بيروت – العرب اليوم
ناقش "ملتقى الرواية العربية" الأول بالعاصمة اللبنانية بيروت ما تشهده الرواية العربية من ازدهار كمي ونوعي، حيث عدّها المنظمون "واجهة الثقافة العربية" اليوم، وأن كتّاب الرواية العربية "الأبرز مكانة وحضوراً".
فعلى مدى ثلاثة أيام، ناقش أكثر من ثلاثين روائياً عربياً الموقع الحالي للرواية في المشهد الثقافي العربي والعالمي، وأسباب ازدهارها، وما واكبها من انتعاش للقراءة والمقروئية.
ووجه الملتقى في يومه الأول تحية خاصة إلى الروائي والصحفي المصري أحمد ناجي المعتقل بتهمة خدش الحياء، حيث كان من المقرر أن يشارك في أعمال الجلسة الثالثة التي ناقشت "الرواية والخطاب السياسي"، وخصص المنظمون مقعداً فارغاً لناجي مع قراءة مقاطع من روايته "استخدام الحياة".
وملتقى الرواية العربية -الذي نظمته الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية "أشكال ألوان") فتح من خلال جلساته ومحاوره المتنوعة حواراً واسعاً حول مستقبل الرواية العربية، ومدى ارتباطها بالواقع والمتغيرات التي تشهدها البلدان العربية وقدرتها على رصد ما يعتمل من تحولات في الهوية السياسية والاجتماعية العربية.
ويقول الكاتب والشاعر يوسف بزي (من منظمي الملتقى) إن الوعي العربي كله أصابته تحولات حادة "متقاطعة مع التعبير الثقافي الطالع من هذه البيئة المضطربة". وأضاف للجزيرة نت أن الرواية العربية "تضطلع بأدوار قول الأنا الفردية العربية، وقول الأنا الجماعية العربية".
وحول مدى تعبير الرواية عن التحولات الجارية بعالمنا العربي، يقول الروائي التونسي شكري المبخوت إن العديد من الأعمال حاولت أن تحكي حكاية بعض البلدان العربية في ثورات الربيع العربي و"لكن العملية صعبة جداً".
ويضيف للجزيرة نت أن الحدث ما زال في سيرورته و"من العسير على الروائي أن يُقبل على ما هو جوهري وعلى المعاني الأساسية لهذه الأحداث المتسارعة والمتحركة". وعن بعض المحاولات التي قُدمت يقول المبخوت إنها "متفاوتة من حيث القيمة والنجاح والتعبير عن جوانب من تعقد الحياة في مثل هذه الظروف الاستثنائية".
وأوضح المبخوت أن الروايات التي حكت الواقع الراهن "هي بروفات للكتابة السردية الجديدة لتاريخنا العربي". واعترف قائلا "أنا عاجز الآن عن أن أكتب عما مرت به تونس، لأن الكتابة الروائية فيها جانب تأملي ويتطلب مسافة إزاء الأحداث".
من جهته، يرى الكاتب اللبناني إلياس خوري أن "بلاد العرب تعيش في نكبة مستمرة منذ 1948 على الأقل، وأن هناك مساراً كارثياً لا يزال في انتظارنا".
وقال في مداخلته حول "الرواية العربية بوصفها التعبير الثقافي الأول" "نحن أبناء هذا التاريخ العربي المنقلب، مدعوون إلى قراءة واقعنا". وأضاف "لقد أثبت المستبد والفاشي والصهيوني أن خيار الجريمة أكثر اتساعاً من أي خيار، وأعلن عن عجز الأدب عن اللحاق بجنونه الفظائعي، وصار الواقع هو الكابوس وليست كتابته الأدبية".
وعن احتفاء الروائيين العرب بالمكانة التي تحتلها الرواية، يقول خوري إن من حقهم "الاحتفاء بالمكانة التي تحتلها الرواية في الثقافة العربية المعاصرة، ولكن يجب ألا ننسى أن هذه المكانة قديمة وليست ابنة اللحظة، وليست مدعاة للفخر، بل تدعونا إلى التواضع".
وناقش الملتقى أيضا إشكالات أخرى تتعلق بالرواية، بينها تقنيات السرد والسيرة الشخصية، وعلاقة الرواية بالخطاب السياسي، وازدهار ترجمة الرواية العربية، واقتصاد الرواية والنشر والقراءة، وتجربة المحترفات والجوائز.