مسقط ـ عمان اليوم
أكد المشاركون في سادس الندوات الرقمية التي تنظمها جريدة الرؤية أن القطاع العقاري يمر بمرحلة "عنق الزجاجة"، في ظل التأثيرات الكبيرة على القطاع جراء أزمة كورونا، والتي تسببت في إغلاق معظم القطاعات، علاوة على التداعيات الناجمة عن التراجع الحاد في أسعار النفط.
وحملت الندوة عنوان "تأثيرات فيروس كورونا على القطاع العقاري"، حيث ناقشت مع المختصين وضع قطاع العقارات قبيل أزمة كورونا وخلالها وما يتوقع مستقبلا. وشارك في الندوة التي أقيمت عبر تقنية الاتصال المرئي (برنامج زووم): حسن بن خميس الرقيشي رئيس لجنة التطوير العقاري بغرفة تجارة وصناعة عمان، وحسن بن محمد بن جمعة اللواتي رئيس مجلس إدارة الجمعية العقارية العمانية، ومحمد بن سليمان الكندي رئيس مجلس إدارة شركة سندان للتطوير العقاري.
وبدأت الندوة بإلقاء نظرة عامة على وضع القطاع العقاري قبل وخلال أزمة كورونا، وقال حسن الرقيشي رئيس لجنة التطوير العقاري بغرفة تجارة وصناعة عمان إن الوضع الحالي أشبه "بالمرور بعنق الزجاجة" مشيرا إلى أن التأثير على القطاع العقاري في السلطنة لم يبدأ مع أزمة كورونا لكن حتى قبل كورونا وتداعيات الفيروس كان هناك تأثر نتيجة تراجع أسعار النفط على سبيل المثال، موضحا أن قطاع العقار بشكل خاص من أكثر القطاعات ارتباطا وتأثرا بالقطاعات الأخرى، ولذلك فإن تأثيرات فيروس كورونا تعد التأثيرات الإضافية التي يتوقع من بعدها أن يشهد القطاع انفراجة وتحسنا في أوضاعه. واعتبر الرقيشي أن مرحلة "عنق الزجاجة" قد تستمر إلى سنتين، قبل أن يعود الأمر إلى ما كان عليه وأفضل.
تأثيرات كبيرة
وقال حسن بن محمد اللواتي رئيس مجلس إدارة الجمعية العقارية العمانية إن من المتوقع أن يكون التأثير المحتمل لجائحة كورونا قويا على القطاع العقاري، ليس فقط في عمان بل في جميع أنحاء العالم. واستشهد اللواتي بدراسات تظهر أن أكثر من 15% من مطاعم مدينة نيويورك الأمريكية لن تعود للعمل مرة أخرى، وهذا يعني آلاف من الوحدات العقارية التجارية ستصبح شاغرة بعد كورونا. وأضاف أن منحنى أسعار العقارات في السلطنة شهد فترات صعود وهبوط امتدت لسنوات وكان آخرها قبيل كورونا، منوها إلى أنه من الصعب توقع وضع القطاع العقاري بعد كورونا مع وجود مئات السيناريوهات والتوقعات بين الإيجابية والسلبية.
بدوره أكد محمد الكندي رئيس مجلس إدارة شركة سندان للتطوير العقاري أن القطاع شهد بالفعل أدنى مستوى للأسعار، وأنه سيشهد تصحيحا في أقرب وقت، مرجحا في الوقت نفسه احتمالية استمرار حالة الغموض في القطاع نتيجة لتأثيرات كورونا على الاقتصاد بشكل عام، والنشاط العقاري على وجه الخصوص. وأشار إلى أن الفترة التي تزامنت مع تراجع أسعار النفط منذ عام 2014، شهد القطاع العقاري تأثيرات واضحة حيث انخفض الطلب على العقارات، مؤكدا أن هذا أمر طبيعي ورد فعل لتقلص بعض الأنشطة، وهي مؤشرات تدل على أن مرحلة الانخفاض بدأت في نهاية 2014 ومن ثم بدأت الأمور تتحسن تدريجيا في الأشهر الأخيرة من 2019. لكنه استدرك بالقول: "كانت هناك توقعات بعودة القطاع إلى التراجع، وجاءت أزمة كورونا لتزيد من الضغوط على القطاع، نظرا لارتباط العقار كقطاع بكثير من القطاعات المتأثرة وعلى رأسها قطاع السياحة مثلا، وأبرز دلائل التأثر أن العرض أصبح أكثر توفرا من الطلب، وبالتالي تراجعت الأسعار كثيرا، وإن كان من الوارد عودة إيجابية متفاوتة لمتوسطات أسعار العقارات واستثماراته بين عدد من الولايات والمناطق".
ملاك العقارات
وردا على سؤال من مدير الندوة حول دور أصحاب العقارات والمستثمرين العقاريين في ظل الأزمة، أكد الرقيشي أن الكثيرين من ملاك العقارات أسهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في دعم جهود مواجهة تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية، مشيرا إلى أن كثير من الملاك تنازلوا عن الإيجارات لعدة شهور، إضافة إلى تخفيض أسعار الإيجارات للمتضررين، مشيرا إلى أن الغرفة مازالت تناشد أصحاب العقارات في تقديم ما يمكنهم لتخطى تداعيات الأزمة.
وفيما يتعلق بالمحفزات التي يمكن أن تساعد على سرعة النهوض بالقطاع عقب كورونا، أكد الرقيشي أن السلطنة تمتلك مقومات ممتازة من كافة النواحي، ولديها من الإمكانيات ما يدعم نمو الاستثمار العقاري بقوة، مشيرا إلى أهمية أن يكون هناك بجانب هذه المقومات محفزات للاستثمار العقاري تزيد من سرعة تعافي القطاع من آثار كورونا، وعلى رأس هذه المحفزات التمويل. وقال إنه على الرغم من طرح مبادرات ومنها مبادرة للغرفة عبر صندوق يساند في تسريع الخروج من الأزمة، إلا أن هناك بعض الجهات التمويلية والبنوك زادت من صعوبات التمويل؛ سواء للقطاع الخاص ككل أو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص، مؤكدا أن هذا الامر يتطلب إعادة نظر، مشددا على ضرورة إدراك أن "الجميع في قارب واحد" وأن نهوض أي قطاع يعتمد على نهوض القطاعات الأخرى.
ولفت الرقيشي إلى أهمية إصدار قرارات وتشريعات تحفيزية لتبث رسائل تطمينية للمستثمرين، وقال إنه على العكس من ذلك تفاجئ الجميع مؤخرا ببعض القرارات تتضمن تعديلات ورفع لرسوم ترتبط بالقطاع العقاري، ما أثر بصورة سلبية على معنويات المستثمرين وأداء السوق. وطالب الرقيشي بإعادة النظر في جميع القرارات وتحويلها من محفزات سلبية إلى عناصر إيجابية ليعود النشاط الاقتصادي ككل وليس القطاع العقاري وحسب، من منطلق أن النشاط العقاري مرتبط بكافة الأنشطة والقطاعات الأخرى.
قرارات تنظيمية
وقال حسن اللواتي إن قرارات وزارة الإسكان في جوهرها جيدة وتخدم الجانب التنظيمي للقطاع العقاري، لكن لابد من دراسة تفاصيلها وإعادة بلورتها بما يعزز العمل العقاري بشكل إيجابي، مؤكدا أهمية الوضوح فيما يخص بعض القوانين المتصلة بالقطاع العقاري والسرعة في إنجازها مثل قانون حساب الضمان الذي صدر في عام 2018، ولم يُفعّل بشكل واضح حتى الآن رغم أهميته، مؤكدا أن الجمعية العقارية تقوم بدورها في إيصال آراء العقاريين للوزارة بشكل منهجي والخروج بحلول تخدم الجميع.
ولفت إلى أن البيانات توضح أن إحصائيات العقارات لشهري يناير وفبراير تظهر زيادة بنسبة 24% مقارنة بشهري يناير وفبراير 2019، أي نحو 100 مليون ريال نموا في السوق رغم الظروف، معتبرا ذلك دليلا على أن القطاع العقاري لا يزال سوقا ناميا وبنسب نمو جيدة. وأشار إلى أن هناك طلب متزايد على العقارات، لكن حجم المعروض أكبر من الطلب، ولذلك فإن الحركة التصحيحية للسوق العقاري ستتم عندما تُحل الفجوة العقارية بين العرض والطلب القائمة حاليا، والتي تختلف بين منطقة وأخرى بحسب معايير مختلفة.
وفيما يتعلق بالوضع بين المالك والمستأجر، أكد اللواتي أن كثيرا من الملاك قدموا تسهيلات، مشيرا إلى أن من يرفض تقديم تسهيلات للمستأجر خلال الأزمة الحالية لابد من أن يعيد النظر ليس فقط من الجانب الإنساني رغم أنه واجب وضرورة، لكن أيضا من الجانب التجاري، فالمحافظة على المستأجر مع التفاوض في الإيجار أفضل من خروج المستأجر في فترة لن يكون فيها من السهل إيجاد مستأجر بديل.
ونوه إلى أهمية الاستفادة من الأزمة في استيعاب دروس المستفادة ومنها العمل على إعادة النظر في تصميم المجمعات التجارية بما يضمن عدم تأثير الرطوبة على الديكورات والأساسات في حالة الاضطرار للإغلاق لفترة طويلة، كما حدث في الأزمة الحالية، لافتا الى التكلفة العالية لتهوية المجمعات التجارية رغم أن الدخل صفر.
الاستثمار وقت الأزمات
وأكد أن فرص الاستثمار العقاري موجودة دائما، لكنها تتعزز في ظل الأزمات، وأن من الضروري للمستثمرين العمل على تحويل جائحة كورونا إلى فرصة، مع عدم إغفال عنصر الحذر، مؤكدا أن جائحة كورونا قد تكون فرصة الشركات العقارية للاستثمارات، أو التفكير في الاندماجات مما يعزز قوتها، وبحيث تتحول الشركات الصغيرة العاملة في العقارات إلى شركات متوسطة، وكذلك اندماج المؤسسات المتوسطة لتصبح شركات كبيرة وبالتالي ينهض القطاع ككل.
وعلق محمد الكندي على آلية التعاطي مع الأزمة بالقول إنه لابد من التكيف مع الوضع الحالي والعمل على تجاوزه معا بأسرع وقت وبأقل كلفة، مؤكدا أهمية النظر بعين الاعتبار للوضع وتقديم التسهيلات اللازمة ومنها على سبيل المثال مراعاة أصحاب العقارات الخاصة، وخاصة الملتزمون بسداد قروض عقارية، والذين قد لا يتمكنون من سدادها نظرا للوضع الحالي، علاوة على تقديم محفزات استثمارية لمن يريد الاستمرار في العمل أو حتى دخول السوق في الوضع الحالي استثمارا لفرص تراجع الأسعار.
وحث الكندي على الاستثمار في المجمعات المتكاملة التي تهيئ الخدمة المتكاملة للمستثمر وتشمل الأنشطة الصناعية والتجارية والسكنية في مكان واحد مثل مدينة سندان، الأمر الذي يفتح الباب أمام المزيد من الاستثمارات المماثلة.
قد يهمك أيضا:
توزيع وحدات سكنية بمنطقة حورات بولاية المزيونة
مليون ريال قيمة منتجات الصناعات الكيماوية