة التي رسمها الفنان أثناء إقامته في باريس «مع وجود بقية اللوحات من هذه السلسلة في متاحف مهمة حول العالم».
اللوحة رسمها الفنان أثناء إقامته مع شقيقه ثيو في باريس، وتحديداً في شارع رو لوبيك بحي مونمارتر، مقصد الفنانين، في عام 1887، وقد جذبته أجواء الحي الشهير بفنانيه لتسجيل مشاهد منه. جذبته أيضاً الطبيعة الريفية الممتزجة بالحضرية في الحي، حيث تعايشت طواحين الهواء مع الحانات والنوادي الليلية.من الناحية الفنية، اللوحة تعد شاهداً على تحول مهم في رقعة ألوان فان غوخ، حيث تحول من استخدام الألوان الداكنة التي ميزت أعماله الأولى إلى الألوان الحية المتيقظة والصريحة التي تغنت بها لوحاته الشهيرة بعد ذلك.
في اللوحة نرى طاحونة هواء ضخمة تبدو مهملة وتقف شاهداً على تغير الزمن وعلى إحالتها للتاريخ بعد أن كانت أساسية في حياة سكان المدينة. تراجعت الطاحونة إلى الخلفية لتصبح معلماً سياحياً، حيث يقضي الناس بعض الأوقات المرحة، وهو ما نراه من لهو طفلين على يمين اللوحة، بينما تطالعها عين امرأة مارة مع زوجها.اللوحة ستعرض للبيع في مزاد الدار يوم 25 من مارس (آذار) المقبل بسعر تقديري يتراوح ما بين 5 و8 ملايين يورو، وستعرض قبلها في عدد من المدن مثل أمستردام وهونغ كونغ.
وقد يهمك أيضًا :