بقلم : القاضي كاظم الزيدي
تقوم دعائم العدل على احترام حقوق كل إنسان وعندما يمثل المرء أمام القاضي متهمًا بارتكاب فعل جنائي فيجب أن يُعامل معاملة إنسانية وأن لا تنتهك حقوقه الأساسية، وتوجد بضعة حقوق تهدف إلى حماية أي شخص يجري التحقيق معه ومنها افتراض البراءة وحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللا إنسانية أو المهينة، وأن يعرض على وجه السرعة أمام القضاء.
وحيث إن المتهم يفقد حريته في مرحلة التوقيف فلابد من توفير ضمانات له تمكنه من الدفاع عن نفسه، حيث أن المتهم الذي يشتبه بارتكابه جريمة ألا أنه قبل كل شيء إنسان له حقوق يجب أن تصان من خلال المعاملة الدقيقة بين اقتضاء حق الدولة في العقاب لحماية المجتمع وبين صيانة حقوق المتهم كإنسان، وأهم هذه الحقوق الحق في الحرية والحق في الدفاع والحق في الكرامة.
وقد نص الدستور العراقي بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، ولا يحاكم المتهم عن التهمة ذاتها ولا يجوز توقيف أي متهم إلا بقرار من القضاء، وعلى قاضي التحقيق أن يستجوب المتهم خلال أربع وعشرين ساعة من حضوره بعد التثبت من شخصيته وإحاطته علمًا بالجريمة المنسوبة إليه.
وتؤكد أنظمة الإجراءات الجزائية على أهمية عدم التعدي على الحريات الشخصية بغير موجب وقد أجاز المشرع العراقي إطلاق سراح المتهم في حالة القبض عليه إذا كان هناك جوازًا قانونيًا ولا يجوز أن تزيد مدد التوقيف على ربع الحد الأقصى للعقوبة ولا يزيد بأي حال من الأحوال على ستة أشهر ويجب عرض الأوراق التحقيقية على محكمة الجنايات لاستحصال الإذن بتمديد الموقوفية، ومن حق المتهم الموقوف الاتصال بأسرته وذويه، كما أن اتصال الموقوف بأهله أن يوفر حق الدفاع عنه وكذلك من حقه في توكيل محام وانتداب محام عنه في حالة عدم توكيل محام، وتتحمل خزينة الدولة أجور المحاماة ويجب أن يتم توقيف المتهم في الأماكن المخصصة للتوقيف ولا يجوز إيداعه في مكان آخر، وحق المتهم الموقوف في تلقي الزيارات وكذلك أن من حقوق المتهم الموقوف تلقي العلاج ويجب توفير الرعاية الصحية دون مقابل ويجب نقل المتهم الموقوف إلى مستشفى في حالة تعرضه لعارض صحي يستوجب نقله إلى المستشفى، ويجب التأكيد على سرعة إنجاز التحقيق في قضايا الموقوفين وإحالتها إلى المحكمة المختصة في حالة كون الإدلة المتوفرة تكفي للإحالة.
ولم يضع المشرع العراقي تعريفًا للتوقيف وإنما اكتفى بإيراد قواعد تعالج التوقيف في قانون أصول المحاكمات الجزائية فالتوقيف هو سلب حرية المتهم مدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق فهو إجراء من إجراءات التحقيق غايته ضمان وضع المتهم في التوقيف خشية هروبه وتأثيره على سير التحقيق.
إن مرحلة التوقيف تنصب على المتهم ويكمن جوهرها في سلب حريته لفترة من الزمن قابلة للتجديد، وهو يختلف عن سلب الحرية كعقوبة ويهدف إلى حماية المجتمع من عودة المتهم إلى ارتكاب جرائم أخرى كما يهدف إلى المحافظة على أدلة الجريمة من محاولة إخفائها إذا أطلق سراحه.