تناولت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الأربعاء، ظاهرة استئجار الأرض أو شرائها من قبل شركات أو حكومات أجنبية من دول فقيرة، الأمر الذي هدد مواطنيها الفقراء بالمزيد من الفقر وفقدان أراضيهم وموارد طعامهم والنزوح من مناطقهم. وقالت الصحيفة في مقال كتبه كبير المشاركين في مركز وودرو ويلسون الدولي للأكاديميين مايكل كوغلمان إن العقد الماضي شهد تدافعا من قبل الدول المستوردة للغذاء والشركات الخاصة نحو الأراضي الزراعية بسبب تزايد السكان وانخفاض إنتاج المحاصيل وانسياب رأس المال عبر الحدود. وقال الكاتب إن المستثمرين الأجانب يعدون بتوفير وظائف للسكان المحليين ويقولون إن أساليبهم التكنولوجية الحديثة ستساعد في زيادة الإنتاجية وتحسين الأمن الغذائي، لكن أيا من هذه الوعود لا يتحقق، كما أن هؤلاء المستثمرين يصدرون الإنتاج لجني المزيد من الأرباح، مما يرفع أسعار المواد الغذائية في مجتمعات زراعية منتجة للغذاء، ويفاقم فقر السكان المحليين. ونسب الكاتب إلى منظمة أوكسفام قولها إن أرضا تبلغ مساحتها 8 أضعاف مساحة بريطانيا قد بيعت أو استؤجرت على نطاق العالم خلال السنوات العشر الماضية. وقال الكاتب إن موزمبيق ومالي والفلبين وسيراليون والسودان وإندونيسيا وكمبوديا والأرجنتين والبرازيل من بين الأمثلة على الدول التي يتم فيها استئجار الأراضي أو بيعها على نطاق واسع. وأضاف أن تحويل الزراعة في العالم إلى سلعة وبضاعة تباع وتُشترى جريا وراء الربح فقط دون الأخذ في الاعتبار أوضاع المزارعين، فاقم الآثار المدمرة لصفقات الاستئجار والبيع المذكورة. وأشار إلى أن كثيرا من هذه الأراضي محل الصفقات تقع في دول بها نزاعات، وليس من المستغرب أن نجد أنها تثير الاحتجاجات في بعض الأحيان. وذكر أن الوضع القانوني غير الواضح لمعظم هذه الأراضي وغياب سلطة قوية لسجل الأراضي سهَل مهمة المستثمرين الأجانب في الحصول على الأرض بمساعدة وتستر الحكومات المضيفة. وأشار إلى أن حوالي 500 مليون نسمة من سكان أفريقيا جنوب الصحراء يعتمدون ولقرون على أراض مملوكة جماعيا ولا يستطيعون في الوقت نفسه الدفاع عن ملكيتها من الناحية القانونية، وأن بيعها سيكون مخربا تماما لحياتهم كما حدث في مالي. وأضاف أن ثلثي الإنتاج الزراعي يتم تصديره، وأن جزءا لا يُستهان به من هذا الصادر يُصدر لاستهلاك الحيوانات أو إنتاج وقود حيوي. وذكر أن أصحاب الأموال درجوا على الاستثمار منذ قرون مثل الرومان في شمال أفريقيا، والأميركيين في أميركا الوسطى، لكن صفقات اليوم أكبر بكثير. وأشار إلى أن مائتي شركة خاصة يُتوقع لها أن تستثمر ما يبلغ 30 مليار دولار حتى قبل نهاية عام 2015 لاستئجار الأراضي أو شرائها. ودعا الكاتب الحكومات المضيفة إلى وضع إجراءات أفضل لتسجيل الأراضي وإعمال تدابير لحماية السكان المحليين من الإفقار والنزوح، كما دعا الهيئات الدولية -مثل البنك الدولي- إلى ضمان أن مشروعاتها التنموية خالية من الممارسات الاستغلالية. وقال من المؤكد أن ذلك سيكون صعبا نظرا إلى أن كثيرا من الحكومات المضيفة مثقلة بالفساد وتضع المصالح الشخصية فوق مصالح السكان الفقراء.