فيما يمثل تناقضا مع رسالة التطمين التي وجهها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بشأن حالة الاقتصاد وما قاله من أن برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي يمضي على الطريق الصحيح حذر معهد بحوث السياسة العامة في بريطانيا من أن التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد البريطاني سيواجه مزيدا من التراجع في العام 2013 وأن هذا التراجع قد يصل إلى حد العودة إلى الأداء الضعيف الذي شهده العام الماضي عندما هبط إجمالي الدخل القومي بنسبة 0.1%. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد بشر البريطانيين في رسالة عبر الفيديو بمناسبة العام الجديد قال فيها إن بريطانيا حققت تقدما بشأن خفض العجز في الميزانية، وكان خفض العجز والحفاظ على التصنيف الائتماني لبريطانيا من أهداف ائتلاف حزبي المحافظين الذي يتزعمه كاميرون والديمقراطيون الأحرار الذي تولى السلطة في يونيو 2012 مباشرة بعد أن وصل عجز الميزانية إلى ذروته مسجلا %11.2 من إجمالي الناتج المحلي. ويشير معهد بحوث السياسة العامة الذي صدرت عنه التوقعات الاقتصادية المتشائمة للعام 2013 إلى حالة من التدهور في معنويات المستهلكين وقطاع الأعمال على حد سواء بفعل الحديث المتواصل عن سنوات التقشف والمستقبل الاقتصادي غير الواضح فيما بات يعرف بتداعيات الأزمة المالية لمنطقة اليورو، وكما يشير توني دولفين كبير الاقتصاديين في المعهد فإنه " يبدو أن الزمن قد تجمد خلال السنة الماضية في حين بدا رجال السياسة البريطانيين وكأنهم ليست لديهم أية فكرة عن كيفية دعم نمو الاقتصاد البريطاني وكأنهم ينتظرون فقط أخبارا جيدة بتحسن الاقتصاد دون تدخل منهم ". بجانب ما أورده معهد بحوث السياسة العامة البريطاني فإن اقتصاديين بريطانيين آخرين يرون أن الاقتصاد البريطاني سيتراجع خلال العام 2013 إلى حالة ركود ثلاثي الأضعاف غير مسبوقة ويبدون مخاوف من أن يتم تجريد بريطانيا من التصنيف الائتماني المتقدم الذي تتمتع به حاليا والذي يؤشر له بالأحرف الثلاث AAA. ويرى هؤلاء أن الأداء الضعيف للاقتصاد البريطاني سيمثل ضغوطا كبيرة على التمويل العام في بريطانيا كما سيثير مزيدا من علامات الاستفهام بشأن قدرة بريطانيا على الوفاء بديونها وأن واحدة على الأقل من مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية ستجرد بريطانيا من مرتبتها المتقدمة خلال العام 2013 وهو ما قد يمثل بدوره إحراجا سياسيا للحكومة البريطانية التي أكدت مرارا على حرصها على تحسين الوضع الاقتصادي والإبقاء على التصنيف المتقدم للأداء الاقتصادي البريطاني دوليا وكانت الدعوات قد توالت على الحكومة الائتلافية البريطانية من أجل التدخل لتحفيز الاقتصاد البريطاني المتراجع ويرى مركز بحوث السياسة العامة البريطانية إن على الحكومة أن تدعم الطلب في الاقتصاد وأن تستثمر أكثر في مشاريع البنية التحتية وأن تنشئ مصرفا استثماريا بريطانيا متخصصا على غرار نظيره الفرنسي بجانب عدة إجراءات أخرى من جانبها تدعم الغرف التجارية البريطانية كل المساعي الهادفة إلى حصولها على التمويل اللازم من أجل نمو الشركات البريطانية وقد رحبت كثيرا باقتراح إنشاء مصرف بريطانيا للاستثمارات والأعمال لكنها تطالب بجدول زمني واضح ومحدد من أجل إنشاء مثل هذا المصرف على أن المكتب المسؤول عن الميزانية وهو المتنبئ الرسمي للحكومة فيما يتعلق بالحالة الاقتصادية يتوقع بأن يحقق الاقتصاد البريطاني نموا بنسبة 1.2% خلال العام 2013 وهو مايشكك فيه معهد بحوث السياسة العامة والذي يرد على تلك التوقعات بالقول بأن مثل هذه النسبة يمكن أن تتحقق فقط في حالة إقبال المستهلكين البريطانيين على مزيد من الإنفاق وهو ما يتطلب بدوره مزيدا من الاقتراض وتشير العديد من المراكز الاقتصادية في بريطانيا إلى أن توقع مزيد من الإنفاق من قبل الأسر البريطانية يبدو صعبا جدا خلال العام 2013 نظرا لأن ميزانية الأسر ستواجه مزيدا من التقلص كما أن عمليات التوظيف ستشهد انخفاضا أيضا وربما يسهم التراجع في زيادة الدخول إلى عدم القدرة على مسايرة نسبة التضخم المرتفعة. يذكر أن بنك إنكلترا المركزي كان قد خفض خلال الربع الأخير من العام الماضي من توقعاته بالنسبة لنمو الاقتصاد خلال عام 2013 إلى نسبة واحد بالمئة مشيراً إلى أن التضخم سوف يتراجع بوتيرة أبطأ من المتوقع في الوقت الذي ما زالت تعاني فيه إنجلترا من التعافي "البطيء والطويل".