من مكتب جيد التهوية في شارع جانبي هادئ، أطلت ليزا كالباري على آثار الأزمة الاقتصادية اليونانية بصورة مختلفة للغاية عما يحدث في وسط أثينا حيث الاضطرابات والغاز المسيل للدموع. الدكتورة كاليباري طبيبة نفسانية. وكل يوم تستضيف على أريكتها سلسلة من المرضى، واحدا تلو آخر، ممن يعانون القلق، واضطرابات النوم، والإحباط، وأمراضا أخرى. وهي تعتقد أن كثيرا منهم تفاقمت عللهم بسبب الأزمة التي دفعت معدل البطالة إلى ما يزيد على واحد من كل أربعة، وحرمت اليونانيين من أي يقين بشأن المستقبل فهي تقول: ''لدينا الكثير من نوبات الهلع. بالنسبة للجيل الأكبر سنا، تبدو كشكل من أشكال اضطرابات ما بعد الصدمة. لقد مروا بتجارب الحرب والفقر. وبالنسبة لهم، الأمر يتعلق بالكرامة. إنهم لا يريدون أن يتم إذلالهم مرة أخرى بعد أن وصلوا إلى نقطة مرتفعة''. وتميل الخسائر التي تسببت فيها الأزمة فيما يتعلق بالصحة العقلية في اليونان، لأن تُحجب بمخاوف أخرى أكثر إلحاحا تتعلق بالجوع والفقر. ومع ذلك، يوجد دليل على الضغط النفسي الذي أصاب المجتمع اليوناني – بداية من المزيد من حالات تشخيص الاكتئاب وحتى الزيادة في حالات الانتحار – والحطام الإنساني الذي يمكن أن يخلفه وراءه بعد مدة طويلة من إصلاح الاقتصاد. ويقول أرجيرو فولجاري، أحد الأطباء النفسانيين في مركز هيلينك للصحة العقلية وأبحاثها: ''بدأت جميع أنواع الاضطرابات النفسية في الازدياد مثل: القلق، والإحباط، والانتهاكات، والاضطرابات الجسدية، والسلوك غير الاجتماعي''. وفي مكتب المركز في مدينة بيرايوس التي تضررت بشكل خاص بسبب الأزمة، ارتفع عدد المرضى من الأطفال والمراهقين الذين يعانون غالبا من التوتر النفسي الذي يصيب آباءهم، بنسبة 51 في المائة بين عامي 2006 و2011. والمركز الذي يتلقى تمويلا من الأموال العامة لم يجدول بعد أرقاما للبالغين، على الرغم من أن الدكتور فولجاري يعتقد أنها ستظهر نموا، خاصة بالنسبة للشباب من الرجال. ويقول: ''حتى الأشخاص الذين يملكون المال أصابهم الاكتئاب''. وقد يكون المقياس الأكثر ترويعا، ومحلا للنقاش، للتوتر النفسي هو معدل الانتحار. فقد ارتفع بنسبة 37 في المائة من عام 2009 إلى 2011، وفقا لوزارة النظام العام اليونانية.