المستشارالمصري مصطفى حسن عبد الله

قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة اليوم برئاسة المستشار مصطفى حسن عبد الله، تأجيل محاكمة عدد من كبار قيادات تنظيم "الإخوان" الإرهابي إلى جلسة الخميس المقبل، وذلك في قضية اتهامهم بالقبض على أحد المواطنين واحتجازه وتعذيبه وهتك عرضه وصعقه بالكهرباء داخل مقر إحدى الشركات السياحية بميدان التحرير.
واستكملت المحكمة الاستماع إلى أقوال شهود الإثبات، حيث تم الاستماع إلى شقيق المحامي المجني عليه، حيث قرر في أقواله بأن شقيقه خضع لعلاج نفسي في أعقاب ما تعرض له على يد المتهمين، وأصيب باكتئاب حاد.. كما قرر شاهد آخر يقطن إلى جوار المجني عليه بأن المحامي كان قبل الواقعة شخصا طبيعيا، غير أنه في الفترة التي تلت الحادث الذي تعرض له صار شخصا إنطوائيا وأصيب باكتئاب وبات منقطعا عن التعامل مع الناس.
وأذنت المحكمة لممثل النيابة العامة بإبداء مرافعته في القضية، والذي قام بدوره بسرد وقائع القضية وتفاصيلها، مشيرا إلى أن المحامي المجني عليه أسامة كمال كان متواجدا بميدان التحرير للمشاركة في التظاهرات التي أعقبت ثورة 25 يناير، وأن شخصا قام باستيقافه على أحد مداخل الميدان، مدعيا أنه من اللجان الشعبية التي تتولى التأمين وطالب إليه الاطلاع على تحقيق شخصيته قبل الدخول، وأنه حينما تبين لهذا الشخص أن المجني عليه لا يحمل تحقيق شخصية، استدعى أشخاصا آخرين وقاموا بالقبض على المحامي المذكور، وأشاعوا كذبا في الميدان بأنهم قبضوا على ضباط بجهاز مباحث أمن الدولة أثناء محاولته الدخول إلى الميدان وقتل الثوار.
وأوضحت النيابة أن المحامي المجني عليه، تعرض لضرب مبرح إلى أن أغشي عليه، ثم تم حمله إلى مقر إحدى الشركات بعقار يطل على ميدان التحرير، وتم احتجازه لمدة 3 أيام تم خلالها تعذيبه وصعقه بالكهرباء والتعدي عليه بكافة أشكال الضرب، بغية إكراهه على الاعتراف بأنه يعمل ضابطا بالمباحث.
وأكدت النيابة أن التحقيقات أثبتت بالفعل أن المجني عليه يعمل محاميا ولا ينتمي لجهاز الشرطة مطلقا، علاوة على وجود مشاهد مصورة تظهر المتهمين وهم يقومون بالتعدي بالضرب على المجني عليه وتعذيبه، وتجريده من ملابسه، وأن المتهمين جميعا استولوا على مقر الشركة بالقوة لاستخدامه في احتجاز المواطنين الذين يتم إلقاء القبض عليه والاشتباه فيهم.
وذكر ممثل النيابة أن المتهمين محمد البلتاجي، وحازم فاروق شاركا في تعذيب المحامي المجني عليه بركله بالأقدام وصعقه بالكهرباء، علاوة على ما جاء بشهادة أحد الشهود من أن البلتاجي كان هو المسئول التنفيذي بميدان التحرير وقت حدوث الواقعة، وأنه كان يحرك شباب الإخوان في الميدان والمسئول عن تأمينه وضبط من يتسللون إليه.
وأكدت النيابة أنها تطمئن إلى الأحراز ومقاطع الفيديو المصورة وأقوال شهود الإثبات في القضية، مطالبة إلى المحكمة بتوقيع أقصى عقوبة مقررة قانونا بحق المتهمين.
وكان المستشار هشام بركات النائب العام قد سبق وأن أمر بإحالة كل من أسامة ياسين وزير الشباب السابق، ومحمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب المنحل، والإعلامي أحمد منصور المذيع بقناة الجزيرة القطرية، وكل من عمرو زكي وحازم فاروق ومحسن راضي أعضاء مجلس الشعب المنحل، والقياديين الإخوانيين محمد البلتاجي وصفوت حجازي إلى محكمة جنايات القاهرة، لاتهامهم بالقبض على مواطن واحتجازه وتعذيبه وهتك عرضه وصعقه بالكهرباء داخل مقر شركة "سفير للسياحة" بميدان التحرير.

وجاءت التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة في القضية على ضوء بلاغ من أحد المواطنين في غضون عام 2011 يفيد بأنه كان في محيط ميدان التحرير يوم الخميس 3 فبراير 2011 للمشاركة في المظاهرات التي أعقبت ثورة 25 يناير، وأن شخصا استوقفه على أحد مداخل الميدان، وأدعى أنه من اللجان الشعبية المختصة بأمن الميدان، وطلب الاطلاع على تحقيق شخصيته، ولما تبين أنه لا يحملها استدعى آخرين وأشاعوا في الميدان أنهم قبضوا على ضابط شرطة بجهاز مباحث أمن الدولة.
وأظهرت التحقيقات تعدي المتهمين على المواطن بالضرب المبرح حتى فقد وعيه، ثم حملوه إلى داخل مقر إحدى الشركات بعقار يطل على ميدان التحرير واحتجزوه بها لمدة 3 أيام، وعذبه المتهمون خلالها وصعقوه بالكهرباء.
وكشفت تحقيقات النيابة العامة عن توافر الأدلة على أن المجني عليه يعمل محاميا، ولا ينتمي لجهاز الشرطة مطلقا، فضلا عن وجود مشاهد فيلمية للوقائع قدمها صحفي شاهد الواقعة بنفسه وصورها، وثبت منها أن المتهمين ألقوا القبض على المجني عليه وحسروا عنه ملابسه، واحتجزوه بمقر شركة سفير للسياحة الكائن بالطابق الأرضي بأحد العقارات بميدان التحرير.
وأوضحت التحقيقات أن المتهمين أشاعوا بين المتظاهرين السلميين بالميدان أنهم قبضوا على ضابط شرطة بجهاز مباحث أمن الدولة، مهمته مراقبة المتظاهرين للنيل منهم، وظهر المتهم حازم فاروق حال قيامه بصفع المجني عليه على وجهه وإلقائه على الأرض، ثم جلس فوقه وكتب على صدره عبارة (رائد أسامة كمال ضابط أمن دولة كلب النظام) وطلب منه الاعتراف بذلك.
كما تبين من التحقيقات أنه ظهر من المشاهد أن المجني عليه رفض ما يأمره به، فإنهال عليه المتهم حازم فاروق بالضرب المبرح مستخدما عصا خشبية على جميع أنحاء جسده ثم أمسك عضوه الذكري بيده وضغط عليه بقوة كي يؤلمه ثم صعقه بالكهرباء، في حين أعلن أحد المتواجدين بالمكان قدوم المتهمين محمود الخضيري ومحسن راضي إلى مكان الاحتجاز، كما ظهرت بالمشاهد المصورة صورة المتهم عمرو زكي.
وأكدت أقوال الشهود من سكان العقار وحراسه ومدير شركة "سفير" للسياحة ومالكها، حدوث الواقعة كما ظهرت بالمشاهد الفيلمية، وأن المتهمين جميعا استولوا على مقر الشركة بالقوة، واستخدموه في احتجاز المواطنين الذين يتم إلقاء القبض عليهم بداخل المقر بعد أن بثوا شائعات كاذبة أنهم من رجال الشرطة ومندسين بين المتظاهرين، وذلك بغية تأجيج مشاعر الغضب بين المتظاهرين السلميين ضد أفراد الشرطة.
وأظهرت التحقيقات أن المتهمين كانوا يتواجدون دائما بمقر الشركة للشد من أزر المتهمين محمد البلتاجي وحازم فاروق أثناء تعذيبهما للمجني عليه، وأكد الشهود أن المتهم محمد البلتاجي شارك في تعذيب المجني عليه وكان يضع قدمه على رأسه ويضغط عليها بقوة لإذلاله وأنه عذبه بالصعق الكهربائي.
كما أثبتت معاينة النيابة العامة لمقر شركة "سفير" للسياحة تطابق مظهرها وأثاثها مع ما ظهر بالمشاهد المصورة المسجلة، وأثبت التقرير الفني أيضا صحة جميع المشاهد الفيلمية موضوع التحقيقات ونسبتها للمتهمين التي ظهرت صورهم بها دون تلاعب أو تركيب.
وثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي أن طريق إحداث الإصابات التي ظهرت بالمشاهد الفيلمية تتفق مع المظاهر التي آلت إليها جروح المجني عليه.

وكانت النيابة العامة قد أرسلت في طلب حضور محمود الخضيري وحددت جلسة لسماع أقواله، ونظرا لعدم حضوره رغم علمه بموعد الجلسة، أصدرت النيابة أمرا بضبطه وإحضاره، وتم عرضه عليها صباح اليوم، واستجوابه في حضور محاميه ومواجهته بالأدلة، ومن بينها ظهروه عقب ارتكاب الواقعة متحدثا في أحد البرامج التلفزيونية عن تواجده بمقر الشركة وقت احتجاز المجني عليه، وتأكيده أن تحمل المجني عليه أفعال التعذيب تقطع بقوة بنيانه وأنه ينتمي لجهاز أمن الدولة.
كما أقر الخضيري، خلال التحقيقات، بصحة ذلك الحديث الذي أذاعته وسائل الإعلام المرئية، وبأنه تواجد بمقر الشركة حال احتجاز المجني عليه وتعذيبه، وأقر أيضا بأنه شاهد المجني عليه معصوب العينين ومكبل اليدين، وأنه لم يقل ذلك بوسائل الإعلام بعلمه أن ذلك يعد تعذيبا.
وتم استجواب جميع المتهمين المضبوطين، وأسندت النيابة إليهم ارتكاب جرائم القبض على المجني عليه، واحتجازه وتعذيبه وهتك عرضه، وإحراز الأسلحة البيضاء وانتهاك حرمة ملك الغير بقصد ارتكاب جريمة فيه.
وتضمن قرار إحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة جنايات القاهرة، ضبط وإحضار المتهم الهارب أحمد منصور وحبسه احتياطيا على ذمة القضية، وإرسال طلب إلى دولة قطر لتسليم المتهم إلى السلطات المصرية لمحاكمته.