تونس - العرب اليوم
يتجه حزب نداء تونس الذي يقود الائتلاف الحاكم بالبلاد نحو بناء تموضع جديد يتجاوز فيه ارتباكه السياسي بسبب انشقاقات سابقة في صفوفه، ويحاول التحرك بخطى متسارعة نحو ترميم بيته الداخلي ليعزز حظوظه أمام ما تنتظره البلاد من استحقاقات انتخابية.
والتقى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الثلاثاء، وفدا من حركة نداء تونس يضم المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي وقياديين بارزين. وبحث اللقاء الشأن العام للبلاد وتصور الحركة لتحديات المرحلة السياسية القادمة.
وقال خالد شوكات القيادي بحركة نداء تونس، لـ“العرب”، إن “الاجتماع مع رئيس الدولة تناول أهم النقاط المستقبلية للحركة والدور الذي يجب أن تلعبه في النهوض بالمنظومة الحزبية والارتقاء بالخطاب السياسي”.
ومثّل اللقاء مناسبة استعرض فيها وفد حركة نداء تونس آخر استعدادات الحزب للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في ديسمبر2017، بالإضافة إلى أهم التحضيرات لمؤتمره الانتخابي القادم.
وأوضح شوكات “سنعلن عن المؤتمر قريبا ومما لا شك فيه أنه سينظم عام 2018، لكن تحديد تاريخ انعقاده مرتبط بموعد الانتخابات المحلية”.
والانتخابات البلدية القادمة هي أول انتخابات محلية ستجرى في تونس منذ سقوط نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي في العام 2011.
وتمثل الانتخابات المقرر إجراؤها في ديسمبر القادم اختبارا حقيقيا أمام الأحزاب وخاصة المشاركة في الحكم، حيث ستعطي صورة واضحة عن ثقة الناخبين بعد 3 سنوات من الحكم.
وتتعرض الأحزاب التونسية خاصة من الائتلاف الحاكم (حزبا النداء والنهضة) إلى انتقاد شعبي بسبب استمرار الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي عكستها احتجاجات عاشتها مناطق مختلفة من البلاد للمطالبة بالتنمية وتوفير فرص العمل.
واختار رئيس حكومة الوحدة الوطنية يوسف الشاهد أن يتخذ خطوة جريئة بإعلانه حربا ضد الفساد في مايو الماضي. وتم اعتقال رجال أعمال وموظفين كبار في الدولة خاصة من الأمن والجمارك بسبب تورطهم في قضايا فساد، بالإضافة إلى الإطاحة بمهربين.
وقال مراقبون إن حملة الشاهد ضد الفساد لها تأثير إيجابي بخصوص تقدم المسار الديمقراطي في تونس ومحاربة المظاهر التي تنخر اقتصاد البلاد.
وتناول اجتماع وفد حركة نداء تونس مع رئيس الجمهورية علاقة الحزب برئاسة الحكومة، كما تطرق إلى احتمال إجراء الشاهد لتعديل وزاري.
خالد شوكات: لن نسمح لمن يحملون نوايا تخريبية بأن تتاح لهم الفرصة لتدمير الحزب
ويزعم البعض بأن مسألة التعديل الوزاري أثارت التوتر في علاقة حافظ قائد السبسي ويوسف الشاهد، بسبب رغبة المدير التنفيذي لنداء تونس في التدخل في قرارات حكومية وطموحه السياسي.
وقال الشاهد الثلاثاء إن “التعديل الوزاري من صلاحيات رئيس الحكومة ويكون بعد عملية التقييم”، إذ تضمن التصريح رسالة تفيد بأن القرار بيد الشاهد وحده.
ونفى شوكات كل ما يروج عن توتر بين المدير التنفيذي لحركة نداء تونس ورئيس الحكومة. وأشار إلى أن “ما يربط حافظ قائد السبسي ويوسف الشاهد ليس روابط شخصية ولا تحكمها الاعتبارات الشخصية”.
وأضاف “حافظ قائد السبسي حريص على ألا يكون محيط رئيس الحكومة معاديا للحركة وأن يكون رئيس الحكومة في انسجام وتواصل دائم مع حركته”.
وساهمت الأزمة الداخلية لحزب نداء تونس في تراجع عدد نواب كتلته بالبرلمان بسبب استقالة بعضهم وانتقالهم إلى كتل وأحزاب أخرى خاصة حركة مشروع تونس. وبعد أن كانت كتلة نداء تونس متحصلة على 86 مقعدا من أصل 217 في مجلس نواب الشعب، تراجع العدد ليبلغ 59 مقعدا.
ويرى شوكات أن “حركة نداء تونس بصدد استعادة عافيتها وهذا ما تكشفه عمليات سبر الآراء الأخيرة والتي وضعت الحركة في مقدمة الأحزاب التي يمكن أن تفوز في الاستحقاقات القادمة سواء الانتخابات المحلية أو التشريعية”.
وأضاف “نحن نعتمد رؤية تمثل مسار العمل داخل الحركة وفي مقدمتها الإصرار على أن تكون قيادة الحزب ملتزمة وقوية، كما أننا منفتحون على كل الأعضاء ولن نسمح لمن يحملون عقلية تخريبية أن تتاح لهم الفرصة للعودة لتخريب الحزب من جديد”.
ويرى شوكات أن الواقع السياسي في تونس يتطلب النأي عن التجاذبات الحزبية والشخصية حتى يتحقق الارتقاء بالخطاب السياسي والتركيز على التنافس على مستوى البرامج والآراء والمبادرات التي تخدم مصلحة البلاد.
ولفت إلى أن “أفضل مؤسسة يمكن أن تقوم بهذا الدور هي مؤسسة رئاسة الجمهورية لرمزيتها وللطابع التوفيقي الذي يمنحه الدستور لها وللرمزية التي لدى الباجي قائد السبسي لدى جميع الأطراف بما يساعد على صياغة مثل هذه الوثيقة”.
وأكد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، عقب اللقاء مع وفد نداء تونس، على ضرورة أن تلعب الأحزاب الحاكمة دورها الأساسي في التعبير عن مشاغل المواطنين وأن تكون أكثر التصاقا بقضايا التنمية والتشغيل، خاصة في الجهات الداخلية البعيدة عن العاصمة والتي تشتكي التهميش وغياب البنية التحتية.