عمان ـ بترا
يجمع كتاب (لمحات من الثقافة العربية في افريقيا) الصادر حديثا عن سلسلة كتب مجلة الكويت ابرز ملامح الثقافة والفنون العربية في القارة الافريقية والتي طالما ظلت مغيبة عن جهود الباحثين والدارسين. يتناول الكتاب الوانا من المعارف والكتابات اللغوية والفنون المعمارية المفعمة بتعابير الخط والزخرفة العربية والتي ظلت شاهدة على التمازج الحضاري وطرق العيش المشترك بين العرب والافارقة. ويبين الكتاب الذي جاء في عشرة فصول شارك فيها اكاديميون ودارسون وباحثون عرب واجانب، اهمية الاسلام في احداث تحولات جذرية وتاريخية كان من نتائجها نشر الثقافة العربية في ارجاء واسعة من القارة، تبلورت فيها امكانات وطاقات الانسان الافريقي. وتوضح فصول الكتاب ان الاسلام ساهم في صناعة الشخصية الافريقية الحضارية بتعاليه عن التمييز والتحامل على الاخر، على نقيض ما عايشته القارة الافريقية تحت هيمنة الثقافة الغربية الاستعمارية التي وفدت متاخرة، ووضعت الافارقة في مرتبة ادنى عن شعوبها. من بين عناوين الكتاب: قصص من الساحل الافريقي، نقش عربي من روديسيا ، العربية في مدغشقر، غرب افريقيا واللغة العربية، السرد في الشعر السواحلي، ولهجات شرق افريقيا، وجميعها تحفل بالكثير من التفاصيل التي تروي حكايات في عشق اللغة العربية واسفار العرب القدماء عبر السفن التجارية ونشاطهم في الاسواق العالمية وتشييدهم لقلاع وحصون وبيوتات واساليب تخطيط وبناء المدن على السواحل الافريقية. ويكشف الكتاب عن ابحاث التنقيب عن الاثار المعاصرة التي دلت ان الفخاريات الاسلامية (المزججة) اكثر الاثار المكتشفة دلالة على الحضور العربي وان حكايات الهجرات العربية الى السواحل الافريقية المتواترة اثبتت الاثار صدقيتها وحقيقتها . ويسلط الضوء على الوان من الكتابة السردية لافتا الى ان الشعر ظل وسيلة تعبير عن الموضوعات الدينية في افريقيا حتى وقت قريب وان تاليف القصائد اتاح للناس فرصة التعرف على حياة الصالحين والاولياء والاطلاع على قصص الابطال، كما ابرز نظام المعتقدات والقيم التي يتقاسمها الناس في موروث القارة واستعادة انتاج الواقع وابتكار صورة له تكون حقيقية وانسانية في غالب الاحيان . ويظهر الكتاب ان اللغة العربية ازدهرت بالقارة بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر الا انها ظلت كذلك رغم فرض الفرنسيين والانكليز لغاتهم على اهل البلاد في القرن العشرين وان الباحثين ظلوا يتجاهلون دراسة العربية المهجنة زمنا طويلا حتى حقبة الثمانينيات من القرن الماضي . في حين يشير الى ان غالبية معجم النوبية عربي اصيل بنسبة تفوق الخمسة والثمانين بالمائة من عموم مفرداتها نظرا للحضور العربي الذي تميز بالاستقرار وتناوب حياة ترحال القبائل العربية في اجزاء واسعة من القارة.