بيروت ـ وكالات
لاتتوفر إحصائيات دقيقة بشأن توزيع الدخل في لبنان. إلا أن أكبر مجموعة من سكان لبنان تنتمي إلى فئة الدنيا من الطبقة الوسطى والتي تجد كل شهر من جديد صعوبات في تغطية نفقاتها، فنسبة هذه الفئة بين سكان البلاد تبلغ حوالي 40 بالمائة. ويعتبر أكثر من ربع اللبنانيين فقراء ونسبة 3.7 منهم أغنياء. ويجد عدد متزايد من اللبنانيين أنفسهم مجبرين على خوض صراع يومي من أجل الحفاظ على مستوى معيشتهم، كما تقول جينا. "انسحب بعض أصدقائي، أي أنهم لا يلبون أي دعوات، كي لا يجدوا أنفسهم مجبرين على شراء هدايا". وغيرهم يقترضون أموالا لتمويل مستوى معيشتهم القديم، فمنذ 30 عاما تشهد لبنان تدهورا مستمرا لطبقتها الوسطى. وهناك تقديرات انتمى بموجبها في السبعينات من القرن الماضي ما يتراوح بين 50 و60 بالمائة من اللبنانيين إلى الطبقة الوسطى. تدهور الطبقة الوسطى ليس مفاجئا في رأي الخبراء. ويرى منير رشيد من الجمعية الاقتصادية اللبنانية سببين لذلك، فدخلها لم يرتفع أثناء الحرب الأهلية (1975 حتى 1990) وبعدها أيضا، وذلك على العكس من تكاليف المعيشة. ويبلغ راتب خريج جامعي درس الهندسة، حاليا 800 دولار أمريكي تقريبا، كما يقول رشيد. "هذا لا يكفي في لبنان اليوم لتغطية نفقات المعيشة. ولن يصل راتبه إلى 2000 دولار إلى بعد سنين عديدة". وبغض النظر عن ذلك لا يتوفر العمل لجيل الشباب. Naggar 18.12.2012 دعاية تجارية في شارع الحمرا لهذا السبب عدد كبير من المثقفين اللبنانيين الشباب الهجرة إلى دول أجنبية. وتوضح نتائج دراسة المركز اللبناني للدراسات السياسية أن 53 بالمائة من الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما يفكرون في البحث عن عمل لهم في الخارج. وينطبق ذلك أيضا على حوالي 48 بالمائة من الذين تتراوح أعمارهم ما بين 30 و45 عاما. والهجرة ظاهرة منتشرة بشكل خاص بين المنتمين إلى الطبقة الوسطى. وعليه تعتبر جينا حرب أنه من المحتمل أن يترك أكبر أبنائها لبنان بعد إنهاء دراسته الجامعية، فرغم أنه مصمم على تقديم طلبات للعمل إلى عدد من الشركات اللبنانية، إلا أن أمله في نجاحه في ذلك قليل للغاية. سيستمر تدهور الطبقة الوسطى اللبنانية من سنة لأخرى، كما يقول منير رشيد، إذ لم تتخذ الحكومة الحالية، شأنها في ذلك شأن الحكومات السابقة، أي خطوات لمواجهة هذا التطور عن طريق توفير العمل ورفع الإنتاجية والرواتب. "هذا يشترط تمهيد الطريق أمام إصلاحات فعالة لحل المشاكل القائمة". ويشمل هذا بشكل خاص إصدار قوانين عمل جديدة وتحسين البنية التحتية وإزالة البيروقراطية. ومن الضروري أيضا وضع نظام ضريبي عادل، كما يقول عالم الاقتصاد رشيد، فالدولة اللبنانية تمول عملها بالدرجة الأولى من خلال جباية ضرائب غير مباشرة مثل ضريبة القيمة الزائدة وضريبة البنزين. "هذا يترك آثاره بشكل خاص على ذوي الدخل المنخفض وليس على الأغنياء".