بترتيبها رقم 66 على مستوى العالم في استيراد القمح، تشتري مصر من السوق العالمية نصف الكمية التي تغطي استهلاكها السنوي البالغ 19 مليون طن. وعادة ما تبقي الحكومة على احتياطيات قمح استراتيجية تعادل ستة أشهر من الاستهلاك، من أجل تفادي خطر حدوث نقص في إمدادات الخبز الرخيص، الذي يتم إنتاج أكثر من 250 مليون رغيف منه يومياً. لكن نظراً للمشاكل الاقتصادية التي صاحبت فترتها الانتقالية السياسية، اختفت هذه الاحتياطات. ولأنها خفضت وارداتها من القمح بسبب نقص حاد في احتياطي العملة الأجنبية، تضع الحكومة المصرية آمالاً عراضا على إنتاج محصول وفير هذا العام. وبدءا من الأسبوع الماضي استقرت احتياطياتها من القمح عند 2.2 مليون طن، وهي كمية تكفي فقط لتغطية احتياجات الخبز المدعوم لأقل من ثلاثة أشهر، بحسب بعض المسؤولين. وبإضافة واردات متعاقد عليها، سيكون هناك ما يكفي البلاد حتى نهاية حزيران (يونيو). وفيما وراء ذلك سيكون اعتماد الحكومة على المحصول المحلي. وحتى الآن كان الطقس جيداً ويتوقع المسؤولون أن تحقق البلاد أكبر إنتاج حتى الآن، يصل إلى 9.5 مليون طن، أي بزيادة 7 في المائة عن محصول العام الماضي. يشهد الزرّاع أيضاً مؤشرات مشجعة. ويقول على عساكر، الذي يعمل فلاحاً في أراض بالقرب من قرية إقصاص ويرأس تعاونية زراعية محلية: "سيكون المحصول ممتازا هذا العام. حصلنا على تقاوٍ جيدة هذا الموسم. الحمد لله ستكون سنة وفيرة". لكن الاعتماد على المحصول المحلي أمر يحمل مخاطره. فليست صدقية الحكومة وحدها هي التي على المحك، لكن أيضاً السلام الاجتماعي في بلد يعد الخبز المدعوم فيه بشدة والذي يباع بأقل من سنت واحد للرغيف، هو ركيزة الوجبة الغذائية. ولم ينس صانعو السياسة أعمال شغب اجتاحت البلاد عام 1977، حينما زادت أسعار السلع الأساسية المدعومة. وإذا ما أصاب الإخفاق المحصول لأي سبب ـــ نقص الديزل يعد تهديداً فسيزيد ذلك من الفقر في الريف، ويؤجج غضبا من نقص الوقود في المدن، وسيجبر الحكومة على إنفاق الدولارات التي هي في حاجة ماسة إليها، على استيراد القمح، وهو أمر تريد تأجيله حتى إشعار آخر هذا العام؛ أملا في إبرام اتفاقية قرض متوقفة مع صندوق النقد الدولي.