مسقط - عمان اليوم
شكلت الإجراءات الاحترازية التي أعلن عنها البنك المركز العماني منذ بداية أزمة كورونا جانبا مهما في استقرار الأوضاع المالية والنقدية، في ضوء فعالية تلك الإجراءات وأهميتها بالحفاظ على مستوى أداء القطاع المصرفي وشركات التمويل والشركات الخاصة الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، وتوفير السيولة النقدية وضمان ثبات صرف الريال العماني واستمرار العمليات الإقراضية وغيرها من الجوانب التي كان البنك المركزي حريصا على دراستها والإعلان عنها تدريجيا بناء على تطور تبعات أزمة كورونا وحجم التأثير المتوقع على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية أو بالنسبة لتراجع أسعار النفط وأهمية وضع ذلك في الاعتبار عند اتخاذ أي إجراء يعتمد على الموأءمة بين تلك الإجراءات بما لا يضر بقطاعات أخرى من مبدأ لا ضرر ولا ضرار، فطبيعة بعض الإجراءات خاصة المالية والنقدية منها تتطلب تحقيق مبدأ التوازن وبأن لا تكون فائدة قطاع على حساب الآخر.
لقد أكد البنك المركزي العماني أنه متابع لكل التطورات الاقتصادية بشكل عام ووضع الشركات والأفراد بشكل خاص وهذا نابع من المسؤوليات التي يلتزم بها البنك تجاه المجتمع بكل مؤسساته وأفراده، لكن من المهم أن تكون القرارات والإجراءات تراعي العديد من الجوانب المالية من حيث الكفاءة المالية ووضع القطاع المصرفي وشركات التمويل وغيرها من الأمور التي تتطلب دراسة وقراءة وافية ومستفيضة، فالإجراءات المالية مرتبطة أيضا بمصالح أفراد ومؤسسات وهذه هي طبيعة القطاع المالي والمصرفي فهو كباقي القطاعات يتأثر بشكل مباشر مع أي متغيرات وتقلبات اقتصادية محلية وخارجية ولكونه مرتبطا بشكل أساسي بالمفاصل الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
وتبقى الكثير من المبادرات التي اتخذت من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة في هذه الظروف والمتغيرات قائمة على شراكة وتعاون بين مختلف الجهات وتشرف عليها اللجنة العليا المعنية بمتابعة تفشي فيروس كورونا التي تتابع باهتمام كبير تلك الإجراءات والوقوف عليها من حيث النتائج وحجم التأثير ومدى الحاجة لاتخاذ إجراء من شأنه ضمان استقرار السوق وتلبية لمطالب مجتمعية مختلفة، ولكون القطاعات الاقتصادية والاجتماعية تعتبر من أكبر المتأثرين فمن الأهمية العمل على إيجاد الوسائل التي من شأنها التخفيف من حدة هذه الجائحة على المؤسسات والأفراد وهذا ما عمل عليه البنك المركزي العماني على مدى الأسابيع الماضية حيث أعلن عن العديد من الإجراءات الاحترازية المختلفة التي جاءت نابعة من اهتمام البنك بسلامة الوضع المالي والنقدي في الدولة وأيضا تلبية لمطالب ورغبات المؤسسات والافراد كان آخرها ما أصدره الأسبوع الماضي ومطالبة البنوك وشركات التمويل العاملة بالسلطنة بتأجيل سداد أقساط القروض المقدمة من قبلهم وذلك للقوى العاملة الوطنية المخفضة أجورهم لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ بدء التأجيل وذلك اعتبارا من أجور شهر مايو وحتى اشعار آخر دون احتساب أي فوائد أو أرباح على الرصيد المستحق للقرض أو التمويل، كما وأصدر البنك عددا من التوجيهات لكافة البنوك وشركات الصرافة وشركات التمويل العاملة بالسلطنة تتضمن حزمة من الإجراءات التحفيزية والاحترازية والتي من المتوقع أن توفر سيولة إضافية متاحة في حدود 8 مليارات ريال عماني بهدف احتواء تداعيات الأوضاع الراهنة على أداء الاقتصاد الوطني.
ومع المطالبات المتكررة من قبل مؤسسات وافراد المجتمع بضرورة تقديم البنك المركزي لتسهيلات أكبر خلال المرحلة القادمة فمن المهم أيضا أن نعلم أن تعاطي البنوك المركزية في العالم وخاصة في مثل هذه الظروف يقوم على العديد من الأسس والمرتكزات التي تشترطها المؤسسات والمنظمات العالمية المتخصصة في متابعة أداء القطاعات المصرفية حول العالم وأهمية الالتزام بتطبيق الشروط المتعلقة بالسلامة الأوضاع النقدية والمالية التي من شأنها المحافظة على الاستقرار الاقتصادي وبالتالي فما قام به البنك المركزي من إجراءات أسهم لحد كبير في تحقيق العديد من الأهداف والتوجهات التي تعزز من الاستقرار المالي والنقدي وتحافظ على سلامته والنظر في المطالب المتعلقة بالأفراد ومناقشتها مع القطاع المصرفي والتأكيد عليها. مع التأكيد على أهمية ان يبقى البنك المركزي متابعا لكل التطورات التي قد تستلزم أيضا اصدار قرارات جديدة خلال المرحلة القادمة.
وفي الجانب الآخر فإن الدور الذي قامت بها المؤسسات المصرفية وشركات التمويل في السلطنة يستحق الإشادة سواء فيما يتعلق بالتسهيلات الاقراضية ودعم المقترضين المتضررين وتعزيز السيولة النقدية وغيرها من وسائل الدعم الذي أثبت فيها القطاع المصرفي العماني مسؤولية وطنية لتجاوز هذه الظروف وبأقل الخسائر.
قد يهمك أيضا: