يتأمل احمد كمال القرالة في روايته الاولى المعنونة ( كي لا أموت مرتين ) الصادرة عن وزارة الثقافة ، لحظات وجدانية في اعماق شخصياته المحدودة والتي لا تحيد عن مفهوم جدلية فلسفة الموت وعوالم سحره وغموضه المشبعة بالظواهر والدلالات البليغة . يصوغ القرالة في روايته الفائزة بمسابقة الابداع الشبابي التي نظمتها وزارة الثقافة العام 2012 بخطوط وتفرعات تتشابك بحذق وحرفية الكاتب المتمرس بهذا الحقل التعبيري , ويجول بين احداث تسري داخل اسرة تقطن قرية بالوطن يرتدي افرادها السواد وهي تتهيأ لاحضار جثمان احد ابنائها المقيم في الخارج. اذ يتداعى صوت الراوي عارضا لاحوال الاسرة وافرادها : الام والاخوة الستة كما يجري توظيف المكان - القرية - كمساحات من البوح والحنين والعواطف المفعمة بتضاريس وملامح الافراد والجماعات , وفيها ترتسم تفاصيل العيش اليومي بهمومه والامه وتطلعاته ورغبات شخصيات الرواية وسلوكها مستلة من مخيلة رحبة لا تنفك عن وقائع اجتماعية واقتصادية وسياسية في قلب الحاضر . كما لا تخلو رواية (كي لا اموت مرتين) رغم فطنة القرالة بتشييد بنائها المبتكر من عناصر ومفردات محملة بمعاني القسوة والتهميش واليأس والحزن لمصائر شخوص في عراكها اليومي مع اسئلة الحياة غالبا ما تتمحور حول العجز في قالب من التخيلات والاحلام المفرطة حيث الفتى الذي كان يأمل بدراسة الاخراج السينمائي ليحدث العالم عن قصته وحكايات الاخرين . يتخذ الروائي الشاب من طقوس السفر بالطائرة وهو في طريقه الى احضار جثة شقيقه الذي قضى في بلاد بعيدة وقفات لينبش في ذاكرة تزخر بحوارات مع الذات كانها مونودراما تبث حيرة وقلقا واوجاعا لتصل الى تلك الاحلام المجهضة. يزنر القرالة نص روايته باسلوبية تمتلك تقنياتها الرفيعة المستوى وهي تتنقل بسلاسة في تدرج واحكام هندسي دقيق على دفتي الحياة والموت وما بينهما من هموم واحزان ودموع الفقد والخسران .