الرياض - عمان اليوم
الراقي، الملكي، الإمبراطور، معقل الأسود، قلعة الكؤوس، ألقاب أطلقتها جماهير أهلي جدة السعودي عبر تاريخ النادي الملئ بالبذل والعطاء في قلوب جماهير الأهلي السعودي، ويعد النادي الأهلي أحد أهم وأكبر الأندية في المملكة السعودية ودائماً ما يكون الفريق الكروي حاضراً ومنافساً بقوة على البطولات سواء المحلية أو الآسيوية، وينطوي تاريخ ورواية إنشاء الأهلي السعودي على قصص الحلم والصداقة والعمل الجماعي لتشيد كيان واحد يجمعهم ويحقق أهدافهم وطموحاتهم.
تأسس النادي الأهلي عام 1355 هـ ـ 1937 م على يد أربعة شبان، ويقع مقره في قلب مدينة جدة، ويعد أكبر مناراتها الرياضية بموقعه الاستراتيجي على أكبر شوارعها شارع الأمير محمد بن عبد العزيز، وجاءت فكرة تأسيسه بين عدد من الطلاب في مدرسة الفلاح ـ أقدم مدارس مدينة جدة ـ بين فتية، جمعتهم مدرسة الفلاح فتآخوا وتآلفوا، وعاشو سويًا في حارة الشام، فتوثقت عرى الصداقة بينهم فأصبحوا كالأسرة الواحدة، وفي هذا الجو الأخوي الخالص النقي كنقاء سريرتهم نبتت فكرة تأسيس فريق رياضي وطني يضمهم ويخرجهم من إطار المدرسة الضيق إلى نطاق أرحب وأوسع فاعتنقوا الفكرة وكلفوا صديقهم حسن محمود شمس ي بالعمل على إخراج هذه الفكرة إلى حيز الوجود، ولم يكن هذا الاختيار عشوائياً ولكن لأنَّه كان يتمتع بصفات القيادة الفطرية ولأنه كان محبوباً بين أقرانه لدماثة أخلاقه واتزان فكره ولأنه كان لاعبا بارزاً في مدرسة الفلاح كما كان لاعباً مرموقاً في نادي الاتحاد فتولى المهمة وكان عند حسن ظن الجميع به وكان أهلا للمسئولية التي أنيطت به فأصبحت حقيقة ملموسة، وأعلن تأسيس الأهلي السعودي عام 1357 هـ وسمي الفريق بالأهلي تيمناً لأحاسيسهم بمعاني روابط الأهل، وتولى رئاسة النادي بعد تأسيسه مؤسسه حسن محمود شمس، ومن تسلسل الأحداث والظروف التي أحاطت بنشأة الأهلي كان من الطبيعي أن تتولى إدارته واللعب تحت رايته مجموعة من هؤلاء الفتية الذين ربطت بينهم المحبة والمودة بروابط وثيقة وخاصة تلك التي كانت تربطهم بآل البترجي فشكلت الإدارة وأختير اللاعبون وكانت النواة الأولى نخبة ممتازة من أبناء مدينة جدة، كما أختير الشعار الأزرق والأبيض للفريق.
وكانت بداية انطلاقة الأهلي نحو آفاق أوسع، وبات يتقدم إلى الريادة شيئا فشيئًا، إلى أن أصبح اسمًا عملاقًا رائدًا وسفيرًا ناجحًا لرياضة المملكة في كثير من الألعاب، وتتويجًا لهذا النجاح أطلق عليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله لقب سفير الوطن، وتوجه بدرع التفوق الرياضي عندما استقبل في قصره العامر صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبد الله بن عبد العزيز رئيس هيئة أعضاء الشرف وأعضاء شرف النادي ورؤسائه على مر تاريخه وإدارة النادي برئاسة عبد العزيز العنقري ولاعبي النادي في يوم تاريخي لن ينساه الرياضيون بصفة عامة والأهلاويون بصفة خاصة كأكبر تكريم حصل عليه النادي الأهلي في تاريخه بعد تحقيقه إنجازًا فريدًا في نفس العام، حيث حقق أربع بطولات خارجية وعانق العالمية من خلال فريق كرة اليد الأول الذي حقق بطولة آسيا ثم كأس الخليج وفريق كرة القدم الأول وفريق كرة الطائرة الأول بعد أن حققا بطولتي الخليج أيضًا في نفس العام.
وحين تولى حسن محمود شمس رئاسة الفريق قطع صلته بفريق الاتحاد لأنه كان لاعبا فيه، وتفرغ للأهلي، وكان الاتحاد يعتبر الأستاذ حسن شمس لاعبا، ووتقع المفاجأة، عندما اتفق الاتحاد على إقامة مبارة ضد أحد فرق جدة ،وكان ذلك في مرحلة تأسيس الأهلي وكان في يقينه أنه سيشارك فريق الاتحاد في هذه المباراة كلاعب أساسي، فذهب إلى الملعب بنية المشاركة وهو بلباسه الكروي، ولكن المسئولين عن فريق الاتحاد سلموه رسالة خطية وضعته أمام أحد خيارين، إما أن يقطع صلته كليا بالأهلي ليشارك في هذه المباراة أو يحرم من المباراة إذا أصر على بقائه في الأهلي، وكان الموقف صعبا وأليما بالنسبة له ومحرجا في ذات الوقت، ولكنه إتخذ قراره دون تردد فآثر أن تكون صلته دائمة بالأهلي والتصاقه به مستمرا، وكانت هذه الحادثة نهاية صلته بالإتحاد.
وبدأ فريق الأهلي مزاولة تمارينه على أرض فضاء خارج سور مدينة جدة وهي الأرض الواقعة الآن في البغدادية شمال مبنى وزارة الخارجية وخلف مباني رضا أمين، وكانت تعرف بأرض الدباب ولقد اشتق هذا الاسم من دباب قديم متآكل رابض بهذه ، وبدأ الأهلي قويا منذ نشأته رغم قصر عمره ونافس بضراوة الفرق التي تأسست قبله، ونافس الاتحاد منافسة عنيدة وكان هذا التنافس الذي استمر حتى وقتنا هذا سببا رئيسيا في دفع عجلة التقدم الرياضي في جدة والارتقاء بمستوى الرياضة بصورة عامة، أما الموارد المالية لتغطية النفقات فكانت تعتمد على الاشتراكات التي كان يدفعها الإداريون واللاعبون وبعض المشرفين، وقيمة الاشتراك كانت تتراوح بين خمسة وعشرة، ولم يمض عامان على نشأة الأهلي حتى إضطر إلى التوقف مع بقية فرق جدة ومكة المكرمة عن ممارسة اللعب حين صدر أمر منع اللعب في عام 1359 ه بسبب أحوال الحرب العالمية الثانية فاحتجب الفريق قرابة العشر سنوات ولكن كان يزاول تمارينه خلال هذه المدة في فترات متقطعة متباعدة.
عن تلك الفترة الزمنية التي تأسس فيها الأهلي، نقتبس بعض أقوال اثنين من مؤسسي الأهلي؛ عمر محمود شمس وعبد الرؤوف إبراهيم بترجي، " كانت لعبة كرة القدم من الألعاب غير المشروعة وغير المستحبة لاعتقاد كبار الشخصيات في البلد أنها تعوق عن أداء الصلاة في وقتها وخاصة صلاة المغرب، وفي محاولة منا لتذليل هذه العقبة تقدمن إلى قائماقم جدة الأستاذ إبراهيم بن معمر بطلب تضمن السماح لنا بمزاولة اللعب وبالتعهد منا على أداء الصلاة في وقتها والامتناع عن مزاولة التمارين في أوقات الصلاة، فقبل طلبنا وسمح لنا باللعب وبناء عليه فقد وضعنا براميل على جانب الملعب كنا نملأها لاستعمالها عند الوضوء، كنا نثبت قوائم المرمى قبل التمرين ونقتلعها بعد التمرين حفاظا عليها من الضياع ثم نحتفظ بها في مكان آمن لنعيد تثبيتها في اليوم التالي ولما لهذه العملية من مشاق فقد اضطررنا إلى تعيين شخص للقيام بهذه المهمة لقاء أجر شهري.
قد يهمك أيضا:
أهلي جدة ينجو من فخ وفاق سطيف ويتأهل إلى ربع نهائي "كأس زايد"
أرسل تعليقك