كوالالمبور ـ وكالات
في ظل توجه الاقتصادات الكبرى نحو الاستثمار في قارت أفريقيا، تمكنت ماليزيا من التربع في المرتبة الثالثة في سلم كبار المستثمرين الأجانب في أفريقيا بعد فرنسا والولايات المتحدة، متقدمة على القوى الآسيوية التقليدية وخاصة الصين والهند. وبذلك تحقق كوالالمبور مفاجأة اقتصادية، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق نقلتها نشرة بيت الخبرة الاقتصادي التابع للأمم المتحدة (يونستاد) صدر الأسبوع الماضي. وأوضح التقرير الذي نشر قبيل عقد قمة مجموعة البريكس التي احتضنتها جنوب أفريقيا مؤخرا أن حجم الاستثمار الماليزي في أفريقيا بلغ مع نهاية العام 2011 نحو 19.6 مليار دولار، فيما بلغت الاستثمارات الصينية نحو 16 مليار دولار والهندية 14 مليار دولار. واعتبر الباحث في الشؤون الاقتصادية والسياسية الآسيوية عمر غانم أن البيانات التي صدرت عن المؤسسة الأممية، شكلت مفاجأة أثارت جدلا واندهاشا لدى مجتمع الاقتصاديين العالميين. وقال في حديث للجزيرة نت إن واحدا من أهم الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة يكمن في دخول ماليزيا الساحة الاستثمارية الأفريقية مبكرا منذ منتصف الثمانينيات، في الوقت الذي بدأت تتلمس فيه ثمار تحولها نحو نمط الاقتصاد الصناعي من اقتصاد البلاد الزراعي الذي كان سائدا قبل هذا التاريخ. عبد الرزاق حريص على تعزيز استثمارات بلاده في القارة السمراء (الجزيرة-أرشيف) مكانة بأفريقيا واعتبر غانم أن المواقف السياسية الماليزية المؤيدة لنضال الشعب بجنوب أفريقيا خلال عهد الفصل العنصري، كان لها بالغ الأثر في إيجاد علاقة سياسية طيبة انعكست إيجابيا على جانب العلاقات الاقتصادية بين الجانبين بعد زوال نظام الفصل العنصري. ولفت غانم إلى أن رئيس وزراء ماليزيا السابق محاضر محمد حرص على تعزيز العلاقة بالقارة السمراء. وأضاف أن محاضر يعتبر من بين شخصيات حركة عدم الانحياز، التي سعت لإيجاد دور للقارة بالتعاون مع الآسيويين في القضايا الدولية. وذكر أن الشركات الماليزية في العقود الثلاثة الأخيرة كانت قدمت حزم دعم مجتمعي للأفارقة على شكل منح دراسية وتدريبية لبناء قدرات الإنسان الأفريقي. طبيعة الاستثمارات وعن طبيعة الاستثمارات الماليزية في أفريقيا، أشارت إحصاءات حكومية إلى أن 70% من استثمارات ماليزيا الأجنبية في الخارج، البالغ مجموعها نحو 106 مليارات دولار، قد وجهت خلال الخمس سنوات الأخيرة نحو اقتصاديات الدول النامية، منها 15% تم توجيهها نحو أفريقيا وحدها، وفي العام 2011 وجهت ماليزيا 24% من استثماراتها الخارجية نحو أفريقيا. غانم: ماليزيا دخلت الساحة الاستثمارية الأفريقية مبكرا منذ منتصف الثمانينيات (لجزيرة-أرشيف) وأفادت إحصاءات الأمانة العامة للاتحاد الأفريقي بأن مؤسسة الاتصالات الماليزية تيلكوم، ومؤسسة النفط الوطنية الماليزية بيتروناس، ومجموعة سيمي داربي القابضة، قد سيطرت على 50% من عمليات الاستحواذ والاندماج بين الشركات الأفريقية الآسيوية المتعددة الجنسيات خلال الفترة من عام 1987 ولغاية 2005. ويغطي الاستثمار الماليزي المباشر في أفريقيا، نطاقا عريضا شاملا لكل الميادين والأنشطة الاقتصادية والصناعية هناك، في مجالات النفط والغاز ومشتقاتها، وإنتاج زيت النخيل، والصيرفة والتمويل، ويشمل كذلك قطاع العقارات وإنشاء وتشغيل البنى التحتية كالطرق السريعة وخطوط سكك حديدية. كما يشمل حقول الاتصالات وتقنية المعلومات والبث التلفزيوني، إضافة للشحن الجوي والبحري وإدارة المطارات والسياحة والترفيه. وتمكنت ماليزيا في 2008 من الاستحواذ على شركة خدمات توزيع المشتقات النفطية في زيمبابوي من شركة شيل النفطية، كما باعت شيل حصتها البالغة 80% من أسهم أكبر شركات المصافي النفطية في جنوب أفريقيا "شركة إنجن" لشركة بتروناس الماليزية. وعلى صعيد الاستثمارات في الدول العربية تعتبر ماليزيا ثاني أكبر مستثمر في القطاع النفطي السوداني، كما حصلت على حصة بمقدار 35% من أسهم شركة الغاز الطبيعي المسال المصرية. وتسعى ماليزيا لإيجاد فرص أفضل لاستثماراتها في دول شمال أفريقيا، حيث أرسلت بعثاتها التجارية خلال العامين الماضيين إلى الجزائر وتونس والمغرب.