واشنطن ـ يوسف مكي
يُعدّ بناء الجدران على قاع البحر هو أقصى ما انتهى له علم المناخ، حيث يبحث المهندسون عن طرق جديدة لمنع ارتفاعات مستوى سطح البحر التي من المتوقّع أن تنجم عن الاحترار العالمي, فمن خلال إقامة حواجز من الصخور والرمال، يعتقد الباحثون أن بإمكانهم إيقاف انزلاق الكتل الجليدية تحت سطح البحر أثناء تفككها في أعماقها, وسيكون ذلك من الحلول الجذرية، لكنه قد يشتري بعض الوقت إذا استقر التغير المناخي، وفقًا لورقة جديدة نشرت يوم الخميس في مجلة Cryosphere، من الاتحاد الأوروبي للعلوم الجيولوجية.
ويقول مايكل وولوفيك، الباحث في قسم علوم الأرض في جامعة برينستون في الولايات المتحدة "على الرغم من أن الفكرة قد تبدو بعيدة المنال، إلا أن التصميم سيكون بسيطًا نسبيًا, ، و وصف الخطط بأنها "في حدود الحجم المعقول من الإنجازات البشرية ", "نحن نتخيل بُنىّ بسيطة للغاية، ببساطة أكوام من الحصى أو الرمل في قاع المحيط".
وأضاف "لن تهدف تلك الهياكل فقط إلى كبح ذوبان الأنهار الجليدية، ولكن في منع وصول الماء الدافئ إلى قواعد الأنهار الجليدية تحت سطح البحر, ويجري الآن بحث جديد من قبل علماء يبيّنون كيف أن تأثيرات المياه الأكثر دفئًا حول العالم، حيث أن المحيطات دافئة، قد تكون السبب الرئيسي في ذوبان الأنهار الجليدية تحت الماء.
و عمل وولوفيك وزملاؤه الباحثون على نماذج حاسوبية للتحقق من التأثيرات المحتملة للمنشآت التي يعتقدون أنها ستكون ضرورية، حيث أخذوا نهر ثويتس الجليدي في أنتاركتيكا كنقطة انطلاق لهم، والتي تقع على مسافة تتراوح من 80 إلى 100 كم، وهي واحدة من أكبر الأنهار الجليدية في العالم.
ووجد الباحثون أن إنشاء هيكل من الأعمدة أو الأكوام المنفردة في قاع البحر، يبلغ ارتفاع كل منها 300 متر، سيتطلب ما بين 0.1 و 1.5 كيلومتر مكعب من المواد الكلية, وهذا من شأنه أن يجعل مثل هذا المشروع مشابهًا لمقدار المواد التي تم حفرها لتشكيل جزر النخلة في دبي، والتي استغرقت 0.3 كيلومتر مكعب من الرمال والصخور، أو قناة السويس، التي تطلبت حفر كيلومتر مكعب واحد.
ويبدو أنه من شأن بناء هيكل من هذا النوع أن يكون لديه احتمال بنسبة 30٪ في منع انهيار النهر الجليدي في المنطقة القطبية الجنوبية، وفقًا للنماذج, وباستخدام تصاميم أكثر تعقيدًا يصعب تحقيقها في الظروف القاسية في قاع البحر في المناطق القطبية الجنوبية، يمكن بناء جدار صغير تحت الماء، والذي يحسب له أن لديه فرصة 70٪ للنجاح في سد نصف المياه الدافئة من الوصول إلى الرف الجليدي.
وتكون لدى لأنهار الجليدية الذائبة تحت درجات الحرارة المرتفعة في القطبين ,القدرة على تصريف كميات هائلة من المياه العذبة في المحيطات، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات البحار بشكل أسرع مما كانت عليه منذ آلاف السنين, حيث إن نهر ثويتث الجليدي وحده، وهو مجرى جليدي بحجم بريطانيا ومن المرجح أن يكون أكبر مصدر منفرد لمستوى سطح البحر في المستقبل، يمكن أن يؤدي إلى ذوبان مياه كافية لرفع مستويات البحار العالمية بثلاثة أمتار.