الدكتور محمد بن حمد الرمحي

سجلت أسعار النفط العالمية خلال الأسبوعين الماضيين تراجعا كبيرا في الأسعار هي الأدنى منذ عام 2002 .. كما يمر السوق النفطي العالمي بتراجعات كبيرة أثرت بشكل كبير على شركات النفط العالمية وأسواق المال وبرامج الدول وخططها الاقتصادية وبرامجها الإنمائية خاصة عندما يتعلق الأمر بدول تعتمد على عائدات النفط بشكل كبير.

الدكتور محمد بن حمد الرمحي وزير النفط والغاز أبدى تفاؤله بعودة أسعار النفط إلى الاستقرار خلال المرحلة القادمة خاصة مع انحسار فيروس كورونا وعودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها.وقال في تصريح صحافي إن عودة أسعار النفط للارتفاع مرهونة بالكثير من العوامل، فبالإضافة لانحسار كورونا فهو أيضا مرتبط بمدى قدرة أوبك للعودة إلى طاولة الحوار والاتفاق على ضبط السوق وخفض الإنتاج. لذا فإن أسعار النفط قد تتراوح بين 30 إلى 40 دولارا مع الربع الأخير من العام الجاري.

وتطرق الدكتور إلى وضع السوق النفطي والذي أشار إلى أنه يمر بمرحلة حرجة وأن الخسائر المالية والاقتصادية خاصة بالنسبة للدول المنتجة والمعتمدة في عوائدها على النفط ستكون كبيرة اذا ما استمرت الأسعار بوضعها الحالي.

السلطنة .. وسياسة ضبط الأسعار

وأشار إلى أن السلطنة مستمرة على نفس السياسة والتي طالما أكدت عليها وهي ضرورة المحافظة على مستويات أسعار مستقرة وآمنة تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين، بالإضافة إلى أن السلطنة ليس لديها نية في الوقت الحالي للاستثمار في حقول ومشاريع جديدة، رغم أن التوجه في السابق وتحديدا قبل وصول أسعار النفط لهذه المستويات هو رفع الإنتاج في حالة كانت أسعار النفط مستقرة بين ٦٠ دولارا إلى ٦٥ دولارا وعليه فإن رفع الإنتاج يعني زيادة الانفاق وظروف السوق والوضع الاقتصادي العالمي الحالي لا يسمح بذلك.

وأشار الدكتور إلى أن التزام السلطنة بحصتها مع أوبك والمتعلقة بخفض الإنتاج بواقع 45 ألف برميل في اليوم كان آخره يوم أمس الأول الموافق ٣١ مارس 2020م وبذلك أصبحنا غير ملزمين بأي خفض بعد هذا التاريخ، موضحا ان انتاج السلطنة لم يتأثر بتراجع الأسعار، فنسبة الإنتاج تبلغ ١٠٠% والسلطنة حريصة على عدم إغراق السوق بالرغم من محدودية انتاج السلطنة والبالغ 970 ألف برميل يوميا، كما أننا لا نؤيد الدول بزيادة الإنتاج في هذه المرحلة الحساسة لأنها لا تخدم مصالح الدول ولا صناعة النفط في العالم.

وقال وزير النفط إن السلطنة منذ بداية تراجع أسعار النفط تعمل مع مجموعة أوبك والدول المنتجة في محاولة لضبط الأسعار بهدف الوصول لاتفاق يرضي جميع الأطراف، معربا عن أمله في أن تشهد الأيام القادمة انفراجة تعيد الأسعار للمستويات التي ترضي الجميع سواء الدول المنتجة أو المستهلكة منوها بالجهود التي تبذلها منظمة أوبك في هذا الجانب.

أمل بانفراجة قريبة

وأوضح أن الدعوة التي وجهتها الولايات المتحدة الأميركية يوم أمس الأول للدول الرئيسية في منظمة أوبك بالعودة إلى المفاوضات قد تفتح بارقة أمل في أن تشهد الفترة القادمة حلولا عملية لموضوع ضبط تراجع الأسعار في ضوء الجهود العالمية المبذولة.

وأشار إلى أنه بسبب الخسائر التي منيت بها أسعار النفط ستكون الدول بحاجة لفترة قد تصل لسنتين حتى تستطيع تعويض الفاقد الكبير في ميزانياتها بسبب نزول الأسعار موضحا ان المعروض من النفط في الأسواق العالمية اليوم بات كبيرا وهذا راجع لارتفاع المعروض مع التراجع في الطلب مما يعنى أن عودة الأسعار لمستوياتها السابقة سيأخذ وقتا.

وربط تراجع الأسعار لمستويات جديدة في احتمالية أن تقوم شركات النفط العالمية بوقف الإنتاج كون أن تكلفة الإنتاج مع الاسعار الحالية ستكون مكلفة لشركات النفط وقد تلجأ بعض هذه الشركات حكومية كانت أم خاصة لغلق بعض الآبار للحد من خسائرها في حالة استمرار الوضع كما هو عليه.

لقاءات اجتماعات بالشركات المنتجة

وبالنسبة لشركات النفط العاملة بالسلطنة ومدى تضررها من تراجع أسعار النفط أكد معالي الدكتور محمد بن حمد الرمحي وزير النفط والغاز أن السلطنة جزء من هذه المنظومة العالمية، وبالتالي فمن الطبيعي أن يتأثر القطاع النفطي والشركات من هذا التراجع، مؤكدا ان الوزارة حريصة على اللقاء والاجتماع بشركات النفط العاملة بشكل يومي والعمل معها على ايجاد الحلول والخيارات المناسبة التي من شأنها ضمان استقرار هذه الشركات والعاملين بها، ولذلك نتمنى أن لا تلجأ هذه الشركات لغلق بعض الآبار أو خفض الرواتب أسوة بما قامت به العديد من الشركات النفطية حول العالم التي خفضت رواتب موظفيها بنسبة 30 بالمائة.

وأضاف معاليه بالقول: نعمل مع شركات الإنتاج العاملة في السلطنة على ضمان الاستقرار الاقتصادي في البلاد كونها شريكا أساسيا مع الحكومة وبالتالي فالشركات العاملة تبدي اهتماما وتفهما لظروف هذه المرحلة وضمان الخروج بأقل الخسائر سواء للحكومة أو للشركات المنتجة خاصة الكبيرة منها… موضحا أن شركة تنمية نفط عمان باعتبارها الشريك الأساسي للحكومة تعمل وبالتعاون مع الشركات الأخرى للحد من تأثيرات تراجع الاسعار على أوضاع الشركات المنتجة، آملا معاليه بأن تعود الأسعار للارتفاع وألا نلجأ لاتخاذ إجراءات احترازية في حالة استمرار تراجع الأسعار وذلك لضمان الاستمرارية والاستدامة للشركات المنتجة.

الغاز والنفط وجهان لعملة واحدة

وعما اذا كان ارتفاع إنتاج السلطنة من الغاز قد يخفف الفاقد المالي من تراجع أسعار النفط ويعزز ميزانية الدولة قال معاليه: النفط والغاز وجهان لعملة واحدة، فسوق الغاز هو أيضا متأثر وقد يكون أسوأ من النفط حيث كان سعر المتر المكعب قبل فترة 9 دولارات واليوم هو أقل من 3 دولارات، النفط كان سعره فوق 60 دولارا وهو اليوم بسعر 20 دولارا، ورغم ذلك فالسلطنة مستمرة في إنتاج الغاز لكون البنية الأساسية لنجاح هذا القطاع متوفرة والحمد لله، كما ان السلطنة هي بحاجة للغاز في العديد من القطاعات الاقتصادية المختلفة.

وفيما اذا كان سعر البرميل قد ينخفض لاقل من 15 دولارا للبرميل قال معاليه: استبعد حدوث ذلك، والسبب أنه اذا وصلنا لسعر 15 دولارا فإن العالم سوف يفقد حوالي 50 بالمائة من إنتاجه النفطي وبالتالي فإن قليلا من الشركات هي التي بمقدورها انتاج النفط بأقل من 15 دولارا على سبيل المثال، وبلوغ سعر برميل النفط لهذا المستوى قد يجبر بعض الشركات لوقف الإنتاج وهو ما قد يرفع الأسعار لمستويات مقبولة تكون بين 20 إلى 30 دولارا على الأقل حتى انحسار فيروس كورونا الذي يعتبر سببا رئيسيا وراء تراجع أسعار النفط.

وفرة كبيرة في سوق النفط

وقال معاليه إن العالم اليوم ينتج 100 مليون برميل ويستهلك بين 80 إلى 90 مليون برميل، أي أن هناك فائضا في حدود 10 إلى 15 مليون برميل في اليوم، وبالتالي فإن نزول السعر لأقل من 15 دولارا قد يجبر الشركات إلى خفض انتاجها أو وقف الإنتاج لرفع الأسعار أي أن 100 مليون برميل ستصبح 50 مليون برميل وهو ما يقلل من حجم العرض مع ارتفاع الطلب.

وأبدى معاليه تفاؤله بعودة الأسعار لمستويات جيدة رغم ان ذلك قد يأخذ بعض الوقت لكنه قال إنه سيكون في حدود 30 إلى 40 دولارا مع نهاية العام الجاري اذا ما عادت الأمور لوضعها الطبيعي بعودة أوبك للحوار أو انحسار فيروس كورونا، خاصة أن بعض دول العالم بدأت في التعافي مثل الصين واليابان وكوريا.

وأشار إلى أن مستقبل السوق النفطي ما زال غامضا وليس هناك ما نستطيع أن نستبشر به بشأن الأسعار على الأقل في المدى القريب مشيرا إلى ان هناك شركات عالمية لا تملك القدرة اليوم في تخزين هذا الفائض من النفط بسبب الوفرة الكبيرة الموجودة في سوق النفط العالمي.

صادرات السلطنة من النفط

وتشير الاحصائيات إلى أن إجمالي صادرات السلطنة من النفط الخام والمكثفات النفطية بلغ بنهاية ديسمبر الماضي 310 ملايين و337 ألفًا و400 برميل بارتفاع نسبته 3ر7 بالمائة عن نهاية ديسمبر 2018م حيث بلغ إجمالي الصادرات وقتها 289 مليونًا و281 ألفًا و800 برميل.

وبلغ إنتاج السلطنة بنهاية ديسمبر 2019م من النفط الخام والمكثفات النفطية 354 مليونًا و392 ألفًا و600 برميل منها 306 ملايين و814 ألفًا و100 برميل من النفط الخام و47 مليونًا و578 ألفًا و500 برميل من المكثفات النفطية وبمتوسط إنتاج يومي من النفط بلغ 970 ألفًا و900 برميل.

وسجل متوسط سعر برميل النفط الخام العُماني انخفاضًا بنسبة 7ر8 بالمائة بنهاية ديسمبر 2019م ليبلغ 6ر63 دولار أميركي للبرميل مقارنة بـ 7ر69 دولار أميركي للبرميل بنهاية ديسمبر 2018م وفق ما أوضحت الإحصائيات الأولية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات

واستحوذت الصين على الكم الأكبر من صادرات السلطنة من النفط الخام والمكثفات النفطية حتى نهاية شهر ديسمبر الماضي حيث بلغت الصادرات إليها 243 مليونًا و349 ألفًا و300 برميل تلتها اليابان بـ 23 مليونًا و316ألفًا و200 برميل والهند بـ 14 مليونًا و769 ألفًا و400 برميل وكوريا الجنوبية بـ 10 ملايين و525 ألف برميل، في حين بلغ إجمالي صادرات النفط الخام العُماني للدول الأخرى 18 مليونًا و377 ألفًا و600 برميل.

وبلغ إجمالي الإنتاج المحلي والاستيراد من الغاز الطبيعي 46مليارًا و190 مليون متر مكعب بنهاية ديسمبر 2019م بارتفاع نسبته 1 بالمائة مقارنة بنهاية ديسمبر 2018م حيث بلغ الإجمالي وقتها 45 مليارًا و721 مليون متر مكعب. يذكر أن الإنتاج غير المصاحب للغاز الطبيعي شاملا الاستيراد بلغ 37 مليارًا و886 مليون متر مكعب، فيما بلغ الإنتاج المصاحب للنفط 8 مليارات و304 ملايين متر مكعب.

قد يهمك أيضا:

وزيرالنفط العماني يدعو أوبك والمستقلين لمواصلة التعاون

سلطنة عُمان مستعدة لخفض إنتاجها من النفط