تنظيف الشاطئ

تُعد مشكلة التلوث البيئي مشكلة عالمية تعاني منها الكثير من الدول، نتيجة الازدياد السكاني والتوسع العمراني والتغير المتسارع الذي يحدث للبيئة وبالتالي يعيق حركة التطور الحضري للمدينة وتحقيق ثقافة الاستدامة البيئية، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلة التلوث البيئي مخلفة ورائها ظواهر سلبية للفرد والمجتمع.

ورصدت بلدية مسقط عددا من الظواهر السلبية التي تؤثر على البيئة من خلال زياراتها التفتيشية والحملات التوعوية وحملات النظافة المتمثلة في العبث بالمرافق العامة، وعدم المحافظة على نظافة المكان، إلى جانب العبث بالمماشي والممرات ورمي المخلفات في غير الأماكن المخصصة لها، والكتابة بالأصباغ على الممرات، كما تنوعت أضرار العبث المرصودة أيضا في تكسير مصابيح الإنارة، والكتابة على أعمدة الإنارة، ولصق الإعلانات الورقية عليها، إضافة إلى العبث بالأسلاك الكهربائية لأعمدة الإنارة.

من هنا ظهرت الحاجة الماسة إلى تشجيع إقامة الفِرق التطوعية البيئية للمساهمة بالمشاريع التنموية والخدمية، والقيام بحملات توعوية بيئية لغرس ثقافة حماية البيئة والمحافظة على مواردها، وما لا ريب فيه أنّ غرس هذه المفاهيم في حياة الناس تجعلهم أكثر وعيا وإدراكا بأهمية المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية، وبالتالي تتيح لهم فرص الترقي والارتفاع في مستوى معيشتهم. وهو في الحقيقة تثقيف للناس لكي يرتفع وعيهم عن البيئة واحتياجاتها، ولكي تدفعهم هذه الثقة لتطوير الوسائل والأساليب الناجحة لحماية البيئة والمحافظة عليها من التلوث.

توعية مستمرة:

وحول هذا السياق قال فهد بن عبدالله العزري، رئيس قسم البرامج التوعوية، بإدارة الإعلام والتوعية ببلدية مسقط : " تتشكل أهمية العمل التطوعي من خلال غرس الوعي الذي ينعكس على سلوك ايجابي في المحافظة على البيئة، وهناك رابط قوي ومتين ما بين حماية البيئة والعمل التطوعي من منطلق أن البيئة وحمايتها شأن يهم الجميع، وعلى تماس مباشر مع مختلف فئات المجتمع، وحماية البيئة أيضا واجب وطني وضرورة محلية وإقليمية وعالمية خصوصا وأن الشباب هم عماد هذا التحرك، وتسعى بلدية مسقط إلى إبراز جهود هذه الفرق للمساهمة في الأدوار الخدمية، كما تعزز البلدية من إشراك مختلف المؤسسات المتخصصة في مجال العمل البلدي؛ بهدف نشر وتشجيع ثقافة العمل التطوعي في كافة مجالاته، وبالأخص التطوع في مجالات العمل البلدي.

ويضيف العزري: "تم عقد عدة اجتماعات مع الفرق التطوعية الرئيسة التابعة للولايات بمحافظة مسقط، لتبني مقترحاتهم بأهم الوسائل المناسبة لإيصال الرسائل التوعوية للمجتمع من خلال الإسهام في التخطيط للبرامج التوعوية المختلفة، وحرصت بلدية مسقط على تحول توجه التوعية من توعية قائمة على الإرشاد المباشر للأفراد إلى مشاركة أفراد المجتمع في الحد من الظواهر السلبية المعنية بالعمل البلدي. من هذا المنطلق جاءت فكرة إشراك الفرق التطوعية في تنفيذ البرامج التوعوية المعنية بالعمل البلدي كحملات النظافة والمشاركة في التوعية العامة والأركان التوعوية بمختلف المناسبات، وكذلك المساهمة في تنفيذ بعض من برامج المشروع التوعوي المدرسي".

التطوع سمة إنسانية:

وتحدث خليل بن أيوب البلوشي، متطوع: "إن الآثار الإيجابية من مشاركة الفرق التطوعيه في المجال البيئي وخاصه في حملات النظافة والحملات التوعوية، يجعل المتطوع أكثر ثقة بنفسه، ويزيد من إحساس المتعه في التطوع، إذ أن العمل التطوعي هو حركة إجتماعيه تهدف الى تأكيد التعاون وإبراز الوجه الإنساني للعلاقات الاجتماعية مع إبراز أهمية التفاني في البذل والعطاء في سبيل سعادة الآخرين، وتأتي أهمية وضرورة وجود التطوع كفكر ومنهج إنساني، من أجل تحقيق التطور الحضاري للشعوب والأمم، كما يمكن الاستفادة من جهود العمل التطوعي في تنفيذ مشروعات بيئية، وقد شاركتُ في مجموعة الإيثار التطوعية بعدة حملات ومبادرات في المجال البيئي منها حملات تنظيف الشواطئ وكانت جميعها ذات فائدة عظيمة للفرد وللمجتمع.

بذل وعطاء:

ويضيف المتطوع علي بن عبدالله الشماخي، حول أهداف العمل التطوعي: " تسعى الفرق التطوعية إلى تحقيق أهداف عدة من خلال أعمالهم التطوعية، يأتي في مقدمتها ترسيخ مبدأ التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع وبين المتطوعين، إلى جانب إشراك الأطفال وخاصة طلاب المدارس في مثل هذه المبادرات؛ لتعليمهم وتعويدهم على التطوع في الأعمال الميدانية، وجعل المجتمع نظيفا وصحيا من خلال المساهمة في التنظيف، فضلا عن تثقيف الناس وتوعيتهم حول أخطار تلوث البيئة، والتشجيع على المشاركة في أعمال الخير كمشاريع إعادة التدوير (النفايات)، والتخلص من النفايات بشكل صحيح من خلال فصلها إلى اكثر من مجموعة وإعادة تدويرها.

الأخذ بأيديهم:

كما يسلط الضوء سامي بن سالم العامري، متطوع وعضو بفريق خيري، في حديثه حول تشجيع الشباب للمشاركة في الأعمال التطوعية، ويقول: "يتم تشجيع الشباب على المشاركة في المبادرات التطوعية وحملات التوعيه البيئية، من خلال عرض فرص تطوع مختلفة، نحن كفريق تطوعي نعمل على طريقة حساب الساعات التطوعية الميدانية الخاصة بالعمل الميداني الخارجي، وفي نهاية كل شهر يتم احتسابً ساعات العمل للمتطوعين ويتم منح لقب (متطوع الشهر) لأكثر المتطوعين في عدد الساعات، كذلك يتم تشجيعهم عن طريق عمل مسابقات لمشاريع خدمية مستدامة، وفي الوقت الحالي يتمكن الشباب بفكرهم الواعي من الامتثال لقضايا حماية البيئة؛ عبر القيام بحملات توعية عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، إذ ان للشباب قدرة إبداعية على استخدام التكنولوجيات لخلق مواد محببة توزع عبر البروشورات وعبر الانترنت. وبالتالي فإن هذه السلوكيات تسهم في إحداث التغيير المنشود، كذلك يمكن تشجيع الشباب من خلال إلقاء المحاضرات التوعوية والتعريف بكيفية الحفاظ على البيئة وعبر إنشاء مجموعات شبابية للتأثير في الشباب الآخرين وطلاب المدارس".

مبادرات خيرية:

وقالت سكينة بنت عبدالله الحوسنيه، رئيسة فريق الإيثار التطوعي: " إن العمل التطوعي البيئي هو مطلب أكثر من أن يكون سمعة أو مظهراً للتفاخر، وقد ظهرت مجموعات عديدة في القطاع الخاص وفرق تطوعية تعمل تحت شعار حماية البيئة، وتعمل جاهدة لتحقيق التعاون خدمة للمجتمع والبيئة، وتعمل على تشجيع أفراد المجتمع بالإنخراط في الأعمال التطوعية، وتقيم ورشاً تبرز أهمية تقديم خدمات تطوعية، كما تعمل إلى جوارها المؤسسات الحكومية ويتعاون الجميع من أجل بيئة نظيفة. ونحن في فريق الإيثار التطوعي نعمل جاهدين في مختلف المجالات التطوعية، وفيما يتعلق بالمجال البيئي يشارك الفريق في حملات عديدة، ومن أبرز الحملات التي شارك فيها أعضاء الفريق، حملة "مدينتي أجمل" وكذلك بمشاركة الأطفال "الإيثاري الصغير"، تم في الحملة تنظيف المنطقة والأحياء والميادين من المخلفات ورميها في أماكنها المخصصة، إلى جانب تنفيذ حملات تنظيف الشواطئ بشكل مستمر، وتم التعاون مع المديرية العامة لبلدية مسقط بالسيب في توزيع النظارات على العمال.

وتضيف الحوسنية: " ندعو من خلال هذه الأعمال الى إعلاء قيم وممارسات أخلاقية من شأنها إذكاء روح المواطنة وترسيخ مبدأ التطوع".

جهود فاعلة وبرامج توعوية:

وحول جهود بلدية مسقط في مجال التطوع البيئي وتعزيز الشراكة المجتمعية للحد من الظواهر السلبية المتعلقة بالعمل البلدي، تحدث فهد بن عبدالله العزري، رئيس قسم البرامج التوعوية، بإدارة الإعلام والتوعية ببلدية مسقط: " تشد بلدية مسقط على أيدي أفراد المجتمع للحد من هذه الظواهر، ووضع قضية الحفاظ على البيئة ومرافقها قضية الجميع، ومسؤولية مشتركة من شأنها أن تسهم في جعل المكان أفضل مما كان، واستدامة المرافق البلدية في ظل وجود المواقع السياحية الجميلة في السلطنة، من هذا المنطلق فهي تعزز من مفهوم التطوع البيئي وتشجع الشباب للمشاركة في الأعمال التطوعية البيئية للعمل يدا بيد في سبيل جعل مسقط مدينة مستدامة وصحية نابضة بالحياة، حيث تنتهج بلدية مسقط استراتيجية شاملة تنظر من خلالها لأهمية تحقيق مبادئ الاستدامة حفاظًا على البيئة الطبيعية من المشوهات البصرية، وبالتالي إيجاد توازن بيئي شديد الأهمية، كما تحرص البلدية على ضرورة معالجة الملاحظات والوقوف على التجاوزات التي تحدث بسبب انتشار المخلفات بأنواعها؛ وذلك لتحقيق التوازن البيئي والمحافظة على العناصر الطبيعية، وتتبنى البلدية عددا من البرامج والحملات التوعوية والبيئية المختلفة، إلى جانب حملات النظافة التي تنفذها البلدية بمختلف وحداتها بالتعاون مع مختلف الجهات ومؤسسات القطاع العام والخاص والتي تهدف إلى غرس الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة نظيفة والحد من الظواهر السلبية المنتشرة، وبرامج توعوية أخرى كبرنامج المشروع التوعوي المدرسي الذي تنفذه بلدية مسقط ممثلة بدائرة الشراكة المجتمعية بإدارة الإعلام والتوعية بالتعاون مع المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة مسقط تحت شعار «مدينتي مسؤوليتي»؛ بهدف غرس التوعية اللازمة لنشر الوعي ولتشكيل السلوكيات الحميدة لدى الناشئة حول أهمية المحافظة على النظافة والممتلكات والمرافق العامة للحد من الظواهر السلبية.

ويتضمن المشروع المدرسي سلسلة متنوعة من البرامج التوعوية، والفعاليات التثقيفية والأنشطة التعزيزية التي تهدف إلى توطيد الشراكة مع المجتمع المدرسي والبيئة المحيطة بالمدرسة، بأشكال متعددة تراعي اختلاف المراحل العمرية والدراسية للطلبة. ويتضمن البرنامج حوارا توعويا يعد بمثابة نافذة حوارية مباشرة مع طلاب المدرسة، حول مواضيع تعنى ضمن أهدافها بترسيخ ثقافة الحفاظ على النظافة والممتلكات العامة.

كما يتضمن المشروع المدرسي على مجموعة من البرامج التوعوية المختلفة، ولم يغفل المشروع دور أولياء أمور الطلبة في توجيه رسالة العمل البلدي؛ إذ تم وضع برنامج مخصص باسم «المجلس التوعوي»، يعمل من خلاله المختصون في دائرة الشراكة المجتمعية ببلدية مسقط على التواصل مع أولياء الأمور بهدف بناء حلقة وصل بين البلدية والمدرسة والمجتمع؛ لتعريفهم بأهم الممارسات والسلوكيات السلبية المتعلقة بالعمل البلدي التي يمارسها الطلبة، والتخطيط المشترك لعمل برامج وأنشطة وحوارات نقاشية بمعية أولياء الأمور من شأنها أن تعزز من الجهود المبذولة للحد من الظواهر السلبية، وتخلل المشروع برنامج «فاصل توعوي» يهدف إلى توظيف الإذاعة المدرسية كوسيلة لتوصيل الرسائل التوعوية للظواهر السلبية المتعلقة بالعمل البلدي.

ويحتوي البرنامج الميداني «الحي النظيف» على حملات نظافة عامة بالتعاون مع بعض المدارس والمديريات الخدمية ببلدية مسقط والفرق التطوعية، وذلك بهدف غرس ثقافة التطوع البيئي، وتعزيز المسؤولية المجتمعية الداعية لأهمية المحافظة على النظافة والصحة العامة، إضافة إلى برنامج «المفتش الصحي الصغير» بالتعاون مع الشؤون الصحية بالمديريات الخدمية، وهو برنامج توعوي ميداني يقوم فيه الطلبة بزيارة تفتيشية لبعض المراكز والمحلات التجارية للمنشآت الغذائية وكذلك المراكز التي تتعلق بتقديم الأنشطة ذات العلاقة بالصحة العامة، بغرض تعريفهم بأهم الاشتراطات الصحية في العمل البلدي وأهم الظواهر السلبية المنشرة وذلك من أجل بناء وعي لدى الطلبة بالجانب الصحي البلدي .

كما تم تصميم برنامج توعوي ميداني يحفز الطالب على المشاركة في برنامج «الراصد الصغير» الذي يشترك فيه الطلبة مع أدوار القائمين بالعمل على هذا المشروع في رصد ومكافحة الظواهر السلبية التي تمارس في الحدائق والمتنزهات؛ بهدف تنشئة جيل واع ومشارك في الرسالة المؤسسية.

وختاما فإن الاستثمار الأمثل في تنمية ثقافة التطوه يأتي من خلال الإهتمام بفئة الشباب، والتركيز عليهم وبث روح المثابرة والحماس لديهم ودعوتهم للقيام بالأعمال التطوعية وتنظيمها وذلك حتى تنمو قيمة هذه المبادرات الفردية، ليتم تبنيها من قبل مختلف الجهات الحكومية، وكذلك القطاع الخاص، بما يعمل على تحقيق أهداف وغايات إنسانية نبيلة لهذا المجتمع الذي قدم يستحق الأفضل.

وقد يهمك أيضًا:

بلدية مسقط تقدم تسهيلات مالية للأنشطة التجارية والعقود بأنواعها

بلدية مسقط تُعيد استئناف نشاط السوق المركزي للخضروات