الدوحة - قنا
نظم الصالون الثقافي التابع لوزارة الثقافة والفنون والتراث ندوة بعنوان "المعارك الأدبية وأثرها على الحركة الثقافية" تحدث خلالها كل من الدكتور محمد عبدالمطلب الناقد والكاتب المصري، والدكتور شاكر نوري الروائي والإعلامي العراقي، فيما أدارها الدكتور إبراهيم الكعبي الأستاذ بقسم الاجتماع بجامعة قطر.
وأكد الدكتور محمد عبدالمطلب على أهمية الموضوع، باعتبار أن المعارك الأدبية اتخذت نسقا أدبيا.. مشيرا الى أن أصل الكلمة مجازية، حيث أن المعركة ميدان القتال، ونقل إلى معناها الأدبي.
وأوضح الناقد المصري أن هذه المعارك كانت لها حضورا في الساحة الثقافية العربية، مذكّرا بأولها في العصر الجاهلي خصوصا بين امرؤ القيس وطرفة بن العبد، واحتكامهما إلى أم جنذب التي انتصرت لطرفة، فضلا عن سوقه لمعركة النابغة الذبياني مع حسان بن ثابت في سوق عكاظ، لتمتد بين جرير والفرزدق وبين أبي تمام والبحتري ، مما انعكس على المؤلفات التراثية إلى أن وصلنا إلى عصر النهضة.
وأما المعركة التي أدارها كتاب كبار حول شوقي وحافظ ، فنوه ضيف الصالون الثقافي بأن المتعاركين انقسموا إلى ثلاث فئات، الأولى هاجمت شوقي واتهمته بالتقليد، وأنه أضاف إلى القديم قديما، فيما الفئة المدافعة عنه رأوا أنه أول المجددين، فضلا عن الصنف الثالث الذي لم يناصر أي طرف.
وعبر عبدالمطلب عن ألمه من المدرسة التي هاجمت العقاد وشوقي، ليخلص إلى أن المعركة لم تنتقص من شعرية شوقي.
أما الأديب العراقي الدكتور شاكر نوري، فجاءت مداخلته بعنوان "هل انتهى عصر المعارك الأدبية في الغرب.. فرنسا نموذجا"، منطلقا من لقائه بالكاتب المسرحي الإسباني الشهير فيرناندو آرابال في باريس، حيث سأله حينها قائلا:"لماذا انتهت المعارك الأدبية في الغرب، فأجاب الإسباني قائلا: "لأننا لم نعد نذهب إلى المقاهي".. معربا عن دهشته من الإجابة، حيث أن أدباء الغرب حاليا انكفؤوا على ذواتهم، وأصبحوا يكتبون بين جدران المنزل في عزلة تامة عن بعضهم البعض، ليسجل الناقد العراقي أن الأمر ينتهي إذاً بموت الأدب.. ولا أدب دون المعارك الأدبية.
وأشار الدكتور شاكر إلى أن المعارك الأدبية لم تنته إلا في أواخر القرن العشرين بدخول التقنيات الحديثة على الخط، وتحوّل الثقافة إلى مجرد استهلاك تحت وطأة العلامات الإعلانية الاستهلاكية، مرجعا السبب إلى غياب قامات المبدعين التي تحرك الساحة الأدبية.. في حين أن البعض يرى أن السبب هو تضاؤل اهتمام الناس بالأدب والأدباء.
وذكر أن المعارك الأدبية في أوروبا تقلصت بعد أن ظهرت الحركات والتيارات الأدبية والفنية، واندمج المثقف الأوروبي بتيارات ما بعد الحداثة التي أجمعت أغلب طروحاتها على "هامشية الإنسان" وعجزه عن التغيير بعد ولادة المفكرين الكبار أمثال فوكو و ديريدا و بورديو ، إذ ما دام الإنسان غير قادر على التغيير، عليه أن ينشغل بهمومه الخاصة وحياته اليومية، ومن هنا تسربت النزعة الفردية والذاتية للأدب.
ولفت الى أن المعارك الأدبية في العالم العربي إذا كانت وقعت في المجالس والصالونات، فإن المعارك الأدبية في أوروبا خاصة في باريس حدثت بين جدران المقاهي الأدبية كفضاء مفتوح على الآخر ، حيث أن المقاهي الأدبية ما زالت موجودة بجدرانها لكن المعارك الأدبية اختفت فيما بعد.
وعرّج الناقد العراقي على التاريخ القديم للمعارك الأدبية منذ أفلاطون وأرسطو، وفرانسوا رابليه، جيرالامو كاردانو، وجين بودان ولوي ليروي، توماس كامبانيلا وفرانسيز بيكون.
واختتم الدكتور نوري حديثه عن تأثير المعارك الأدبية على أدبنا العربي، حيث أن معارك التيار الوجودي، أثر على نخبة من الكتاب والأدباء العرب ودفعهم إلى تجسيد الواقع العربي تجسيدا وجوديا، حيث أن جبران خليل جبران من أكثر الكتاب تأثرا بالغرب الأوروبي، وكذلك الشاعر العراقي بدر شاكر السياب الذي تأثر بالشاعرة إديث ستول وجيل أودن وروبرت فروست و ولت ويتمان.