الفرنسي طوني باركر أو "تي بي" كما يطلق عليه تحبباً، يقود "قاطرة" كرة السلة في بلاده، وقد تكرس دوره القيادي قبل أيام مع إحراز فرنسا بطولة أوروبا للمرة الأولى إثر فوزه على ليتوانيا (حاملة اللقب 4 مرات) بنتيجة 80 - 66 في لبيوبليانا السلوفينية، وهو لقب انتظرته فرنسا منذ 78 عاماً. من خلال مسيرة تصاعدية عمرها 15 سنة، شكل باركر (31 عاماً) المولود في مدينة بروج البلجيكية من أب أميركي وأم هولندية، ظاهرة مميزة في عالم اللعبة، لا سيما دوره الكبير في فريق سان أنطونيو سبيرز الذي انضم إلى صفوفه عام 2001 في سن التاسعة عشرة، وأحرز معه لقب الدوري الأميركي للمحترفين في أعوام 2003 و2005 و2007. وجاء التتويج الأوروبي في مسيرة باركر ورفاقه بعد البرونزية القارية عام 2005 والفضية عام 2011. وعموماً، يسمى المنتخب الفرنسي بـ"جيل باركر"، هذا الـ"بيبول" الذي تخطت شهرته آفاق بلاده، وأضحى رمزاً للعبته على غرار أبطال فرنسيين آخرين طبعوا حقباتهم، أمثال ميشال بلاتيني وزين الدين زيدان في كرة القدم، وبرنار هينو في الدراجات، وجان كلود كيلي في التزلج الآلبي، وسباسيتان لوب في الراليات، وحتى إميلي موريسمو ويانيك نواه في التنس، ولور مانودو في السباحة، وتيدي رينر في الجودو... يؤكد غريع بوبوفيتش مدرب سان أنطونيو سبيرز، الذي واكب باركر منذ سنته الأولى في الدوري الأميركي حين كان في سن الـ20، أن "تي بي" صانع ألعاب الفريق "سفير فوق العادة"، و"نضج سريعاً وإنجازاته تتحدث عنه"، معرباً عن فخره بما حققه مع "سان أنطونيو الذي حمله على منكبيه منذ عامين، ومنتخب بلاده". قبل النهائي الأوروبي، عرج باركر على زملائه في غرفهم وشد من أزرهم وطمأنهم على أنه جاهز للمواجهة، قائلاً: "علينا ألا نفوت الفرصة أبداً هذه المرة، بعدما تجاوزنا حامل اللقب إسبانيا في الدور نصف النهائي". في تلك المباراة سجل باركر 32 نقطة، وأضاف 19 أخرى أمام المنتخب العريق ليتوانيا، فاستحق لقب أفضل لاعب في البطولة، والملهم لجيل كامل. وإضافة إلى التقدير الفرنسي لدور باركر، يحظى اللاعب بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة، فهناك خاض حتى الآن 1045 مباراة في دوري المحترفين سجل خلالها 18222 نقطة (معدل 17،4 نقطة في كل المباراة). وإلى فوزه بلقب الدوري ثلاث مرات، اختير باركر لمباراة كل النجوم (آل ستارز) خمس مرات، وأفضل لاعب في موسم 2007. وسجل 55 نقطة في مباراة ضد مينسوتا عام 2008 وهو رقم قياسي للاعب أوروبي في الـ"أن بي أي". كما سجل 43 نقطة في مباراة ضد دالاس ضمن الـ"بلاي أوف". وفي سجل باركر 6170 تمريرة حاسمة جعلته "أفضل ممرر" في فريقه. كما يعدّ ضمن قائمة عالمية في هذا الإطار تضم كريس بول وديريك روز وراجون روندو وراسيل ويستبروك ودورون ويليامس... ويرتبط باركر مع سبيرز بعقد حتى حزيران (يونيو) 2015، ويبلغ راتبه السنوي 9،5 مليون يورو، فضلاً عن مبلغ مماثل من عقود الرعاية والإعلانات، كما يستثمر في كرة السلة الفرنسية. شعبية باركر الطاغية (149 مباراة دولية)، حدت بالآلاف لاستقباله في خمس مطارات خلال رحلته الإعلانية إلى الصين في تموز (يوليو) الماضي. وهو يحسن توظيف هذه الشهرة واستغلالها إيجاباً لتطوير اللعبة في فرنسا وتخريج أجيال جديدة. فلا يزال على تواصل وثيق مثلاً مع فريق فيكامب الذي وقع معه أول عقوده هاوياً، وحيث بدأ حلمه بالاحتراف ينمو. فقاعة النادي تحمل اسمه وسمح بأن تعلق صوره ترويجاً لاستقطاب لاعبين. كما يحرص على اختيار عنصرين واعدين من فرق الفئات العمرية لينضما سنوياً إلى معسكر المواهب في سبيرز. ويخصص باركر إلى فيكامب وفرق أخرى جزءاً من مداخيله الإعلانية، إذ يطلب من الرعاة توفيرها، ويصر على تضمينها الاتفاقات التي يوقعها معهم. ويفخر الفرنسيون بأن مواطنهم "تي بي"، الذي سيلتحق بعد نحو أسبوعين بمعسكر فريقه سيبرز في الأكاديمية الجوية في كولورادو استعداداً للموسم الجديد من دوري المحترفين، غزا أميركا ثم توّج "ملكاً على أوروبا". ويأملون بأن يكون جاهزاً معنوياً وبدنياً لخوض بطولة العالم العام المقبل في إسبانيا، وهي مناسبة لا تزال تنقص سجله، إذ غاب عن نسختي 2006 في اليابان و2010 في تركيا. وذلك قبل التطلع إلى دورة ريو دي جانيرو الأولمبية عام 2016.