برلين ـ وكالات
ظل العالم لفترة طويلة يحسد أوروبا على ما تتمتع به من طرق سريعة تخضع للصيانة الدورية وقطارات فائقة السرعة وشبكة واسعة من المطارات الحديثة. لكن هذا الحسد ربما لا يستمر طويلاً بعد الآن بسبب موازنات التقشف التي قلّصت حجم الإنفاق على البنية التحتية في وقت تزيد دول أخرى من الإنفاق على هذا القطاع. وتشير البيانات التي جمعتها شركة «ماركت لاين» المتخصصة في تقديم المعلومات عن الأعمال التجارية إلى أن معدل الإنفاق على البنية التحتية في أوروبا ارتفع 1.5 في المئة فقط العام الماضي ليصل إلى 741 بليون دولار مقابل معدل نمو عالمي بلغ 4.5 في المئة وارتفاع بنسبة 7.1 في المئة في منطقة آسيا والمحيط الهادي. وأشارت «ماركت لاين» إلى توقع زيادة حجم الإنفاق في أوروبا بنسبة طفيفة على مدار الأعوام الأربعة المقبلة ليصل إلى 4.3 في المئة بحلول عام 2016، لكنه سيظل دون المتوسط العالمي بفارق كبير. إلا أن أداء الولايات المتحدة سيكون أسوأ إذ يتوقع أن يبلغ 1.8 في المئة عام 2016. ويقول بعض مسؤولي الشركات والمجموعات التجارية بل ومسؤولو الاتحاد الأوروبي أنفسهم إن هناك خطراً يهدد المنطقة بالتراجع وراء منافسيها وقد ينطوي ذلك على تداعيات يصعب التغلب عليها. وقال رئيس وحدة شبكة النقل الأوروبي في مفوضية النقل هارولد رويجترز «نحن متأخرون عن مناطق أخرى في العالم، ولسنا سعداء بذلك». وقلّصت مخصصات تمويل البنية التحتية الرئيسية لبروكسيل، التي تعرف باسم منظومة الربط الأوروبي في أحدث موازنة للاتحاد الأوروبي والتي أعلنت في شباط (فبراير) من 50 بليون يورو في الأصل إلى 29.3 بليون يورو على مدار الأعوام السبعة المقبلة. وتراجع حجم الإنفاق على البنية التحتية الرئيسية حتى عام 2020 بنسبة 38 في المئة من 21 بليون يورو إلى 13 بليوناً ما أجبر مفوضية النقل على التخلي عن مشاريع جوية وبرية ستحتاج بدلاً من ذلك إلى الاعتماد على مصادر غير مؤكدة للتمويل التجاري. وقال رويجترز «نتعامل مع موازنة مخفضة بشدة، وفي الوقت ذاته نقر ونحن في وقت أزمة بأن هذا ربما كان أفضل اتفاق استطعنا التوصل إليه». وتابع: إن الموازنات المقلّصة واحتمالات ضعف النمو الاقتصادي على الأمد الطويل في التكتل الأوروبي سيجعل من المستحيل فعلياً تلبية احتياجات الإنفاق في العقدين المقبلين. فهذا الواقع المالي لا يتماشى مع الهدف الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي على الأمد الطويل والذي يتمثل في توفير وظائف وزيادة القدرة التنافسية وتحقيق النمو في سوق أوروبية موحدة قدرت «المفوضية الأوروبية» أنها ستتطلب إنفاقاً بقيمة 1.5 تريليون يورو على البنية التحتية للنقل بحلول عام 2030. وقال يورغن تومان، رئيس مؤسسة «بزنس يوروب» «في الوقت الراهن لدينا أفضل بنى تحتية في العالم ولكنها تتقادم وعلينا أن نستثمر البلايين لمجرد الحفاظ على حالتها. ما زلنا بعيدين عن استكمال السوق الداخلية في جميع وسائل النقل». واتفق مدير دراسات البنية التحتية في المنتدى الاقتصادي العالمي، بيدرو رودريغيز دي ألميدا، مع الرأي القائل بأن حجم الإنفاق الضروري سيظل دون المتطلبات لعدة سنوات حتى بعد إنتعاش الإقتصاد الأوروبي الذي يتوقع خبراء حدوثه في النصف الثاني من هذا العام. وقال «لن نستعيد مستويات الإنفاق على قطاع البناء التي شهدناها في عامي 2007 و2008 أو قبل الأزمة مباشرة إلا قرب عام 2016. وقال أحد المستثمرين في البنية التحتية لوكالة «رويترز» «كلفة احتياجات البنية التحتية الأوروبية باهظة للغاية وتفوق حد التصور». أضاف «ذلك سيضر بأوروبا على الأمد الطويل، لكن لا مفر منه».