تونس – يو.بي أي
أنهت ثورة تونس، الثلاثاء، عامها الثالث وسط انقسام سياسي حاد، واحتقان شعبي أدّى الى اندلاع مواجهات وأعمال عنف في غالبية مدن البلاد، تخللتها حرق مؤسسات حكومية ومقرات لحركة النهضة الإسلامية. وخرج الآلاف من التونسيين اليوم إلى شارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة احتفالاً بالذكرى الثالثة للثورة التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير 2011، فيما نشرت السلطات المئات من أفراد الأمن بأسلحتهم ومعدّاتهم المُخصّصة لمكافحة الشغب، تحسباً لأي طارئ، وحلّقت طائرة هليكوبتر في سماء العاصمة. وتحوّل شارع الحبيب بورقيبة إلى ما يشبه "سوق عكاظ"، حيث تعالت أعلام الأحزاب السياسية التي طغت على علم البلاد، وسط انقسام واضح عكسته الشعارات المرفوعة التي كرّست التجاذب السياسي الذي ساد البلاد خلال الأشهر الماضية. ففي الوقت الذي كانت فيه حركة النهضة الإسلامية والأحزاب القريبة منها ترفع شعارات مُندّدة بما وُصف بـ"النزعة الإنقلابية"، والمُتمسّكة بـ"الشرعية الإنتخابية"، أعادت أحزاب المعارضة نفس الشعارات المناهضة للحكومة ولحركة النهضة الإسلامية، منها "الرحيل والحساب يا حكومة الإرهاب"، و"وكلاء الإستعمار نهضاوي رجعي سمسار". وأعرب أحمد إبراهيم، الأمين العام لحزب المسار الديمقراطي الإجتماعي، عن أسفه لهذا الإنقسام ، وقال ليونايتد برس إنترناشونال، "كنا نتمى أن يكون احتفال اليوم وطنياً وموحّداً للشعب، ولكن للأسف كان هذا الإنقسام الذي يؤكد أن الطبقة السياسية لم تستخلص الدروس". واعتبر أن "أخطر ما أصاب البلاد بعد 3 سنوات من الإطاحة بنظام بن علي، هو أن الطبقة السياسية لم تعمل على توحيد الشعب، وإنما سعى البعض منها إلى تقسيمه على أسس واهية، وخاصة منها استعمال الدين في السياسة، والتشجيع على الكراهية". غير أن النائب بالمجلس التأسيسي سمير بالطيب، حاول التقليل من هذا الإنقسام، وقال ليونايتد برس إنترناشونال، إن هذا الإنقسام "ليس مقلقاً طالما يستطيع الشعب التونسي التعبير عن آرائه من دون ممارسة للعنف". وأضاف أن ما جرى اليوم هو "أمر إيجابي رغم أنه كان بودنا لو شاركت المعارضة وخاصة أحزاب جبهة الإنقاذ بشكل موحّد في الإحتفال بهذه الذكرى، وبالتالي توجيه رسالة قوية للشعب". ويرى مراقبون أن هذا الإنقسام كان متوقعاً بالنظر إلى تباين الآراء والمواقف التقيمية للسنوات الثلاث الماضية، حيث تعتبر حركة النهضة الإسلامية أن البلاد عرفت تطوراً ملحوظاً، فيما تؤكد المعارضة أن الحصيلة كانت "هزيلة ومخيبة للآمال". وبحسب أحمد إبراهيم، فإنه "بالنسبة للإنتظارات وتطلعات الشعب وطموحاته، ما زلنا بعيدين عنها لأنه خلال السنوات الثلاث الماضية لم نقدّم ما يرضي الشعب، باستثناء حرية الإعلام". واعتبر أن الملفات الوطنية الكبرى "شهدت خلال الفترة الماضية نوعاً من التقهقر خاصة على الأصعدة، الأمنية والإجتماعية والإقتصادية، وهو ما يؤكد وجود خيبة أمل عكستها التحركات الإحتجاجية التي عرفتها البلاد في الأسبوع الماضي". ويشاطر هذا الرأي النائب سمير بالطيب، الذي قال "لقد أضعنا ثلاث سنوات، ولم يتحقق أي شيء من هذه الثورة ، لكنه اعتبر أن الأمر الإيجابي الآن هو أنه "بدأنا الخروج من الأزمة السياسية، وأتمنى أن تكون وضعية تونس بعد نحو الشهر أحسن بكثير". وشهدت غالبية المناطق التونسية خلال الأيام القليلة الماضية، إحتجاجات إجتماعية للمطالبة بالتنمية والتشغيل، وللتعبير عن رفض الضرائب الجديدة، وذلك في مشهد أعاد إلى الأذهان الأوضاع التي سادت البلاد قُبيل سقوط نظام بن علي. وتحوّلت تلك الإحتجاجات التي عكست حالة الإحتقان والغضب وخيبة الأمل لدى التونسيين، إلى مواجهات عنيفة تم خلالها حرق العديد من المؤسسات الحكومية ومقرات لحركة النهضة الإسلامية.