سكان الجزائر يبلغ تعدادهم 37 مليونا، وثروة من النفط والغاز، وطلب متزايد على البنية التحتية الحديثة والمنتجات الاستهلاكية، تبدو الجزائر على الورق مكانا مذهلا للاستثمار الأجنبي، ولاعبا اقتصاديا عظيما في المنطقة الواقعة جنوب البحر الأبيض المتوسط. لكن في الواقع، الجزائر واحدة من أصعب الأماكن لممارسة الأعمال، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى أن تاريخ ما بعد الحقبة الاستعمارية المعقد، أسفر عن قيادة كتومة على قمة بيروقراطية بيزنطية مقاومة للتغيير. جغرافيا، تجلس الجزائر على احتياطي هائل من الهيدركربونات يمثل نعمة ونقمة في آن معا. ويقول رئيف موكريتر - كروبي، وهو أستاذ للتمويل الدولي ومستشار مصرفي في الجزائر العاصمة: ''إن الجزائر في الغالب هي اقتصاد مصدر للنفط والغاز، وهناك علاقة عكسية بين أسعار النفط من جهة والإصلاحات من جهة أخرى''. ويضيف: ''في كل مرة كانت الحكومة غنية بما فيه الكفاية لدفع ثمن أخطائها، وهذا يبطئ الإصلاحات''. ووضعت توقعات الاستثمار الأجنبي في الجزائر تحت الأضواء مؤخرا، بعد هجوم شنه متشددون إسلاميون على منشأة جزائرية كبيرة لإنتاج الغاز في منتصف كانون الثاني (يناير) الماضي، ما أدى إلى أزمة رهائن أسفرت عن سقوط عشرات القتلى، من بينهم عمال أجانب. وألقى الهجوم ومحاولة الإنقاذ الرسمية المميتة إلى حد كبير في الموقع، الذي تديره ''بريتيش بتروليوم'' و''شتات أويل'' و''سوناطراك'' المملوكة للحكومة الجزائرية، ليس فقط الضوء على نقاط الضعف الأمنية في الجزائر، ولكن أيضاً إلى غياب الشفافية والمساءلة. فبعد ترحيبها بالمستثمرين الأجانب لفترة وجيزة في أوائل العقد الماضي، عملت السلطات الجزائرية الغارقة في الأموال، على إعاقة الاستثمار الأجنبي المحتمل عندما أجبرت رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، على التخلي عن حصته في ''ديزي''، وهي واحدة من شركتين للهاتف الجوال في البلاد. وخرج ساويرس بشكواه على الملأ، واصفا السلطات الجزائرية بأنها فاسدة تماما مثلما كان معمر القذافي في ليبيا. ورفع في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي دعوى ضد الحكومة الجزائرية مطالبا بخمسة مليارات دولار. وعلى الدوام كانت الجزائر مكانا قاسيا بالنسبة للمستثمرين الأجانب والمحليين للقيام بأعمال تجارية. ووضع مؤشر ''هيريتدج فاونديشن'' الخاص بحرية الأعمال التجارية لعام 2013، الجزائر في المركز 145 على مستوى العالم، بعد لاوس الشيوعية وقبل إثيوبيا، والمركز 14 في قائمة تضم 15 بلدا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقال في تقرير بهذا الشأن: ''تعوق حالة عدم اليقين السياسي المستمرة والموقف السلبي تجاه الاستثمار الأجنبي الاندماج الكامل في الاقتصاد العالمي، وتم إهمال السياسات الرامية إلى تعزيز تدابير الإصلاح، أو حتى وقفها''.