تستعد الحكومة المغربية لإطلاق أكبر تغيير في السياسة الاقتصادية منذ سنوات، يطال منظومة دعم الغذاء والطاقة التي تهدف لكبح تكاليف المعيشة لملايين المواطنين. وقال خبراء اقتصاديون، إن المغرب الذي يفتقر إلى السيولة، يحتاج إلى هذه الإصلاحات حتى لا يؤدي الاقتراض الحكومي الكثيف إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي، ومن المتوقع أن تبدأ الحكومة تطبيق إصلاحاتها في حزيران/يونيو المقبل. وتضج أزقة المدينة القديمة في الرباط بأصوات البائعين الذين ينادون على منتجات صينية منها أقمشة وأجهزة إلكترونية، لكن بائعي الخضراوات الذين يشتري منهم كثير من سكان المنطقة طعام العشاء في طريق عودتهم إلى منازلهم، كانوا هادئين على غير المعتاد. وقال حسن الحنصالي الذي يبيع في متجره الخضراوات “زادت الأسعار منذ بداية الشتاء، لذلك ليس لدينا شيء إيجابي ننادي عليه”. ويتفق معه عبد الحق الجبيلي، تاجر خضراوات مجاور، على أن ارتفاع الأسعار يجعل النشاط أكثر صعوبة، لكنه يعزو ذلك إلى سبب آخر يتعلق برفع الحكومة في يونيو الماضي أسعار الوقود بنسبة 20%، مضيفا أن ارتفاع سعر البنزين رفع تكاليف الحصاد والنقل، مما دفع أسعار الغذاء للارتفاع. وفي الشهر الماضي وخلال الاحتفالات بالعام الجديد في مدينة مراكش السياحية، حدث اشتباك بين الشرطة ومتظاهرين يحتجون على زيادة في أسعار الكهرباء، وألقت السلطات القبض على 30 شخصا. وقال نزار بركة وزير المالية في مناقشة في البرلمان، إن المخاطرة التي ينطوي عليها الإصلاح هي إفقار الطبقة الوسطى. وقال نجيب أقصبي الاقتصادي في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة في الرباط، إنه يتعين التخطيط لهذه التغييرات بعناية حتى لا تحدث كارثة، مضيفا أنه لا يوجد خطر حقيقي بالنسبة للخبز والسكر، لكن أسعار غاز الطهي ستتضاعف إلى ثلاثة أمثالها، إذا تم إلغاء نظام الدعم بالكامل، لذلك يتعين على الحكومة أن تفكر في كيفية حماية المواطنين الأكثر تأثراً بالإصلاحات. وبدأ نظام الدعم المغربي يتجه نحو الأزمة في أوائل 2011 حين بدأت الحكومة تعزز إنفاقها بنسبة كبيرة على الدعم لتضمن السلام الاجتماعي، لكن من الناحية الاقتصادية دفعت هذه السياسة الحكومة إلى وضع لا يحتمل، فقد قفز الدعم الحكومي للغذاء والطاقة من 29,8 مليون درهم مغربي (3,65 مليار دولار) في 2010 إلى 48,8 مليار درهم في 2011، و53 مليار درهم أو نحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي في 2012. ولا يواجه المغرب أزمة مالية في الوقت الراهن، حيث يبلغ إجمالي الدين الحكومي 85% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، أقل من مستوى الدين في العديد من الدول العربية، وفي الشهر الماضي جمع المغرب 1,5 مليار دولار من إصدار سندات دولية، مما أشار إلى أن المستثمرين الدوليين لا تزال لديهم ثقة في البلاد.