أعلن رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور تعديلاً وزارياً واسعاً أدى إلى فصل حقائب دُمجت عند التشكيل، وعزز قبضة التكنوقراط المكلفين تسريع وتيرة الإصلاح، كما أبقى الرئيس السبعيني فترة أطول، على غير العادة، وذلك قبيل انتخابات محلية ستجرى نهاية الشهر تقاطعها جماعة «الإخوان المسلمين». وصدر مرسوم ملكي أكد موافقة الملك عبد الله الثاني على إجراء التعديل الأول من نوعه على حكومة النسور الثانية. وكان العاهل الأردني أشاد مراراً بأداء النسور، وقال إنه «كان مؤهلاً لإدارة البلاد في ظل اضطرابات إقليمية وداخلية». وعزز التعديل الوزاري الجديد المؤلف من 30 عضواً، دور الخبراء الذين كانت لهم السيطرة في حكومات سابقة تميل نحو الغرب وتؤيد الإصلاح. وشمل خروج 5 وزراء، ودخول 16 وزيراً جديداً، فيما أبقى على 13 آخرين. وبموجب التعديل، دخلت سيدتان هما لانا محمد مامكغ وزيرة للثقافة، ولينا شبيب وزيرة للنقل. كما شمل وزارات الأوقاف، والطاقة، والتربية والتعليم، والصحة والبيئة، والثقافة. وكان لافتاً اختيار المعارض اليساري البارز خالد الكلالدة وزيراً للشؤون السياسية والبرلمانية، علماً أن الأخير كان من أشد المعارضين لقانون الانتخاب بصيغته الحالية، وكان وجّه خلال عامي «الربيع العربي» نقداً صارخاً لمرجعيات عليا في الدولة. ويبدو أن اختياره لهذا المنصب جاء بسبب قربه من الحراكات الشبابية والعشائرية، وبهدف تدشين حوارات رسمية مع هذه الكيانات للتوافق ربما على صيغ قوانين تنظم الانتخابات وتكافح الفساد، إضافة إلى قوانين أخرى ينادي بها الشارع. وتبقى الشخصيتان الرئيستان في الحكومة هما وزير الخارجية ناصر جودة الذي تربطه علاقات وثيقة بالغرب والقصر الهاشمي، والجنرال حسين المجالي (شخصية محافظة)، وزير الداخلية الذي أثار أسلوبه الصارم أثناء تعامله مع احتجاجات على زيادات في الأسعار قررتها الحكومة، غضب المعارضين. وبات التعديل ملحاً في الأردن بعدما واجهت الحكومات المتعاقبة عقبات سياسية واقتصادية على الصعيدين الداخلي والخارجي. وكان الملك عبد الله كلّف النسور منصبه للمرة الثانية في آذار (مارس) لتنفيذ جدول أعمال إصلاحي قبل الانتخابات النيابية الأخيرة، ووضع خطة لتخفيف حدة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في المملكة. لكن معارضين ليبراليين وإسلاميين على حد سواء، اتهموا الحكومة بالإخفاق في تحسين الحكم أو السعي إلى إصلاحات حقيقية. ورشحت غالبية أعضاء البرلمان الحالي النسور، وهو اقتصادي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وفرنسا، كما يعتبر سليل أسرة قوية ترتبط تقليدياً مع الملكية بعلاقات وطيدة. ويكشف التعديل الوزاري الجديد، كما يبدو، رضا صاحب القرار (الملك) على رئيس الحكومة الذي نجح خلال الأشهر الماضية في اتخاذ خطوات اقتصادية صعبة أوصى بها صندوق النقد الدولي في تحد للرفض الشعبي، وهو ما سمح للمملكة بالحصول على تمويل بقيمة بليوني دولار. ويواجه الأردن انكماشاً اقتصادياً بعد أعوام من نمو قوي دعمته استثمارات أجنبية قوية، بما في ذلك تحويلات عدد كبير من المهنيين الأردنيين الذين يعملون في دول الخليج العربية. وربما يسعى التعديل أيضاً إلى تأكيد استقرار الدولة الأردنية، في ضوء ظرف إقليمي بالغ التعقيد.