سلطان بن محمد القاسمي

صدر عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ووزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع كتاب «مسرح سلطان بن محمد القاسمي، سؤال الواقع والحياة» للباحث والناقد السوري د. هيثم يحيى الخواجة، وذلك ضمن مشروع الاتحاد لمتابعة الحراك الثقافي الإماراتي من خلال رموزه الكبيرة، وتسليط الضوء على أعمالهم، وبأدوات بحثية رصينة وجادة.
 
وتوقف رئيس مجلس إدارة الاتحاد حبيب الصايغ في مقدمة الكتاب عند نجاح الخواجة في مقاربة مسرح حاكم الشارقة، وقدرته على الأخذ بالقارئ إلى التخوم التي «ربما لم يعرفها، ولا يمكن أن يعرفها إلا هو، هذا على الرغم من شهرة مسرح القاسمي عربياً، وأخيراً عالمياً، وتناوله من قبل نقاد وأكاديميين كبار». ولأن مسرح صاحب السمو حاكم الشارقة ظاهرة فقد أضاف الصايغ متأملاً تجربته: «وأما صاحب التجربة الثقافية والمسرحية الأثرى والأعمق في بلادنا الإمارات، وفي وطننا العربي الكبير، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الرئيس الفخري لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، فعنوان ثقافة لا بد من تسليط الضوء والدرس النقدي على تجربته بما يماثلها أو يقترب منها».

من جهته قال الخواجة في مقدمة كتابه: «على الرغم من أن دراسات مسرحية كثيرة كتبت عن هذا الكاتب، وعلى الرغم من أن رسائل ماجستير ودكتوراه أنجزت عن مسرحه فإنني أجد في هذا الكتاب جديداً باعتباره يتناول مسرحه من زوايا أخرى ورؤية أخرى. لقد اجتهدت في الحديث عن مضمون المسرحيات وفي تفكيك النص والحديث عن فنياته ورؤية الكاتب وأهدافه وتوقفت عند المدرسة المسرحية المعتمدة في التأليف وغير ذلك من أجل الإنارة على كاتب مسرحي يستحق التقدير».

وقد وزع المؤلف مادة كتابه على ستة فصول: جاء الفصل الأول بعنوان «البنية الفنية في مسرح الدكتور سلطان بن محمد القاسمي»، وفيه توقف المؤلف عند التاريخ بوصفه عنصراً حاضراً في جميع نصوص سموه المسرحية، مع تنويع في تقنيات استحضار التاريخ وتوظيفه، فضلاً عن الدلالات التي يشير إليها هذا العنصر، ما بين توثيق، وإسقاط، واستشراف وسواها. لكنه نبه أيضاً إلى أن من الظلم القول بأن نصوص سموه تنتمي إلى المسرح التاريخي فقط، وقال إنها تنتمي إلى الوثائقية والملحمية والتجريب أيضاً.

أما الفصل الثاني «الاتجاهات الفكرية في مسرح الدكتور سلطان بن محمد القاسمي»، فقد صنفها المؤلف تحت ثلاثة عناوين عريضة: الاتجاه الوطني، الاتجاه القومي، والاتجاه الإنساني، وذكر أن اللافت في نصوص سموه هذا التنوع، وهذا الصفاء في التوجه الفكري، وقال إنه كان ينطلق من التاريخ باتجاه الواقع لمناقشة قضاياه الاجتماعية والإنسانية والوطنية والقومية بأسلوب غير مباشر، وبرؤية صادقة تعبر عن عشق للعروبة والحياة الكريمة.

الفصل الثالث «بناء الشخصية في مسرحيات الدكتور سلطان بن محمد القاسمي» لاحظ فيه المؤلف أن الشخصيات في مسرح سموه مرسومة بدقة، وهي تحمل دلالات ومرموزات، إضافة إلى أن ملامحها تتطابق مع اشتراطات وجودها، وهي موغلة في أحداث النص سواء أكانت ثانوية أم رئيسة، وهي في النهاية نابعة من نسيج النص، وتضيء على فكرته وأحداثه وهدفه الأعلى.

الفصل الرابع عنونه المؤلف بـ«الحوار المسرحي في مسرحيات الدكتور سلطان بن محمد القاسمي»، وقد أضاء المؤلف على خصائص الحوار في مسرح سموه، وخلص إلى أنه يبدو للوهلة الأولى بسيطاً، لكنه في الحقيقة من نوع السهل الممتنع، وهو فاعل ومؤثر، ويبني الحدث، ويطور الشخصيات، ويتماهى مع عناصر العرض كله، ويتلاءم مع الحدث وطبيعة الشخصيات ويقدم دلالات تعمق فكرة المسرحية وهدفها الأعلى.

 وتحت عنوان «النص المسرحي والحياة» وصف المؤلف في الفصل الخامس نصه بأنه حي ومعاصر، فهو لا يكتفي بالتعريف بالحادثة التاريخية، بل يسعى إلى تعزيز مجموعة من القيم، وترسيخ فكر حي يتناسب والواقع المعاصر. ورأى في استمرار تجربة سموه في الكتابة للمسرح دليلاً على إيمانه بأهمية هذا الفن في حياة الشعوب.

وقسم المؤلف الفصل السادس «تطبيقات ومقاربات» إلى قسمين تناول في الأول مسرحية «الحجر الأسود، تجاذب بين الفني والجمالي» وحلل فيه هذا العمل المسرحي، كما توقف عند تجربة المخرج التونسي المنصف السويسي في تقديمها على خشبة المسرح في افتتاح أيام الشارقة المسرحية لعام 2011. والقسم الثاني كان حول مسرحية «عودة هولاكو بين المأساة والملهاة»، وتناول فيه تجربة المخرج الجزائري لطفي بن سبع في تقديم هذا العمل، والحلول الإخراجية المبتكرة التي عمد إليها، فضلاً عن قدرته على التعامل مع الفضاء المسرحي مجازياً، من خلال تجاوز مألوفية العلاقة مع هذا الفضاء، حيث تماهت الكلمة مع الصورة البصرية، وفي أحايين كثيرة استنطق الصورة ليرسم الفضاء رسماً بصرياً.

وختم المؤلف كتابه بثلاثة ملاحق: «كلمة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في يوم المسرح العالمي»، و«ثبت بمؤلفات سموه»، و«ملحق خاص بالصور». وجاء الكتاب في 150 صفحة من القطع المتوسط بغلاف من تصميم الفنان علي الجاك.