حكومة الحبيب الصيد تواجه أول امتحان صعب

 تواجه حكومة الحبيب الصيد التي أعلن يوم الجمعة الماضي عن تشكيلها أول امتحان صعب غدا أمام مجلس نواب الشعب التونسي الذي ستعرض عليه لنيل ثقة أعضائه وذلك وفقا لما يقتضيه الفصل 89 من الدستور .     

وتتمثل صعوبة هذا الامتحان في ما أثاره الإعلان عن هذه التشكيلة الحكومية من ردود أفعال اتسمت في غالبيتها بالرفض ، مبررة هذا الرفض بطريقة تشكيلها وبجود أسماء من التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل ( الحزب الحاكم في نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ) وأخرى مرفوعة ضدها قضايا فساد .

وقبل يوم الحسم في الموضوع أمام مجلس نواب الشعب غدا سارعت الأحزاب الرافضة لهذه الحكومة إلى عقد مجالسها الوطنية لتحديد موقفها النهائي من تزكية هذه الحكومة  من عدمها  علما بأن هذه التزكية تتطلب موافقة على الأقل 109 نواب من بين ال 217 نائبا أعضاء مجلس نواب الشعب   .

وفي هذا الصدد قرر مجلس شورى حركة النهضة التي تملك 69 مقعدا في المجلس النيابي في أعقاب اجتماع عقده أمس الأحد عدم منح الثقة لحكومة الصيد .
وأوضح فتحي العيادي رئيس مجلس الشورى خلال مؤتمر صحفي عقد عقب الاجتماع، أن الحركة اتخذت هذا القرار بعد دراسة التقرير المقدم لها من قبل المكتب التنفيذى للحركة والذى أكد غياب انسجام هذه التركيبة الحكومية مع المبادىء التى طالما أكدت عليها الحركة .
ورأى أن البلاد تحتاج فى إدارة المرحلة القادمة إلى حكومة وحدة وطنية تكرس نهج التوافق والتشارك وتحقق الاصلاحات الضرورية وأهداف الثورة فى التنمية والعدالة الاجتماعية بعيدا ـ كما قال ـ عن ثقافة الاقصاء التى لا يمكن أن تثمر فى تونس ما بعد الثورة  .

واعتبر العيادى، أن الحكومة المقترحة لا تتوفر على الحد الأدنى من هذه الشروط المطلوبة  .. لافتا إلى أن موقف الحركة لم يستند على هذه الاعتبارات فحسب بل بالرجوع أيضا إلى الطريقة التى أديرت بها المشاورات ..  نافيا أن يكون لقرار مجلس الشورى علاقة بالاسماء الواردة فى التركيبة الحكومي .

وعلى منوال حركة النهضة نسجت الجبهة الشعبية صاحبة 15 مقعدا في مجلس نواب الشعب ، إذ أعلن زهير حمدي عضو مجلس امنائها أن الجبهة الشعبية لن تدعم حكومة الحبيب الصيد وتدعو كتلتها بالبرلمان إلى عدم منحها الثقة خلال الجلسة العامة المقررة ليوم غد الثلاثاء .
وأوضح فى تصريح له، أن الجبهة الشعبية اتخذت هذا القرار خلال اجتماع مجلس أمنائها أمس الاحد بسبب عدم استجابة حكومة الصيد  ـ كما قال ـ للحد الأدنى من استحقاقات المرحلة .. مشيرا الى وجود تحفظات على بعض أعضاء هذه الحكومة لارتباط بعضهم بالنظام السابق أو بسبب شبهات فساد ، حسب قوله .
وأضاف حمدى أن تشكيل حكومة الصيد اتسمت بالكثير من الارتجال رغم وجود بعض الشخصيات المحترمة ضمن تركيبتها .
أما كمال مرجان  رئيس حزب المبادرة المالك لثلاثة مقاعد فقد صرح بأن حزبه غير راض عن تشكيلة الحكومة الجديدة لانها حكومة كفاءات فقط فى حين أن البلاد فى حاجة فى المرحلة الراهنة إلى حكومة تضم كل الأحزاب وكل الطيف السياسى الذى أفرزته الانتخابات الاخيرة .

وأضاف أن حزب المبادرة الدستورية سيعلن يوم غد الثلاثاء عن موقفه إزاء تشكيلة حكومة الصيد  وذلك بعد التشاور داخل الحزب ومع نوابه فى مجلس نواب الشعب ومع الكتلة الربلمانية التى هي بصدد التكوين مع أحزاب أخرى لاخذ القرار المناسب .

وذكر مرجان، بأن حزب المبادرة طالب منذ البداية بحكومة انقاذ وطنى وببرنامج انقاذ وطنى .

وفي انتظار أن يحدد حزب آفاق تونس الذي يملك 8 مقاعد موقفه النهائى من مسالة منح الثقة أو لا إلى حكومة الصيد بعد التشاور مع كتلة الحزب النيابية ، فان القيادي بهذا الحزب نعمان الفهري أعرب عن استغرابه من تكليف 70 بالمائة من أعضاء الحكومة الجديدة من المستقلين إلى جانب كفاءات سياسية وأخرى ادارية فى حين أن الشعب منح ثقته فى الإنتخابات الأخيرة لاحزاب سياسية ليحملها ـ كما قال ـ  مسؤولية تنفيذ البرامج والرؤى التى انتخبهم على أساسها .
وأشار في تصريح له إلى أن المشاورات التى دارت قبل الإعلان عن تشكيلة الحكومة لم تمكن من التعرف  بوضوح على برنامج عمل الحكومة ولا على هيكلتها .
وقال الفهرى فى هذا الخصوص، إن رئيس الحكومة المكلف اقتصر على ما أسماه  إعلان نوايا ضمن وريقات  قدمها إلى الأحزاب المشاركة فى المشاورات  .. معتبرا أن منهجيته فى اختيار أعضاء حكومته لم تعتمد على التشارك والتفاعل بين جميع الأطراف .

وحتى بالنسبة لحزب حركة نداء تونس صاحب أكبر عدد من المقاعد في مجلس نواب الشعب 86 مقعدا فإن الموقف في داخله يتسم بشيء من الغموض وحتى التناقض ، ففي الوقت الذي قال فيه القيادي الازهر العكرمي بأنه تم خلال اجتماع  للهيئة التأسيسية للحزب وأعضاء كتلتها بالبرلمان ، اتخاذ قرار بمساندة حكومة الصيد وتصويت كتلة الحركة بالبرلمان لصالحها خلال جلسة منح الثقة المقرر عقدها يوم غد فإن قياديا اخر في نفس الحزب وهو عبد العزيز القطى صرح في نفس اليوم بأن التشكيلة الحكومية التى أعلنها الصيد حكومة ضعيفة لا لون ولاطعم لها وانها حكومة ترضية لأشخاص .. مشيرا إلى وجود أسماء لا يوافق حزبه على تواجدها .

وأكد أن العديد من النواب داخل النّداء لن يمنحوها الثقة داعيا الحبيب الصيد إلى تأجيل عرض حكومته على مجلس النواب بعد تعديل تركيبتها".
وتشير الاوساط المراقبة هنا إلي أنه أمام رفض أحزاب مؤثرة مثل حركة النهضة والجبهة الشعبية باعتبار عدد نوابها في المجلس النيابي وتردد البعض الاخر على غرار حزبي افاق تونس والمبادرة فإن 86 مقعدا التي يملكها النداء في البرلمان و 16 مقعدا التي يملكها شريكه في هذه الحكومة وهو الحزب الوطني الحر لا تحقق النصاب المطلوب وهو 109 أصوات لمنح الثقة وهو ما يجعل حكومة الصيد أمام امتحان عسيرلا يمكن أن تجتازه الا بحسم مواقف الاحزاب المترددة لصالحها .

قنا