يمكن أن تشهد تركيا نصف مليون مساهم جديد في صناديق التقاعد الخاصة هذا العام بفضل تعديلات على قانون التقاعد مما يعزز من صناعة إدارة صناديق الاستثمار الوليدة ويحذب المحافظ الاستثمارية العالمية. وسجلت البلاد التي يقطنها 75 مليون نسمة ازدهارا غير مسبوق على مدار العقد المنصرم حيث زاد نصيب الفرد من الدخل إلى نحو ثلاثة أمثاله من حيث القيمة الاسمية لكن معدل الادخار منخفض ومازال كثير من الأتراك يخشون عودة التضخم الجامح الذي شهدته البلاد منتصف تسعينيات القرن الماضي. هذا العزوف عن الادخار إلى جانب نظام مغلق تهمين عليه شركات التأمين وشركات إدارة الصناديق المملوكة للبنوك يعني أن قطاع معاشات التقاعد في تركيا مازال محدودا ويتعذر على شركات إدارة الأصول الأجنبية دخوله إلى حد كبير. لكن منذ بداية العام الجاري تقدم الدولة إسهامات محدودة في برامج التقاعد الخاصة في مسعى لتعزيز الادخار المحلي مما أدى إلى زيادة كبيرة في أعداد المشاركين بها. وانضم نحو 120 ألف شخص إلى برامج التقاعد الخاصة في يناير كانون الثاني وحده أي بزيادة أربعة أمثال العام السابق. وتدرس الحكومة أيضا تشريعا يهدف إلى تشجيع صناديق معاشات التقاعد - ومعظمها وحدات تابعة لبنوك كبرى - على استثمار 30 بالمئة من أصولها مع شركات إدارة صناديق من الخارج بدلا من الاعتماد على الخبرات الداخلية للبنك الأم. وجذبت التعديلات بالفعل اهتمام بعض شركات إدارة الأصول الأجنبية. ويقول خبراء في القطاع إن من المتوقع أن ينضم نحو 500 ألف مساهم إلى خطط معاشات التقاعد الخاصة هذا العام لتزيد قيمتها إلى 30 مليار ليرة (17 مليار دولار) بمشاركة نحو 3.7 مليون مساهم مقابل حوالي 21 مليار ليرة حاليا. وفي المقابل بلغت قيمة الأصول الإجمالية تحت إدارة الصناديق المشتركة قيمتها 32.9 مليار دولار حتى نهاية يناير كانون الثاني وتديرها نحو 35 شركة لإدارة المحافظ الاستثمارية. وتبلغ نسبة الصناديق المشتركة إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو اثنين بالمئة في تركيا وهي من أقل المعدلات في الأسواق الناشئة. وتأمل الحكومة في تغير هذا الوضع بأن تضطلع صناديق التقاعد بدور كبير في تحفيز النمو. قال محمد بستان رئيس مركز مراقبة معاشات التقاعد "سوق المعاشات التركية صناعة وليدة لا يتجاوز عمرها عشر سنوات وتنمو بوتيرة جيدة." وأضاف "متوسط معدل نمو إجمالي صناديق هذا النظام بين عامي 2005 و2012 تجاوز 85 بالمئة. ومن المتوقع أن يشهد مزيدا من الارتفاع في ظل اللوائح الجديدة وبخاصة إسهامات الدولة. هذه السوق ذات فرص هائلة." وتشير بيانات البنك الدولي إلى تراجع الادخار لمستويات تاريخية بلغت 12 بالمئة من الناتج المحلي في عام 2010 مقابل حوالي 17 بالمئة في الفترة من عام 2002 إلى عام 2008 في حين صار تعزيز الادخار المحلي يشكل هدفا سياسيا رئيسيا للحكومة وتشكل معاشات التقاعد أداة لتحقيق ذلك. ويؤمل أن تستقطب التعديلات التنظيمية مساهمين جددا. وقال جور جاجداس رئيس رابطة مديري استثمارات المؤسسات في تركيا "ستراقب الشركات الأجنبية شركات إدارة المحافظ الاستثمارية. أعتقد أن من المرجح أن تشتري حصصا في شركات إدارة المحافظ التركية بدلا من أن تبدأ من الصفر." وأضاف "يمكن أن تكون الشركات الأجنبية أكثر اهتماما بشركات إدارة المحافظ المملوكة للبنوك بفضل ما تتمتع به من قنوات توزيع جيدة." ويتوقع جاجداس المصادقة على مشروع القانون الخاص بالاستعانة بشركات إدارة الصناديق الأجنبية في وقت لاحق هذا العام في إطار إصلاحات واسعة لقطاع المعاشات. وسيتم أيضا تقليص رسوم إدارة الصناديق في مسعى جديد لجذب المدخرين. كان علي باباجان نائب رئيس الوزراء التركي قال الشهر الماضي إن الدولة خصصت 1.25 مليار ليرة لتمويل نظام معاشات التقاعد وسيتم تخصيص المزيد من الأموال له إذ لزم الأمر.