انتفاضة القبور

انتفاضة القبور

انتفاضة القبور

 عمان اليوم -

انتفاضة القبور

بقلم - حسن البصري

في الوقت الذي كان مئات المواطنين ينتظرون خروج جثمان اللاعب الدولي السابق عبد المجيد ظلمي من عمارة المارشال أمزيان، كان بعض الرياضيين ينتظرون فرصة الوداع الأخير للنجم الراحل على مقربة من المقر المركزي للحزب الاشتراكي الموحد بنفس العمارة.

تبين لمناضلي الحزب أن الرياضة تملك قوة استقطاب خيالية، اقتنعوا أن للكرة جاذبية تفوق خطبهم، بعد أن أصبحت كل طرق الدار البيضاء تؤدي إلى زنقة أكادير. في ساحة الانتظار وقف عضو في الحزب متأملا المشهد، وقال بنبرة واثقة:

– “حضرت مراسيم دفن عبد الرحيم بوعبيد والفقيه البصري وعبد الله باها، لكن جنازة هذا اللاعب تبدو الأكثر شعبية”. قبل أن يستدرك وهو يستحضر جنازة بائع السمك محسن فكري.
-“جنازة فكري كانت حاشدة ليس لشعبية الفقيد بل لبشاعة موته”.

اخترق رجاوي بلغ من الكبر عتيا مجال النقاش، وأكد أن أكبر جنازة من حيث الحشد الجماهيري هي جنازة اللاعب مصطفى بيتشو، قبل أن يستأنف ودادي الحكم ويصر على أن جنازة الرئيس السابق عبد الرزاق هي أكبر المواكب الجنائزية لمسؤول كرة في المغرب.

اشتعل النقاش بين الرجاويين والوداديين قبيل دفن جثمان ظلمي، وتبين أن السجال بين الغريمين يشمل الأحياء والأموات، احتج ودادي على الميز الجنائزي وبدا وكأنه يدعو إلى المساواة في تشييع الجثامين، مستشهدا بجنازة اللاعب الودادي نايت أحبيب الذي توفي قبل عشرة أيام وانطبق عليه القول الغيواني، في قصيدة “السيف البتار”:
“مات المسكين يا حبابي حتى واحد ما مشى معه”.

أنهى خروج جنازة ظلمي من البيت الجدل، وضاع المجادلون وسط الحشود، لكن المواكب الجنائزية تكبر أو تصغر بمشيئة المخزن أيضا، فحين توفي لحسن الدليمي والد الجنيرال أحمد الدليمي تقرر أن يدفن في الجديدة وليس في سيدي قاسم، لم يسر خلف جثمانه إلى مقبرة سيدي بوافي إلا نفر قليل من الناس الذين يحتفظون بفضله عليهم، رغم أنه كان يوصي بدفنه قرب ضريح سيدي قاسم بوعسرية.

كثير من المواكب الجنائزية التي أريد لها أن تخضع لنظام “الوي كلو”، وأخرى أجريت بشبابيك مغلقة، واستنفرت السلطات قواتها الأمنية لتدبير الحشود، ومنحت للصحافيين الذين يقومون بتغطية مراسيم الدفن والتأبين “بادجات” خاصة تمكنهم من النقل المباشر للحدث الأليم.

في مقبرة الشهداء بالدار البيضاء، وحين كان علية القوم يصلون صلاة الجنازة على الراحل عبد المجيد ظلمي، سمع صوت نشاز ظل يتسلل بين القبور، يعلن بطلان صلاة حسبان رئيس الرجاء البيضاوي، لم تحترم كتائب بودريقة حرمة المقبرة وجلالة الحدث وأصرت على أن يشهد الموتى على صراع الرجاويين، وأن يعلن الرئيس استقالته بين الأموات قبل الأحياء.

سخر الحاضرون من رجاويين يؤدون صلاة الجنازة على الراحل ظلمي وهم يمنون النفس بوجود حسبان في الصندوق، وبعد انتهاء مراسيم الدفن أصروا على دفن جثمان الرئيس وأعلنوا استعدادهم لهدر دمه أمام استغراب الجميع. لا أحد من المشجعين كان يستغفر للميت ويسأل الله له التثبيت عند السؤال، فقد انخرطوا في الركض خلف رئيس رفض أن يموت رياضيا.

غادر المشيعون مقبرة الشهداء، وفي حفل التأبين مساء نفس اليوم، كانت غارة مقبرة الشهداء حاضرة في موائد العزاء، بل إن المقرئ أصر على أن يلفت النظر لما حصل وهو يقول إن للموت جلالها وإن الله يختارنا إلى جواره واحدا إثر آخر. “لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون”. وأن الحساب الأكبر سيكون يوم القيامة وليس في جمع عام استثنائي. حينها همس أحدهم في أذن رفيقه: “لا يعقل أن يحضر “مسمعون” وداديون في تأبين لاعب رجاوي، هذه مؤامرة”.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتفاضة القبور انتفاضة القبور



GMT 12:18 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

فريق لكل وزير

GMT 12:43 2018 السبت ,29 أيلول / سبتمبر

ملاعب منسية

GMT 12:21 2018 الخميس ,23 آب / أغسطس

سونارجيس

GMT 12:54 2018 الخميس ,31 أيار / مايو

على مسؤوليتي فتاوى على سبيل الاستئناس

GMT 09:00 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

على مسؤوليتي المفتش كرومبو

أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 15:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 عمان اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 06:35 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab