مسقط - عمان اليوم
أطلق بعض الاقتصاديين حول العالم مقولة ساخرة عن عام 2020، قائلين فيها أن "أفضل ما حدث في سنة 2020 حتى الآن.. أن نصفها انقضى!"، فبقدر ما تعبر عن رأي غالب تجاه هذه السنة تحت وطأة أحداثها المتلاحقة، إلا أنها تنبه إلى أن عاما جديدا يدنو.. إنه عام 2021، وهي سنة فارقة في تاريخ عمان الحديث، وفي ظل مسيرة النهضة المتجددة، إذ يشير إلى دلالات عدة، لاسيما على المستوى الاقتصادي.
وتوقَّع الاقتصاديون أن عام 2021 سيشهد انطلاقة بداية مسيرة تحقيق الرؤية المستقبلية "عمان 2040"، وفي أول أيامه ستنطلق الخطة الخمسية العاشرة، وفي الوقت الراهن يجري الاستعداد على قدم وساق لإعداد مشروع موازنة السنة المالية الجديدة 2021، وفي السطور التالية من هذا التقرير، ترصد "الرؤية" ملامح الخطوات الجديدة من خلال تحليل للمنشور المالي الذي أصدرته وزارة المالية مؤخرًا. والوزارة العمانية أوضحت في المنشور الموجه إلى كافة الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية أهمية الالتزام بإعادة ترتيب أولويات الإنفاق بما ينسجم مع الموارد المالية المتاحة وعدم افتراض أي توسع، وفي نفس الوقت العمل على استمرارية المشاريع التنموية من خلال تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص بما يمكن من تسريع تنفيذها.
الخدمات الأساسية
وأكدت أنها تضع على رأس أولويات مشروع الموازنة الاستمرار في تقديم الخدمات الحكومية الأساسية ذات الأولوية للمواطنين؛ مثل خدمات الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، مع إعطاء الأولوية في تنفيذ المشروعات للضرورية منها والتي تخدم الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، مع التريث في تنفيذ المشروعات غير الملحة، مع إعطاء الأهمية لتشغيل المشروعات المكتملة. وكشف منشور المالية عن التوجه نحو البدء في تطبيق بعض قواعد "موازنة البرامج والأداء"، من خلال مطالبة جميع الوزارات والوحدات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة عند إعداد مشروعات ميزانياتها، بمراعاة الأسس الرئيسية لإعداد مشروع الميزانية، وتقديم ورقة عمل متضمنة الأسس المتبعة في إعداد مشروعات ميزانياتها والإجراءات المالية المتخذة لترشيد الإنفاق، والأهداف والغايات والمؤشرات المتوقع تحقيقها، مع إرفاق كشوفات تفصيلية لكل مادة من مواد الصرف في الميزانية.
المنشور الذي يحمل تاريخا سابقا على نشره بفترة، يشير إلى أن وزارة المالية تلقت بالفعل الميزانيات المقترحة من كل وزارة ومؤسسة حكومية، وأنها تعكف في الوقت الراهن على إعداد الميزانية العامة للدولة تمهيدًا لعرضها على مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة وموافاة الأمانة العامة لمجلس الوزراء بها خلال شهر سبتمبر المقبل لاستكمال باقي إجراءات التصديق على الميزانية العامة للدولة.
ظروف استثنائية
وقالت الوزارة- في المنشور الذي اطلعت "الرؤية" على نسخة منه- إن إعداد مشروع الموازنة للعام المقبل يأتي في ظل الظروف الاقتصادية الاستثنائية التي فرضتها جائحة فيروس كورونا عالمياً، والانخفاض الحاد في أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، مع ضغط تنامي العجز وارتفاع المديونية، وهو الأمر الذي يتطلب الاستمرار في اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لضمان استقرار الوضع الاقتصادي وتحقيق الاستدامة المالية.
ووجهت وزارة المالية الوزارات والوحدات الحكومية كافة، إلى أهمية إعادة ترتيب أولويات الإنفاق بما ينسجم مع الموارد المالية المتاحة، وعدم افتراض أي توسع في ميزانياتها والالتزام التام بتوجيهات الحكومة الرامية إلى خفض مستوى الإنفاق العام للحد من تنامي عجز الموازنة العامة للدولة، وذلك حفاظاً على سلامة الأوضاع المالية وسعياً لتخطي المرحلة وتجاوز التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني. ويوضح منشور المالية أيضا توجهات الوزارة والأسس الرئيسية لإعداد مشروع الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2021، والتي تتضمن أن تكون مخصصات الموازنة وفقاً للإطار المالي للخطة الخمسية العاشرة (2021- 2025)، مع تحديد سقف للموازنة لكل جهة بحيث لا يتعدى الموازنة المعدلة في عام 2020. وتتضمن الأسس الاستمرار في تطبيق الإجراءات الهادفة إلى ترشيد الإنفاق ورفع كفاءته، والسيطرة على العجز والمحافظة على مساره النزولي، مع إعطاء أهمية للتوسع في استخدام التعاملات الإلكترونية في انهاء المعاملات الخاصة بإصدار الموافقات والتصاريح، إضافة إلى استكمال مراحل التحول لتطبيق موازنة البرامج والأداء، وكذلك ترشيد استهلاك الطاقة (الكهرباء والمياه) في المباني الحكومية وإنارة الطرق.
موازنة البرامج والأداء
واحتوى المنشور توجيها لوحدات الجهاز الاداري التي بدأت في تطبيق موازنة البرامج والأداء في المرحلة التجريبية، بضرورة تقديم مشروعات ميزانياتها وفقاً للبرامج والأنشطة، مشيرة إلى إمكانية التنسيق مع المختصين في المديرية العامة للموازنة والعقود بوزارة المالية للرد على أية استفسارات تتعلق بإعداد تقديرات الميزانية والمساعدة على سرعة تقديم البيانات والتفاصيل المرافقة للميزانية، وهو ما يعني السعي الحثيث لربط الإنفاق بالأداء والنتيجة. ويمكن القول إن موجهات الميزانية الجديدة من شأنها أن تسهم بدور فاعل في تحقيق ترشيد الإنفاق الحكومي، وهو أحد أبرز المطالب في كافة الدراسات الاقتصادية، غير أن الشهور القليلة المقبلة ستكشف عما إذا كان ترشيد الإنفاق قادر على تحقيق التعادل- ولو نسبي- مع تراجع الإيرادات؛ أم أن ثمة إجراءات أخرى لا بُد من اتخاذها لرفع مستوى الإيرادات ذاتيا دون اللجوء إلى مزيد من الاقتراض؟!
قد يهمك أيضا:
بيفاني يتحدث عن "تهريب" 6 مليارات دولار من البنوك رغم القيود