بيروت ـ نسرين برغل
أكدت الكاتبة اللبنانية بسمة الخطيب، في لقاء مع "العرب اليوم"، أنها تؤمن أن "الإبداع الحقيقي والصادق هو الذي ينطلق من خصوصية بيئته ويكون وفياً لجذوره"، وفيما كان كتابها "طريق الزهور البرية"، الأكثر مبيعًا في "معرض بيروت 2012"، أفادت بأن "عالم الكتابة واسع وخلاق"، قائلة " إن الكتابة للطفل والتعمّق في عالمه ترفد أعمالي الأخرى وتشعرني بالتوازن في مواجهة الضغوط اليومية للحياة والعمل". بسؤالها عما إذا كانت تطمح في أن تكون "سلمى لاجرلوف العرب"، قالت: لا أنكر تقديري للكاتبة السويدية سلمى لاجرلوف، ليس لأنها أول امرأة في بلدها تنال "نوبل"، بل لأنها كانت مخلصة لبيئتها.. كانت طبيعية وصادقة وعميقة.. كنت معجبة بمسيرتها الكتابية وبكتابها المميز، المُهدى إلى أطفال السويد "مغامرات نيلز"، مضيفة:" لم أفكر فيها وأنا أكتب قصة (طريق الزهور البرية)، بل فكّرت في طفولتي". وتتابع الخطيب:" ذات يوم انتبهت فجأة إلى أن الزهور البرية صارت نادرة جدًا، وأكثرية الناس لا يعرفونها ولا يعرفون أسماءها.. أحسست كم أني مدينة لها، فقد كانت رفيقتي مدة طويلة، وكان كل منا يعتني بالآخر.. كلّ بطريقته، لذا فكّرت أن أكتب كتابًا للأطفال عن هذه الزهور أو بعضها على الأقلّ، وأن أخبر الأطفال عنها ليروا مدى جمالها ويحفظوا أسماءها وألوانها وأشكالها". وتواصِل:" كانت القصة التي تطورت على مدى سنوات لأني كتبتها أول مرة وحفظتها في درج، لانشغالي في عملي في قناة (الجزيرة للأطفال)، ثم قناة (براعم)، ثم بعد سنوات استعدتها وطوّرتها ودفعتها إلى الموهوب البارع، الفنان فادي سلامة، الذي أبدع رسوم وإخراج الكتاب". عن علاقة سلمى لاجرلوف بكل ما سردته، قالت بسمة الخطيب:" إنها مؤلفة كتاب (مغامرات نيلز المذهلة)، ويعرفه الجمهور العربي من خلال مسلسل الرسوم المتحركة الذي يحمل اسم نيلز، وأرادت لاجرلوف، أن يتعرف أطفال السويد على طبيعة بلادهم وجغرافيتها من الجو؛ لذا كتبت قصة طفل سويدي يتحول إلى حجم فأر ويتنقل مع سرب إوز في مغامرة العودة إلى حجمه الطبيعي والى أهله.. أنا لم أفكر في تقليدها البتة وكتابي بعيد جداً عن مغامرة (نيلز والأوز).. لكني طالما آمنت أن الإبداع الحقيقي والصادق هو الذي ينطلق من خصوصية بيئته ويكون وفياً لجذوره". وعن حكاية "طريق الزهور البرية"، توضح:" إنها عن طفل من المدينة ينتقل للعيش في قرية في جبل لبنان.. القرية صغيرة وطبيعتها بكر، فيما يواجه هو مشكلة الوحدة؛ إذ لا يجد أطفالاً يلعب معهم، فتبلغه جارته أن حفيدتها سوف تأتي قريبًا، ولكنه لا يطيق الانتظار فيشعر بالحزن والوحشة، وفجأة تطلّ دمية قماش من نافذة كوخ ألعابه وتخبره أنها الدمية سارة، وأن أمرها يجب أن يبقى سرًا فتنشأ بينهما صداقة جميلة، وذات يوم يعلم بخبر قدوم حفيدة جارته ويخشى أن تكشف سرّ الدمية؛ لذا يحاول تنبيهها ويبحث عن بيتها الذي سبق أن أخبرته أنه بعيد، ليكتشف أن الجارة صنعت تلك الدمية لتسليه حتى تأتي حفيدتها". في شأن الشروط أو المعايير التي وضعتها عند الكتابة، قالت بسمة:" فكرت أولاً في نص ذكي يحاكي الذكاء الفطري للطفل.. استبعدت المواعظ والخلاصات.. الطفل يستخلص بمفرده ولا حاجة أن توضِّح له الأمور.. في القصة لغز، وطالما عرفت من خلال تجربتي مع الأطفال أنهم يحبّون حلّ الألغاز والأسرار؛ لذا مضيت في الحكاية وفق هذه القناعة". وعن رأيها في ازدياد الجوائز المرصودة لأدب الطفل خلال الفترة الأخيرة، أوضحت:" من حيث المبدأ أرحب برصد الجوائز لدعم تجربة كتّاب وكاتبات الأطفال، لأن هذه التجربة صعبة ومكلفة مادياً وقد يخسر الكاتب خسارة فادحة لأجل التقدّم في مشروعه، ولكن ما يجري أن هذا الهدف لا يتحقّق وتجد الصداقات والعلاقات العامة حيث هناك مال.. هذا مخزٍ وليس فقط مؤسفًا". وبسؤالها عما يعنيه أن يكون كتابها الأكثر مبيعًا، قالت:" أي كاتب يقدم على النشر يرغب في أن يقرأه الناس.. أردت أن يقرأ الأطفال هذا الكتاب.. المهم الآن أن يكون قد أعجبهم.. أتلقى من بعض الأهل ردود فعل أبنائهم وهي مرضية لي.. تاهت إحدى الأمهات مرة وهي تقود فقال لها ابنها: عليك إتباع طريق الزهور كما فعل جاد في القصة.. أليس هذا ما يتوق له كل كاتب؟". ونشير إلى أن "عالم الكتابة واسع وخلاق"، قائلة:" لا أجد أي تعارض بين الكتابة للأطفال والكبار أو بين الكتابة الصحافية والكتابة الدرامية، وما حصل ويحصل معي هو أن الكتابة للطفل والتعمّق في عالمه ترفد أعمالي الأخرى وتشعرني بالتوازن في مواجهة الضغوط اليومية للحياة والعمل". وتلخص مشوارها مع أدب الطفل، قائلة:" في سن الـ17 درست التربية لأجل العمل كمعلمة روضة أو جليسة أطفال، وهذه في الحقيقة كانت رغبة أهلي، فقد كان طموحي في مكان آخر هو الصحافة والأدب والإبداع الفني، ولكني احتجت إلى الاستقلال المالي وإرضاء أهلي وطمأنتهم فقبلت الأمر ومضيت فيه، وسرعان ما التحقت بكلية الإعلام قسم الصحافة، ووجدت في (التربية الحضانية) تعليم الأطفال عالماً جميلاً، ورافداً لي بطرق مختلفة، فصرت في تأليف القصص لأطفال الروضة وأطورها وأعيد تأليفها بينما احكيها لهم؛ إذ يشاركونني في هذا ويتحكمون في الأحداث وفق ردود أفعالهم". عن الجديد في عملها، قالت:" أعمل على كتابين للأطفال.. الأول جاهز رسوماً ونصاً، والثاني يعكف الفنان فادي سلامة على رسومه"، وفيما أشارت إلى إمكانية تحويل "قصّة طريق الزهور البرية إلى عمل تلفزيوني، لفتت إلى أنه لا توجد خطة لذلك حاليًا.