لندن ـ ماريا طبراني
كشف العلماء أن القردة لديها الأجهزة البيولوجية التي تمكنها من التحدث مثل البشر لكنها تفتقر إلى القدرات العقلية، وعلى الرغم من تشارك أكثر من 96% من الحمض النووي مع القردة فإن البشر هم الكائنات الوحيدة التي تجيد التحدث.
وخاض الباحثون العديد من المحاولات الفاشلة في ما سبق لتدريب القردة على الحديث، وأجمعوا على أن هذه الحيوانات تفتقر إلى الأجهزة اللازمة للكلام، إلا أن النتائج الأخيرة التي توصل إليها باحثون من جامعة برنستون وجامعة فيينا قلبت الأمور رأسا على عقب، ووجد الباحثون من خلال التحليل الصوتي لقردة المكاك أن لديها القدرة على إصدار أصوات حروف العلة الخمسة التي تشكل أساس اللغة البشرية.
وأنشأ فريق البحث محاكاة حاسوبية للاهتزازات الهوائية داخل حناجر الحيوانات وحاولوا إنتاج صوت مشابه لجملة "هل تتزوجيني؟"، وعلى الرغم من كون الصوت الناتج مخيفا بعض الشيء لكن الجملة كانت مفهومة بشكل واضح لكنها غير دقيقة مثل اللغة البشرية، بينما ينبع الحديث لدى البشر من الحنجرة ويصقل بحركات الشفاة واللسان، وعند معالجة الصوت الناتج عن قردة المكاك عبر الحاسب تبين للباحثين القدرة على إنتاج أصوات حروف العلة وكلمات وجمل كاملة مفهومة لكن صوتها مشابه لصوت القردة، وأوضح البروفيسور تيكومسيه فيتش من جامعة فيينا "أتمنى أن تلغي هذه الدراسة الأساطير المنتشرة بشأن محدودية المسالك الصوتية للقرود وأنها لا يمكنها التحدث".
وأشارت الدراسة إلى أنه من المحتمل أن تكون لدى حيوانات أخرى قوة كامنة للكلام، وربما يكون تشريح التحدث متاحا للقردة القديمة في الماضي، إلا أن التحولات الحديثة نسبيا في قدرة الدماغ هي التي مكنت البشر من إتقان هذه الاتصالات المعقدة، وتابع فيتش "أعتقد أنه بجانب غيرها من البيانات يدل ذلك على أن أي حيوان ثديي لديه المرونة لإنتاج مجموعة واسعة من أصوات الكلام بما في ذلك الكلاب أو الخنازير، أو أسلاف الإنسان المنقرضة"، وأضاف البروفيسور آصف غزنفر من معهد برنستون لعلم الأعصاب "الآن لا يستطيع أحد أن يقول إن الأمر يتعلق بعلم التشريح الصوتي الذي يمنع القردة من التحدث ولكن على الأغلب هو شيء متعلق بالدماغ، وحتى إن اقتصر هذا الاستنتاج على قردة المكاك فلا يزال ذلك يمحي فكرة أن التشريح هو سبب محدودية التحدث لدى غير البشر".
ويبدو أنه حتى مع تدريب القردة بكل التكنولوجيا المتاحة فمن غير المحتمل أن تتحدث، وأردف غزنفر "الدوائر العصبية التي تنتج الحديث كبيرة حجما ومعقدة، ويتطلب النطق تنسيق النفس حيث إن النطق يضاعف من التوتر ويشكل الفم بشكل معين، ويتطلب إنتاج الكلام القيام بذلك بتسلسل طويل من هذا التنسيق"، ونشرت نتائج الدراسة في مجلة Science Advances.