الإرهاب هو كل عمل إجرامي يستهدف حياة الناس واستقرارهم وحقوقهم وحريتهم، أو يثير خوفهم.
الإرهابي هو من يَكفر بالقانون، ويحرق أمن واستقرار السكان، ويقطع الأصابع، ويكتم الأفواه، ويقتل الأبرياء، وينشر الفوضى.
الإرهاب ليس له أرض، ووطنه عقول ضعفاء الوطنية، وعديمي الإنسانية، ومن يمتازون بالأنانية.
يعيش الإرهاب أينما وُجد الجهل والفوضى والفقر، ويتغذى على الصراعات السياسية أو الأيديولوجية الدينية.
أصبح اليمن أحد أكبر البلدان التي يُمارس فيها الإرهاب.
اليمن الذي يشهد صراعًا دمويًا بين قوات الرئيس اليمني "عبده ربه منصور هادي"، والتحالف الذي تقوده السعودية من جهة، والحوثيين وقوات الرئيس اليمني السابق "علي عبد الله صالح" من جهة أخرى، يُمارس فيه الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه ويقوده الساسة.
ليس شرطًا في أي عملية إرهابية أن تكون الأداة فيها سيارة مفخخة وينفذها أحد عناصر داعش أو القاعدة، وتستهدف مناطق سكنية ومكتظة بالمدنيين. بل من الممكن استخدام وسائل أخرى تختلف فيها الأساليب؛ لكنها تؤدي نفس الغرض.
واستهداف الأحياء السكنية بشكل عشوائي بالقذائف والغارات الجوية يخلف ضحايا مدنيين، ويدمر منازل ومنشآت، ويشرد عددًا كبير من الأبرياء، أليس هذا إرهاب؟
زراعة الألغام بشكل عشوائي ونصب القناصة في المناطق السكنية، واستهداف المدنيين، أليس هذا إرهاب؟
حين يُشرَد أكثر من ثلاثة ملايين يمني؛ بسبب الحرب التي يتزعمها القادة السياسيين في البلاد، وتدمر منازل الأبرياء، ويجوع نحو 80 في المائة؛ بسبب الحرب أليس قادة الحرب قيادات إرهابية في هذه الحالة؟
في المناطق التي يسيطر عليها أطراف النزاع "الحوثيون والرئيس هادي" يُسجن الكثير خارج نطاق القانون، ويحتجزون في معتقلات من دون عرضهم على السلطات القضائية، وعدم عرضهم على السلطات القضائية له أسباب:
- أن القوانين في اليمن تسمح بحرية الرأي والتعبير. وبعض المحتجزين دخلوا إلى السجون بسبب حرية التعبير أو حرية الانتماء السياسي. أليس هذا إرهاب؟
الكارثة أن الجريمة لها أنصار من فئة السياسيين والإعلاميين. فور أن يرتكب طرف جريمة، تجد من يروج أن المجرم بطل، وأن الجريمة انتصار ويخفون الضحية بل وينكرون وجودها. أي مصالح وأي مال هذا الذي يجعلك تفقد إنسانيتك هكذا؟
أليس هؤلاء أنصار للإرهاب؟
من خلال تجولي بين المحافظات اليمنية التقيت مقاتلين من طرفي الصراع، سألت أحدهم وبكل بساطة: لم تحمل السلاح، ومن تقاتل؟
كانت إجابة الحوثي المسلح "أنا أجاهد في سبيل الله ضد الدواعش".
وفي إحدى المناطق التي تسيطر عليها قوات الرئيس هادي، سألت أحد المسلحين نفس السؤال فكانت إجابته "أجاهد في سبيل الله ضد الروافض".
وكلا الطرفين يستخدم التكبيرات خلال المعارك.
حين تحقن عقول المقاتلين بالسموم الطائفية، تكون العواقب مدمرة، ويمتد أثرها على المدى الطويل. السموم الطائفية لم تُصنع في اليمن؛ بل قوى الإقليم المتصارعة دينيًا زوّدت بها الساسة وهم من حقنوا.
المجتمع اليمني مكوناته زيدية وشافعية. وهي مناهج متقاربة تقاربًا كبيرًا. لم نكن نشعر بالفرق، ولم نفكر بالتصنيف أو التمييز من قبل. لكن بعض الساسة استخدموا ورقة الطائفية تحت تأثيرات القوى الإقليمية. دخول سلاح الطائفية للحرب هو أشبه بسلاح نووي يدمر المدن، ويُوجد بحيرات الدم، ويستهدف النسيج الاجتماعي، واشعاعاته لا يزول مفعولها من عقول الناس إلا بعد سنوات من العمل الجاد على التوعية والتعايش.
الطائفية سلاح يمتلك نفس قدرات السلاح النووي؛ لكنه ليس مُحرّمًا دوليًا لأن العرب وحدهم من يستخدموه ليدمروا أنفسهم. لذلك، القوى العالمية ترحب بالتناحر العربي تحت التصنيفات الطائفية الذي يُنشِط تجارة السلاح، ويتيح التدخلات الخارجية عسكرياً وسياسياً.
السؤال الصعب الذي أسأل نفسي كل يوم، كيف لنا العيش في بلد يعاني من الإرهاب الذي يتزعمه بعض الساسة، والإرهاب بمنظماته المعروفة كداعش وتنظيم القاعدة؟
ليس مهمًا توقف الحرب بقدر ما هو مهم كيف نتخلص من تبعاتها ومخلفاتها الفكرية، التي رُميت في صناديق تُدعى عقول يمتلكها أشخاص قادرون على القتل ويمتلكون السلاح؟
هذه المخلفات كفيلة بصناعة حروب أخرى مدمرة.